Thursday 3rd april,2003 11144العدد الخميس 1 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

21-3-1390هـ، 26-5-1970م العدد 295 21-3-1390هـ، 26-5-1970م العدد 295
رأي سياسي
الجزائر وسياسة الحياد مع الماردين..!!

بالاستناد إلى المواقف السياسية الأخيرة التي تلتزمها الجزائر في هذه الأيام يؤكد المراقبون السياسيون أن المسؤولين فيها قرروا أخيرا اعتماد سياسة الاعتدال وعدم الانحياز بعد ان لمسوا ان الدول الكبرى بما فيها الاتحاد السوفياتي تتآمر على الدول العربية وتقف ازاءها موقف عدم الاكتراث واللامبالاة.مرة أخرى، السؤال الملح يطرح نفسه أمام العالم الثالث: ما هو عدم الانحياز بالنسبة إلى الدولة الجزائية بعد ان اعتمد المسؤولون فيها سياسة التطرف والثورية؟!
هنا يشق طريقه الى المناقشة موضوع على جانب كبير من الأهمية تبنته الجزائر، وبدأت أصداؤه تتردد في عدد من الدول الأوروبية وهو موضوع الدعوة الى العمل على حماية منطقة الشرق الأوسط من أخطار صدام دولي.ويرجع اهتمام الرئيس هواري بومدين بموضوع مماثل، الى ان حوض البحر المتوسط أصبح في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد العدوان الاسرائيلي سنة 1967 منطقة تنافس عنيف بين الأسطول السادس الأمريكي والأسطول السوفياتي.
وكان ظهور الأسطول الأمريكي في مياه المتوسط قد بدأ بعد الحرب العالمية الثانية بقصد ملء الفراغ الناجم عن تقلص قوة الامبراطورية البريطانية ثم ما لبثت القوة البحرية الأمريكية في المنطقة ان تزايدت بحيث لم تعد مقتصرة على السفن الحربية التقليدية، بل شملت أيضا حاملات الصواريخ والقذائف النووية واستتبع ذلك تأمين قواعد بحرية ومن ثم العمل على السيطرة على الحوض المتوسط سيطرة كاملة، حتى صار يسمى «البحيرة الأمريكية».
ويقول المراقبون العسكريون، ان ظهور الأسطول السوفياتي في المتوسط قد بدأ جزئيا بعد الاعتداء الثلاثي على مصر سنة 1956م، ثم راح يتحول الى قوة ضخمة بعد العدوان الاسرائيلي على الدول العربية سنة 1967م وزود هو أيضا بقاذفات الصواريخ الموجهة والقذائف النووية.
وعلى الرغم من أن قوة الأسطول السوفياتي الضاربة لا تزال أدنى من قوة الأسطول الأمريكي، إلا ان المراقبين يؤكدون ان الأسطول المشار اليه انهى عمليا الاحتكار الأمريكي للمتوسط كبحيرة أمريكية، عدا ان حسابات السوفيات من ناحية الاستراتيجية القتالية تختلف عن حسابات الأمريكيين.هذا ويؤكد الخبراء الأوروبيون ان تزايد قوة الأساطيل الأجنبية في البحر المتوسط لن يضمن سلامة الشرق الأوسط بقدر ما سيزيد من حدة التوتر فيه.وذكر الرئيس الجزائري هواري بومدين ان البحر المتوسط هو لسكان الحوض المتوسط، وأنه يجب أن يتحول الى «بحر سلام»، لذلك فقد رمى الرئيس الجزائري الى ضرورة انسحاب كل الأساطيل التي لا تنتمي الى دول الحوض المتوسط، ومن ثم اقامة تعاون ايجابي بين بلاد المنطقة.وأكد المراقبون السياسيون، ان عددا كبيرا من الدول الأوروبية وفي مقدمتها فرنسا، تشاطر الرئيس بومدين والرئيس تيتو فكرتهما ويتبناها.ويعتقد الرئيسان بومدين وتيتو ان احتمالات الاحتكاك والاصطدام باتت واضحة بالنسبة إلى سائر الجهات التي تدرك ان الوجود الاسرائيلي العدواني في منطقة الشرق الأوسط هو الذي أوصل الحوض المتوسط الى هذه الحالة، والى هذا المستوى من التوتر الخطر..
ويقول المراقبون كذلك، إنه لم يعد سراً، بأن اسرائيل بعد أن توصلت الى تحقيق أهدافها من حرب الخامس من حزيران بذلت أقصى ما تستطيع من جهود من أجل ان تحول الصراع القائم بينها وبين البلاد العربية الى صراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي.. وحتى قبل حرب حزيران، حرصت إسرائيل من أجل ضمان تأييد الأسطول الأمريكي لها، على ايهام واشنطن بأن أي هزيمة تلحق بها هي في الحقيقة هزيمة لأمريكا، وكان اسحاق رابين وأبا ايبان بعد حرب حزيران يلحان على وجهة نظر واحدة بهدف كسب الرأي العام الأمريكي بالاضافة الى كسب الحكومة الأمريكية فيرددان باستمرار ما معناه:نحن لا نطلب اليكم ارسال أولادكم الى حرب مثل حرب فيتنام، انما نطلب فقط ان تعطونا طائرات وأسلحة من أجل أن نحمي أولادكم.
طبعا.. كانت اسرائيل، بهذا الأسلوب، تلعب لعبة الكبار، أو على الأصح تحقق لعبة الصغار بالكبار.. فقد استطاعت فعلا، أن ترفع من حرارة الحشود العسكرية البحرية في المنطقة، وأن تزيد من حدة التوتر بحيث باتت الظروف المواتية للسلام أقل بكثير من الظروف المواتية للحرب، وعلى نطاق عالمي.
ويستند الرئيس الجزائري بومدين في مواقفه الى واقع يكمن وراءه السؤال التالي: هل للعرب مصلحة ما في وقوع صدام يؤدي الى حرب عالمية ثالثة؟!
إذا وقع الصدام بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي وخرجت دول الشرق سليمة من دمار حرب نووية، فإن ثمة احتمالين الأول أن تكون روسيا هي المنتصرة في الحرب، وفي هذه الحالة، فإن أقصى ما يمكن ان يكسبه العرب هو اعادة اسرائيل الى حدود ما قبل 5 حزيران!!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved