يعد التهاب الأذن الوسطى من أكثر الأمراض شيوعاً لدى الأطفال، وتتنوَّع أسبابها بتنوّع مسببات انسداد قناة استاكيوس، حيث إن انسداد هذه القناة هو العامل الرئيسي لحدوث الالتهاب، لكن كيف يحدث هذا الالتهاب في الأذن الوسطى، وما هي بقية مسبباته وأعراضه وأفضل طرق العلاج .
د . بدر محمد سعيد ولد علي استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الحمادي بالرياض يجيب على هذه التساؤلات، فيقول: ما يزيد على 90% من حالات التهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال تحدث نتيجة لانسداد فوهة قناة استاكيوس، وهذا الانسداد يحدث بدوره نتيجة لعدة عوامل منها الناميات الموجودة بالقناة ذاتها أو التهاب الطرق التنفسية العليا، وما تسببه من وذمة في الغشاء المخاطي، وكذلك الحساسية الأنفية، وفي حالات نادرة يكون أورام البلعوم الأنفي هي المسؤولة عن انسداد قناة استاكيوس، وبالتالي حدوث التهاب الأذن الوسطى.
وعن كيفية حدوث الالتهاب وأعراضه يضيف د. بدر : أن وظيفة قناة استاكيوس هي تأمين دخول الهواء إلى الأذن الوسطى ليتعادل الضغط على جانبي غشاء طبلة الأذن، وفي حالة انسداد القناة لأي سبب من الأسباب السابق ذكرها يمتنع دخول الهواء إلى الأذن الوسطى، ويحدث ضغط سلبي نسبياً في جوف الأذن يتسبب في انسحاب غشاء الطبلة إلى الداخل وبالتالي عدم اهتزاز الغشاء بصورة طبيعية مع الأصوات الواردة إليه، وبالتالي يشتكي الطفل من حس ثقل ونقص في السمع.
وحول أفضل طرق العلاج يقول د. بدر إن العلاج المفيد هو الذي يعالج حدوث الانسداد ، فيتم استئصال الناميات أو علاج التهاب البلعوم والحساسية الأنفية، وهنا تكمن أهمية التشخيص السليم لأسباب حدوث الالتهاب.
ومن الطرق المفيدة والمتبعة في علاج التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال ما يعرف بطريقة «بوليتزر» أو حركة «فالسالفا» وتعتمد على نفخ الهواء في أحد منخري الطفل مع سد المنخر الآخر، ويطلب من المريض ترديد حرف «ك» فيزيد بذلك ضغط الهواء في البلعوم الأنفي وتجبر قناة استاكيوس على الانفتاح.
ويتوقف استشاري أمراض الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى الحمادي بالرياض عند بعض أشكال التهابات الأذن الوسطى عند الأطفال ومنها :
التهابات الأذن الوسطى المصلي لدى الأطفال فيقول :
إذا طال زمن انسداد قناة إستاكيوس : أدى الضغط السلبي في الأذن الوسطى إلى حدوث رشاحة مصلية فيها، وأعراض هذه الالتهابات هي كما في قناة استاكيوس حس ثقل ونقص في السمع، وبالفحص يشاهد غشاء الطبلة في وضعه الطبيعي، أو مندفعاً إلى الخارج مع وجود مادة سائلة، وإذا أهمل هذا النوع من الالتهاب عند الأطفال فقد يتكثف السائل المجتمع في الأذن الوسطى ويصبح غروياً لزجاً يؤدي إلى نقص كبير في السمع.
ومعالجة هذا المرض تكون بمعالجة سبب انسداد قناة استاكيوس، إن أمكن في كثير من الأحيان فيلجأ الطبيب إلى شق غشاء الطبلة وشفط السائل الموجود في الأذن الوسطى، وقد يعمد إلى وضع أنبوبة مفجر صغيرة، بشكل زر القميص، تبقى معلقة في غشاء الطبلة تؤدي إلى تهوية الأذن الوسطى مدة من الزمن تبلغ من 1-3 شهور قبل أن ترفع، ويلتئم غشاء الطبلة بعد ذلك، ويجب أن يعطى الطفل القطرات الأنفية ومضادات الهستامين والاحتقان، وكذلك المضاد الحيوي اللازم.
التهابات الأذن الوسطى القيحي الحاد عند الأطفال :
وهي كثيرة المشاهدة في الأطفال، والجراثيم المسببة للالتهابات هي عادة المكورات العقدية والعنقودية والرئوية وعصيات النزلة الوافدة، وهي أكثر الجراثيم المحدثة لالتهاب الأذن الوسطى الحاد في الأطفال دون الخامسة، أما طريق وصول هذه الجراثيم إلى الأذن الوسطى فهي عادة قناة استاكيوس، ونادراً عن طريق الدم، ويغلب حدوث التهاب الأذن الوسطى القيحي الحاد بعد التهاب الأنف والبلعوم، وتكثر بعد أمراض الطفولة التي تترافق بالتهاب الطرق التنفسية العليا، كالحصبة والحمى القرمزية، وأبرز أعراض هذا المرض ألم يزداد بالتدريج حتى يصبح مبرحاً يدفع الطفل إلى البكاء المستمر، وبخاصة في الليل، ويرافق الألم حمى وكثيراً ما يحدث إسهال وقيء عند الأطفال.
وبالفحص يختلف منظر غشاء الطبلة، حسب المرحلة التي يراه فيها الاختصاصي، ففي المرحلة الأولى الاحتقانية يكون غشاء الطبلة أحمر محتقناً، عليه أوعية دموية متسعة، أما بعد ذلك فتكون مرحلة التقيح، حيث يتشكَّل القيح ويجتمع في الأذن الوسطى فيبدو غشاء الطبلة كامداً وربما متبارزاً للظاهر ، ثم يتمزق غشاء الطبلة بفعل ضغط القيح المجتمع خلفه، ويسيل القيح المدمي من الأذن.
أما طريقة العلاج في هذه الحالة فتكون بالمضادات الحيوية، وأفضلها مادة البنسلين أو الأمبيسلين أو السيفالوسبورين، وإعطاء المسكنات أمر ضروري، حيث الألم الشديد فيلجأ لشق غشاء الطبلة وإفراغ القيح، إذا ظهر غشاء الطبلة كامداً متبارزاً للظاهر، وقد لا يتبارز رغم تشكل القيح خلفه.
ومع تقدم العلم تم إنتاج جهاز لفحص الطبلة، وما خلفها، وهذا الجهاز يستطيع كشف وجود السوائل خلف الطبلة ويساعد في الوصول إلى التشخيص الدقيق.
|