Friday 4th april,2003 11145العدد الجمعة 2 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تكثيف القصف الجوي لتشتيت القوات العراقية ومنعها من تنشيط المضادات الأرضية تكثيف القصف الجوي لتشتيت القوات العراقية ومنعها من تنشيط المضادات الأرضية
الحرب تدخل أسبوعاً حاسماً وتزايد المخاوف على حياة المدنيين

  * القاهرة - بغداد - أ.ش.أ:
دخل الغزو الأمريكي / البريطاني على العراق أمس الخميس أسبوعه الثالث وسط مؤشرات قوية على ان الحرب بدأت في مرحلة حاسمة باندلاع المعارك البرية مع تردد أنباء أمريكية بريطانية عن أن القوات الأمريكية والبريطانية أصبحت على بعد 25 كيلومترا من بغداد وممارستها ضغوطا مكثفة على قوات الحرس الجمهوري العراقي التي تتولى حماية العاصمة بغداد.
ومع دخول العدوان الأسبوع الثالث وتزايد المخاوف من طول أمد الحرب ورغبة القوات الأمريكية والبريطانية في حسمها مبكرا أظهر تطور المعارك وسير الحرب أن القوات الغازية ستعتمد استراتيجية جديدة في الأيام المقبلة بدأت تتضح ملامحها خلال اليومين الماضيين.
وستعتمد تلك الاستراتيجية على تكثيف القصف الجوي لتشتيت القوات العراقية ومنعها من تنشيط المضادات الأرضية وتركيز مهام مشاة البحرية الأمريكية المارينز على القضاء على فرقة الحرس الجمهوري المعروفة باسم بغداد والمتمركزة عند الكوت جنوبي العاصمة العراقية فيما تتعامل الفرقة الثالثة مشاة مع فرقة المدينة أقوى فرق الحرس الجمهوري في بغداد.
وقد ظهرت ملامح تلك الاستراتيجية الجديدة أمس الأول مع بدء الحرب البرية بدخول الفرقة الثالثة مشاة في اشتباك شرس لأول مرة منذ اندلاع الحرب في 20 مارس الماضى مع فرق الحرس الجمهوري المتمركزة قرب مدينتي النجف وكربلاء جنوبي العراق وهي معارك وصفت بالضارية.
وساهم سير المعارك أمس وأمس الأول وسقوط المزيد من الضحايا بين المدنيين في تزايد المخاوف في الأوساط العالمية بشأن حياة المدنيين العراقيين حيث بدأت القوات الانجلو /أمريكية في تدمير كل ما يعترضها من دون تمييز بين المدني والعسكري وظهر ذلك جليا في قصف مستشفى ولادة تابع للصليب الأحمر العراقي ومعرض ومبانٍ سكنية في بغداد ومساجد في كربلاء ومزرعة واطلاق النار على سيارة تقل مدنيين مما خلَّف عشرات الشهداء ومئات المصابين.
وتزايدت صعوبة تجنب الخسائر بين صفوف المدنيين العراقيين بعد أن دخلت الحرب مرحلة صعبة وتقدم القوات الى مناطق مكتظة بالسكان الى جانب رغبة القوات الأمريكية والبريطانية في أن يكون تقدمها صوب بغداد والسيطرة عليها سريعا مما يعني الحاق خسائر جسيمة بالمدنيين.. ويدعم ذلك موافقة لجنتين بمجلسي الشيوخ والنواب على طلب الرئيس الأمريكي جورج بوش باعتماد 75 مليار دولار لتمويل الحرب في العراق.
وتأتي جولة وزير الخارجية الأمريكي التي بدأها بتركيا في هذا الاطار حيث تسعى أمريكا بعد ان وجدت مقاومة عنيفة في الجنوب الى تخفيف الضغط من على الجبهة الجنوبية بفتح الجبهة الشمالية وحصل باول على موافقة أنقرة باستخدام اراضيها لنقل امدادت ومؤن ومواد اغاثة.
وفيما تسابق القوات الأمريكية والبريطانية الزمن للوصول الى بغداد والسيطرة عليها مهما كان الثمن أطلقت منظمة الصحة العالمية وعدد من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة تحذيرات من خطورة انتشار الأوبئة وعلى رأسها الكوليرا والأمراض الصدرية الحادة نتيجة سوء الحالة الصحية في العراق من جراء استمرار العمليات العسكرية ضد شعب العراق.
وكشف تقرير لوكالات الأمم المتحدة عن القلق من انتشار هذه الأوبئة خاصة بين الطبقات الفقيرة من أبناء الشعب العراقي.. فيما يتساقط المئات من الضحايا أطفالا ونساء وشيوخا -لا ناقة لهم في الحرب ولا جمل - وتحولوا الى وقود للحرب يدفعون الثمن لتكنولوجيا الغزاة في الحرب الشرسة التي لم يشهدها التاريخ البشري بأكمله.
من جانبها طالبت منظمة العفو الدولية باجراء تحقيق محايد ونزيه بشأن ضحايا العراق ونشر مراقبين لحقوق الانسان في أقرب وقت ممكن.. غير انه مع تصاعد شراسة الحرب لم تظهر أية دلائل عملية تشير الى امكان اجراء هذا التحقيق أو الاهتمام بمصير الضحايا المدنيين.
ونددت المنظمة في بيان لها بانتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبتها الولايات المتحدة وبريطانيا خلال الأسبوعين الأولين للحرب على العراق وأعربت عن اسفها لتزايد عدد الضحايا المدنيين يوما بعد يوم على أيدى الجنود والقذائف الأمريكية التي تنتهك حقوق الانسان بعدم تمييزها بين العسكريين والمدنيين.
واستنكرت الاعتداء الذي استهدف سيارة تقل مدنيين عراقيين قرب النجف يوم الثلاثاء مما نجم عنه مقتل سبع من النساء والأطفال برصاص الجنود الأمريكيين وكذلك قصف سوقين شعبيين في بغداد قتل خلالهما أكثر من 70 عراقيا.
من ناحيتها عبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن بالغ قلقها للظروف الحياتية التي يحياها المواطنون في عدد من المدن العراقية من بينها النجف وكربلاء والناصرية التي تعاني نقصاً حاداً في امدادات المياه.. وأبدت اللجنة دهشتها من سلوك سكان بغداد الذين باتوا يعتبرون القصف أمرا مسلما به إذ يغامرون بالخروج في الهواء الطلق.. حتى الحافلات الحمراء ذات الطابقين التي تستخدم كوسيلة نقل عام استأنفت عملها على بعض الطرقات في المدينة.
وأعرب مكتب الدعم الاقليمي للاعلام التابع للجنة الدولية للصليب الأحمر عن قلقه البالغ بشأن الوضع في النجف وكربلاء والناصرية بسبب القتال العنيف الذي يعوق قدرة المنظمات الانسانية من تقديم المساعدات أو التوجه اليها مشيرا الى ان وضع المياه حرج في كثير من الجهات.
وعلى صعيد العمليات العسكرية فقد اتسمت المعارك والاشتباكات أمس وأمس الأول بالضراوة ولم تفرق القوات الأمريكية والبريطانية بين المدنيين والعسكريين.
واستمر انهمار القذائف كالمطر على العاصمة بغداد والموصل والكوت وكربلاء والبصرة في موجات قصف متتالية نفذتها قاذفات بي 1 و بي 2 و بي 52 واستهدفت مقرين رئاسيين ووزارة الاعلام ومزرعة ومستشفى ومساجد ومباني سكنية مما خلف عشرات الشهداء ومئات المصابين والجرحى.
كما دارت معارك برية شرسة حول كركوك والنجف والناصرية والبصرة جنوب العاصمة بغداد وقال متحدث أمريكي انه تم تدمير فرقة بغداد التابعة للحرس الجمهوري وهو ما نفاه وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف.
وفي الوقت الذي تدور رحى الحرب المستعرة في كل أنحاء العراق تدور رحى حرب أخرى لا تقل ضراوة وهي الحرب الاعلامية والنفسية التي تهدف الى النيل من معنويات الطرف الأخر والتأثير على الحالة المعنوية للجيش والشعب العراقي.
وكان يوم أمس وأمس الأول متخما بالتصريحات المتناقضة بين الجانبين الأمريكي والبريطاني من جهة والعراقي من جهة أخرى وفيما يؤكد قادة أمريكيون وبريطانيون ان القوات باتت على بعد 25 كيلومترا من بغداد وانها دمرت فرقة بغداد للحرس الجمهوري في جنوب العراق وان قوات أمريكية عبرت نهر دجلة نفى وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف كل ذلك بشدة وأكد ان تلك القوات لم تدخل النجف وطردتها القوات العراقية الى الصحراء.
وأضاف الصحاف ان القوات العراقية ددمرت دبابات وآليات عسكرية ومدرعات في مختلف أنحاء البلاد مما يعكس حجم المقاومة العراقية.
وقد أذاع التليفزيون العراقي أمس الأول صورا للرئيس العراقي صدام حسين مجتمعا مع عدد من كبار مساعديه في اليوم 14 من الحرب على العراق.. وظهر وهو يرتدي الملابس العسكرية ويتحدث مع عدد من مساعديه في اجتماع وصف بانه مجلس الوزراء المصغر للحرب.
وكذب المراسل العسكري لشبكة سي إن إن الاخبارية الأمريكية ماسبق ان ذكرته التقارير الصحفية والتي أفادت بقيام فدائيي صدام باستخدام مسجد الامام علي في النجف لشن هجمات من داخله على القوات الأمريكية.
وقال ان مايؤكده قادة الميدان يتناقض كلية مع ذلك وماحدث هو ان الفدائيين احتموا بالمسجد خلال المعركة التي تمت منذ يومين في النجف ثم فروا منه الى مبنى مجاور لشن هجماتهم على القوات الأمريكية.
وقد شهد اليومان الماضيان لغطا حول مستقبل عراق ما بعد صدام حسين والحكومة التي ستتولى ادراته مع سعي الولايات المتحدة الى التفرد بادارة العراق والتأكيد على عدم تركه للأمم المتحدة أو أطراف أخرى لادارته0
وفي محاولة لطمأنة الشعب العراقي أكد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني ان عراق ما بعد صدام يجب ان يحكمها ويديرها العراقيون وحدهم وليس القوات الأمريكية البريطانية أو حتى الأمم المتحدة.
إلا أن بلير أشار في نفس الوقت الى أنه في المرحلة التي ستعقب الحرب فانه من المتوقع ان تكون هناك ادارة عسكرية مؤقتة لاتلبث ان تقوم بتسليم مهامها الى ادارة مدنية عراقية في جوهرها حسب قوله.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved