الحرب المشروعة حسبما تقتضيه مقاصد الشريعة الإسلامية والقانون الدولي هي حماية الضرورات الخمس وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، وحفظ المال، وحصرها في هذه الضرورات الخمس ثابت بالنظر للواقع وعادات الملل والشرائع والاستقراء.
ويدخل في هذا المفهوم المحافظة على الوطن الذي يضم هذه الضرورات الخمس بالدفاع المشروع.
والحرب المشروعة بهذا التعريف هي الحرب العادلة لأن العدل يقتضي المحافظة على هذه الضرورات الخمس وحمايتها والدفاع عنها فهي حرب دفاعية وليست عدوانية.
أما الحرب غير المشروعة فهي حرب الاعتداء على هذه الضرورات الخمس بدون مبرر وبدون عدل أوقانون وتخالف الشرعية الدولية.
وإذا أردنا أن نأخذ مثالاً على ذلك نجد أن الاعتداء والغزو على العراق من قبل قوات التحالف الأمريكية والبريطانية وهما عضوان في مجلس الأمن الدائمين ومن يساندهما هي حرب غير مشروعة هي اعتداء.
فبعد فشل المفاوضات الدبلوماسية في مجلس الأمن بهيئة الأمم المتحدة لجأت الدول المتحالفة إلى استخدام القوة العسكرية ولغة السلاح ضد العراق وهي عضو مؤسس من أعضاء هيئة الأمم المتحدة بحجة نزع سلاح الدمار الشامل وأهداف أخرى بعهضها معلن وبعضها غير معلن مخالفة في ذلك الشرعية الدولية والقانون الدولي وهي بذلك حرب مصالح اقتصادية وسياسية.
فدول التحالف المعتدية تقول أنها تعتمد في ذلك على قرارات الأمم المتحدة الخاصة بنزع السلاح العراقي للدمار الشامل.
وهذا التفسير لا تقرهم عليه بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدائمين وهم فرنسا وروسيا والصين يساندهم في هذا الرأي ألمانيا وبقية الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن فهذه الدول تؤيد الاستمرار في المفاوضات السلمية مع العراق واستمرار التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل التي لم تنته فرق التفيش المكلفة من مجلس الأمن منها واستمرار المفاوضات.
بدلاً من استخدام القوة العسكرية وشن الحملة العسكرية على العراق بدون مبرر إلا المصالح وهي تعتبر أن هذه الحرب والحملة العسكرية على العراق من قبل قوات التحالف حرب غير مشروعة وغير مبررة وغير عادلة وتستند في ذلك على ميثاق هيئة الأمم المتحدة وأن من مهام مجلس الأمن المحافظة على الأمن والسلام العالمي أي أن الأغلبية لا تؤيد الحرب على العراق الأمر الذي سوف لا يتفق مع ميثاق الأمم المتحدة الذي عقد بعد أنتهاء الحرب العالمية الثانية للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين كما أنه يخالف المباديء والعادات والأخلاق الانسانية وان ماذهبت إليه دول التحالف هو نوع من شريعة الغاب بتغليب القوة العسكرية على الدبلوماسية والقانون الدولي، والمواثيق الدولية والمساعي السلمية.
وهذا المنحى التاريخي في العلاقات الدولية يخالف ما أجمعت عليه هيئة الأمم المتحدة وأغراض مجلس الأمن الدولي لحفظ الأمن والسلام ويؤدي إلى تغلب المصلحة الاقتصادية والنفطية على التراث الانساني الذي أنجزته الأمم بعد إنشاء هيئة الأمم المتحدة هذا الصرح العالمي الذي تجمع فيه مختلف الدول خلال أكثر من 58 سنة مضت وهي المنجزات الحضارية للانسانية في التاريخ للعلاقات الدبلوماسية والدولية.
وهذا الوضع الجديد في العالم سيؤدي إلى أن تلجأ الدول النامية إلى بناء القوات العسكرية للدفاع عن نفسها على حساب برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية بحكم تحالف رجال السياسة في جدل التحالف مع صناع السلاح ودعاة الحرب، والحروب لاتنشأ إلا من الدول الطاغية أو المتخلفة لأسباب اقتصادية للسيطرة على الموارد الطبيعية وسيتوقف على نتائج هذه الحملة تعديل في العلاقات الدولية أو عودة إلي الحق وميثاق هيئة الأمم المتحدة وهذا ما ترجوه وتدعو له الدول المحبة للسلام.
والحمد لله فموقف المملكة العربية السعودية واضح من هذه الحرب غير المشروعة باعتبارها اعتداء في نبذها ولم نشارك فيها بعكس حرب تحرير الكويت عام 1991م لأنها وقعت ظلماً من طرف العراق على دولة الكويت فقامت المملكة آنذاك بواجب المشاركة في تحرير الكويت وهي حرب مشروعة من جانب الدول الحلفاء آنذاك لأنها صدر بها قرار من مجلس الأمن بينما أن المملكة لم تر أن هذه الحرب على العراق حرب مشروعه وتدعو إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1441 من حيث نزع سلاح الدمار الشامل بالطرق السلمية وليس بقوة السلاح وهي تتفق في ذلك مع أغلبية الدول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة معتمدة في ذلك على ميثاق هيئة الأمم المتحدة وقرارات قمة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومؤتمر دول عدم الانحياز وتتمنى أن تتوقف وتنتهي هذه الحرب سريعاً بأقل الخسائر بدون اضرار بالشعب العراقي والمصالح العربية مع المحافظة على حقوق دولة الكويت في الاستقلال والحقوق الأخرى المشروعة فقد أصدر اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير بياناً يدعو إلى وقف الحرب والانسحاب والدعوة إلى مجلس الأمن والجمعية العمومية للاجتماع للنظر في القضية.
إن المجتمع الدولي في حاجة إلى تغليب الحكمة والعقل والسعي لدى مجلس الأمن لوقف الحرب بين الطرفين وتطبيق الشرعية الدولية والمباديء والأخلاق الإنسانية في العلاقات الدولية وتطبيق مبدأ نزع أسلحة الدمار الشامل على الدول جميعاً في المنطقة وليس على العراق فقط ليتجه الجميع للتنمية والعلاقات السلمية.
|