|
لم تبدأ عمليات القتل التي يتعرض لها العراقيون مع بداية الغزو الأمريكي لبلادهم, لذلك دعنا نتذكر أن هذه العمليات مستمرة منذ أكثر من 12 عاما, وتتم بهدوء وبإصرار غريب, وبتأييد من الأمم المتحدة, وبدعم من كل الاتجاهات السياسية في أمريكا, فإن كنتم تصدقون صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة والأمومة فهذا ما يقوله: أدت العقوبات الدولية التي تم فرضها على العراق بعد غزو الكويت في أغسطس عام 1990 إلى وفاة أكثر من نصف مليون طفل عراقي دون الخامسة، وهذا الرقم يعني أنه كان يموت من أطفال العراق خمسون ألف طفل سنويا، 4629 طفل شهريا، و1068 طفل أسبوعيا و152 طفل يموتون يوميا، هذا الرقم يفوق عدد الشباب الذين كان الجيش الأمريكي يقتلهم في فيتنام سنويا أثناء سنوات الحرب الأمريكية ضد فيتنام، وفي نفس الوقت فإن مشاعر السخط والعداء للولايات المتحدة والغرب عموما قد زادت سواء لدى الشعب العراقي أو غيره من الشعوب العربية، والحقيقة أن منتقدي إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش اعتبروا أن المعاناة التي تسببها العقوبات الدولية على العراق واحدة من بين الأسباب التي فجرت الغضب الإسلامي ضد أمريكا، ولكن وجهة نظري أنا مختلفة، ففي الوقت الذي تنطلق فيه الدبابات الأمريكية نحو العاصمة العراقية بغداد فإن هناك ثورة أخلاقية شعبية في العالم بسبب عصر التلفزيون الذي نعيش فيه، وهذا هو ما دفع إحدى المشاركات في المظاهرات المناهضة للحرب التي شهدتها مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية إلى القول: إن الأمريكيين يقصفون الأطفال والنساء وهذا ليس صحيحا، كما أن بريدي الإلكتروني امتلأ بالرسائل التي تتهم الولايات المتحدة بارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية، كما أن وسائل الإعلام العربية والأوروبية تمتلئ بقصص الضحايا الأبرياء للقصف الأمريكي للعراق، كما ان الغالبية العظمى من الذين نزلوا إلى الشوارع للتظاهر ضد الحرب يرون أن الولايات المتحدة تصرفت بشكل غير أخلاقي عندما قررت اللجوء إلى القوة المسلحة وتجاوز سياسة الاحتواء والتفتيش على الأسلحة العراقية، وهؤلاء يرون أنه مادامت سياسة الاحتواء قائمة فلماذا نختار قتل العراقيين؟ ولكن الحقيقة التي لا يدركها الكثيرون أن هذه السياسة ذاتها كانت سياسة قاتلة، فقد أدت الى قتل مئات الآلاف من العراقيين على مدى السنوات الماضية تحت سمع وبصر كل شعوب العالم. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |