Friday 4th april,2003 11145العدد الجمعة 2 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رؤية استشرافية للوضع الاقتصادي في ظل الأزمات رؤية استشرافية للوضع الاقتصادي في ظل الأزمات
د. زيد بن محمد الرماني (*)

في البداية أود الاشارة الى شيء من الفذلكة التاريخية إذ لو استنطقنا التاريخ القديم والحديث عن حال المجتمعات في ظل الأزمات المختلفة، لوقفنا على ملامح رئيسية في الموضوع، إذ الناس والمجتمعات في عهود الأزمات تختلف نظرتهم الاقتصادية ومنهجهم الانفاقي وتصوراتهم الادخارية والاستثمارية وأسلوبهم في الحياة، وهذا أمر طبيعي.
إن مفهوم الأزمة - في اعتقادي - واسع يشمل الجوع والمجاعة والجدب والقحط والغزو والحرب والكساد والركود والحصار والمقاطعة، وما له صلة بذلك.
ثم إن للناس في حال الأزمات مواقف عديدة قبل الأزمة وأثناءها وبعدها.
قبل الأزمة فإن الترقب والانتظار والإشاعات والأخبار هواجس غائرة الأثر في دواخل النفس وأعماق الذات تولد مشاعر متناقضة من الطمأنينة والخوف والهدوء والتوتر والسكينة والقلق.
وأثناء الأزمة، فإن المجتمع يعاني غالباً من ارتفاع في الأسعار، وانخفاض في المواد الغذائية، واضطراب في الأسواق وانكماش في المشاريع وزيادة في الطلب على المستلزمات المعيشية وتدهور في القوة الشرائية للنقود وحرص على التوفير والادخار وضعف الانتاجية وتقنين الاستهلاك وركود في الأراضي والعقارات وتوقف الاستثمارات.. هذه بعض آثار الأزمات وبعض افرازاتها في الجانب الاقتصادي.
وفي الجانب الاجتماعي والنفسي فإن هناك آثاراً مختلفة تتمثل في شيوع الاشاعات وانتشار القصص الوهمية والخزعبلات والانطواء والسلبية والانكفاء على الذات والخوف والقلق والضغط النفسي.
ثم إن كثرة حالات السرقة وتخريب الممتلكات والاستغلال والفساد، بعض من آثار الأزمات على المستوى الأمني.
ولذا، فبعد الأزمة فإن الجهود تتركز على استقرار الأسعار وعودة الحياة الاقتصادية الى طبيعتها مع سياسات تقشفية نوعاً ما.
ختاماً أقول: إنه ما من أزمة من أي نوع، إلا وتخلّف العديد من الآثار والسلبيات والافرازات، ليس على مستوى الأجيال الحالية فحسب، بل على مستوى الأجيال القادمة.
وبنظرة تاريخية قريبة، عام 1991م الذي يشير الى أحداث العراق - الكويت وما نتج عنها.
فبعد أكثر من اثنتي عشرة سنة، دعونا نقرأ لغة الأرقام والاحصاءات.
كم هي حالات المديونية للدول الاسلامية، وكم هي حالات عجز الموازين التجارية، وموازين المدفوعات في الدول الاسلامية، وكم هي حالات التشرد والهجرة لشعوب العالم الاسلامي، وكم هي حالات الفقر والعوز والجوع وسوء التغذية، وكم هم الذين أضيروا صحياً واجتماعياً ونفسيا واقتصاديا من جراء تلك الأزمة.
إنها مأساة تعجز عن تبيان حقيقتها أي لغة رقمية أو احصائية.
ويبقى دور المصلحين والمربين في اشاعة الوعي وحسن التعامل مع الأزمات والتأقلم مع مستجداتها دون هرولة غير مجدية أو نهم غير مبرر أو جشع فاحش.
فلقد عانت المجتمعات من أزمات عديدة ونكبات كثيرة، ولا شك أن العاقبة للمتقين، فالنصر قادم والفرج قريب، ولنعلم حقيقة قرآنية خالدة وردت في قوله سبحانه {إنَّ اللّهّ لا يٍغّيٌَرٍ مّا بٌقّوًمُ حّتَّى" يٍغّيٌَرٍوا مّا بٌأّنفٍسٌهٌمً}.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved