يخطئ من يظن أن من يقف مع الشعب العراقي في تصديه للغزو الذي يتعرض له وطنه، ويخوض كل هذه المقاومة الشرسة إنما يدافع عن النظام العراقي..
وإذا كان العراقيون يتصدون للأمريكيين والبريطانيين وبالصورة التي يتابعها العالم بإعجاب وتقدير فإنما هذا واجب الشعوب الحية التي لا تقبل الغزو ولا الاحتلال حتى وإن كان الهدف التخلص من نظام لم يترك له صديقاً، وإنما اجتهد في إضافة أعداء جدد حتى في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها العراق شعباً ووطناً أثبت من جديد عدم جدارته لحكم العراق، بلد الحضارة والتاريخ والرجولة، ومع أنه يبدو للوهلة الأولى أن التعاطف مع العراقيين يوحي بأنه دفاع عن النظام لاختلاط الأهداف والعواطف ولوجود قناعة بأن إسقاط النظام من قبل أي قوات غازية أياً كانت أهدافها، لا بد أن يصنع فوضى واقتتالاً بين أبناء الشعب الواحد ويتيح الفرصة لتنفيذ أعمال انتقامية، ولذلك كان الخيرون يسعون قبل بدء الحرب وأثناءها إلى وقفها وحل المشكلة سلمياً، وقدمت دول وشخصيات عربية ودولية مقترحات كان يفترض أن تناقش بهدوء وروية وتؤخذ بما يتناسب مع الحالة الخطيرة التي يمر بها العراق.
وإذا كان الأمريكون والبريطانيون قد رفضوا أي حديث عن استبعاد الحرب لتحقيق أهدافهم التي لا تتوقف عند العراق، فإنهم ردوا على اقتراحات استبعاد الحرب ومن ثم وقفها بلغة واضحة، وبعبارات تقال في مثل هذه المناسبات دون الخروج على المألوف وبكلمات لا تخرج عن لغة التخاطب التي يستعملها المتحاورون حتى وإن كان بينهم عداء.. في حين كالعادة شط المسؤولون العراقيون وذهبوا في ردودهم إلى استعمال الكلمات البذيئة التي لا تخدم الشعب العراقي في محنته ولا تخدمهم شخصياً، بل العكس من ذلك تعريهم وتكشف آخر الأوراق التي تغطي عوراتهم التي حاول المتعاطفون مع الشعب العراقي تناسيها أو تجاهلها لحين تجاوُز العراقيين محنتهم.
بماذا نفسر بذاءة طه ياسين الجزراوي وهو يوجه الإساءة للأمير سعود الفيصل الذي سعى وما زال يسعى ضمن جهد القيادة السعودية في تجنيب الشعب العراقي الآلام والمآسى التي يتعرض لها؟!
وبماذا نفسر قول الجزراوي بأنه يتمنى أن يكون الأمير سعود الفيصل غير عربي..!!
هل نسي الجزراوي بأنه ليس عربياً أصلاً.. وهل يتوقع أن ينسى العراقيون والعرب أنه غير محدد القومية بعد أن انسلخ من «كرديته» لأنه من فئة من الأكراد المنبوذين من الأكراد أنفسهم الذين لا يعتبرونهم منهم، فالجزراوي ينحدر من فئة «الفيلية» التي يقول الأكراد إنهم خليط من منبوذي الكرد والعجم.
هؤلاء الدخلاء الذين دفعت بهم الظروف الشاذة إلى واجهة الحكم في العراق هم سبب الويلات والآلام التي تحيط بالشعب العراقي.
وحتى صمود العراقيين وبسالتهم في التصدي للغزو يحاولون أن يسرقوها بالظهور على شاشات التلفزيون موجهين البذاءات والإساءات للآخرين.. معتبرين أنفسهم وحدهم الأبطال في حين يختبئون في الملاجىء تاركين المهمة لأبناء العشائر العرب الأقحاح.
| 
