Friday 4th april,2003 11145العدد الجمعة 2 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

زيارة المتنبي زيارة المتنبي

كانت النفس تغرق في التمني وتعيش هاجسه. حلم سوف لن يخرج عن هذه الدائرة لأنه يبقى في الخيال. استسلم للحقيقة وشعر بعجز المنال. اطلق العنان للأحلام في محاولة لإرضاء الشوق والحنين الذي غمره عن تلك الشخصية المؤثرة. سمّر بصره إلى صورتها المعلقة في غرفته وراح يتفحصها بدقة. إنها ترمز إلى الشموخ والعنفوان. أجهد نظره في التدقيق وبدأ يتسرب إليه الكسل مع الوقت، فأطبق عليه النعاس فسلم جسده للسكون. طرق أذنيه صوت جهوري يدعوه أين أنت؟ بحث عن مصدر الصوت ثم صوّب بصره إلى نحو الباب عندها بزغ أمامه بكل هيئته عمامة خضراء مطرزة بخيوط ذهبية في وسطها فص من الزمرد وبردة زرقاء موشحة بخيوط فضية وسيف بتار، ربط بحزام جلدي إلى جنبه الأيمن. شعر بالخوف والرهبة لكنه استجمع قواه وخرجت منه كلمة الترحيب متثاقلة.. أبا الطيب يا مرحبا لقد دعوتني وها أنا لبيت الدعوة.. حقاً إنني مشتاق إلى لقياك ولكني على عجلة من أمري.. ذاهب إلى أين؟ إلى العمل هل تصحبني؟ وأين عملك هذا؟ انني معلم فهيا ننطلق إلى المدرسة.. قل لي كيف تعلمت يا أبا الطيب؟ رمقه بنظرة حادة ثم رفع يده وقال:


أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم

دلفا إلى داخل المدرسة وأبوالطيب يرسل بصره في كل اتجاه. توقف عند لوحة كتب عليها شيء من شعره فقال لماذا تضعونه هنا وفي هذا المكان؟ فرد عليه لكي يكون للطلاب نبراسا ومنهجاً في حياتهم. واصل المسير في ممرات المدرسة فقابلهم معلم ذو مظهر أنيق وهندام نظيف وقد حمل بعضاً من الكتب.. فقال من هذا؟ قال هذا معلم اللغة العربية.. حقا أطلب منك ان نحضر أحد دروسه فرد قائلاً سمعا وطاعة يا أبا الطيب. قدم التحية إلى المعلم ثم جلسا في مؤخرة الفصل والابصار تكاد تكون مشدودة إلى هذا الزائر من قبل الطلاب إلا ان المعلم صرفهم إلى الدرس عندما شرع في الشرح الذي ينصب على الشعر وأوزانه. راح المعلم يضرب العديد من الأبيات لبعض الشعراء. التفت إليه أبوالطيب قائلاً:


أصادق نفس المرء من قبل جسمه
وأعرفها في فعله والتكلم
وما كل هاو للجميل بفاعل
ولا كل فعال له بمتمم

اطلب منك ان نخرج حالاً لم أعد احتمل. خرج من الفصل وقد تغير وجهه وبدت عليه علامات الضيق الغيظ والحنق.. ليتني لم أزرك لقد شاهدت وسمعت العجب هذا هو حال زمانك اسمع:


ضاق ذرعاً بأن أضيق به ذرعا
زماني واستكرمتني الكرام

أرجوك أبا الطيب ابق رجاء لا تذهب. امسك بيده بقوة لكي يمنعه من الرحيل ليستيقظ فزعاً على صوت أخيه يخبره عن تأخره عن العمل.
عبدالله سليمان الطليان - الخرج

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved