كتب الأخ عبدالله الكثيري في زاويته في صفحتي شواطئ بعددها رقم 11117 وتاريخ 4/1/1424ه موضوعاً عن «العوانس» من الرجال والنساء ولقد كنت متأثراً بهذا الموضوع وهذه الظاهرة قبل الكتابة عنها مع احساسي بأنها ظاهرة سيئة في هذا المجتمع وخصوصاً عنوسة النساء التي تكون أحياناً اجبارية على الفتاة لظروف من صنعها أو من صنع أهلها أو من المجتمع أو لأسباب أخرى قد تكون الفتاة لا حول لها ولا قوة.. كما ان فترة زواج الفتاة أو بمعنى أدق السنوات التي تكون فيها الفتاة مطلوبة للزواج من معظم الشباب تكون قصيرة وفي بعض المجتمعات تكون قصيرة جداً لا تملك فيها فرصة للتفكير أو الخيارات حيث يتحدد لها فترة من سن 18 25 سنة تكون بعد مطلوبة لأناس لا ترغب هي فيهم إما ان يكونوا كبارا في السن او لديهم زوجات وتكون هي الزوجة الثانية أو الثالثة.
ولقد طرح الأخ الكثيري الموضوع مخاطبا العوانس من الجنسين بكل جرأة ووضوح ومصداقية لاحساسه بالخطر على هؤلاء من جهة وعلى المجتمع من جهة أخرى.
كما ان الرجال أقل خطراً من العنوسة بعكس النساء التي تتأثر كثيراً بها وقد تنتهي حياتها دون زواج إلا إذا رضيت بزوج لا يناسبها مهما كان سنه أو دخله المادي أو عدد زوجاته.
أما الرجل فإنه سيتأثر ولكنه يستطيع حسب إمكاناته ان يتزوج ولو في الستين أو بعدها ولكن ربما يكون زواجا غير متكافئ أو زواج مصلحة من الطرفين.
ولم يكن تأثري بهذا الموضوع إلا بما أعرفه عن هذا الموضوع الذي تم تدعيمه بالاحصائيات كما ذكر في صفحة «شواطئ».
ولقد وجدت في إحدى المدن الصغيرة التي عملنا بها في الاحصاء السابق ان هناك بيوتا بها اكثر من أربع فتيات تزيد أعمارهن على ال35 ويصل البعض منهن إلى ما بين ال40 50 سنة مما يجعل المشكلة كبيرة وأبعادها أكبر، يستوجب دراستها وأسبابها كما ان وجود توعية لهؤلاء الفتيات كما ذكر الأخ عبدالله الكثيري بأن عليها ان تقبل بأي زوج يأتي وهي في سن الزواج دون ان يكون لها شروط شبه تعجيزية أو يكون طلبها لمواصفات في زوج من نسج الخيال فربما كانت هي أيضاً بها مواصفات ناقصة كما رأتها في الزوج المتقدم لها، وعليها ان ترضى بالأمور الأساسية التي وصّى بها ديننا الإسلامي الحنيف «الخلق، والدين» أما الشكل والطول لون العيون البشرة السيارة السكن أين؟
وغيرها مما يطيّر الأزواج ويزيد من ظاهرة العنوسة وكذلك الرجل عندما يحاول ان يرسم لنفسه صورة لزوجة من نسج الخيال يريدها ان تجمع بين الصفات كلها وهذا قد يكون مستحيلاً يريد جمالاً ومالاً وحسباً ونسباً وأخلاقاً وتديناً وغيرها من الصفات الجزئية كلون البشرة والعيون والشعر ووزنها وطولها وغير ذلك مما يعقد الموضوع ويزيد من تحقيق مطلبه صعوبة.
عايشت حالتين لرجل بلغ الآن عمره السبعين دون زواج وفتاة قبلت بأدنى العروض بعد ان كانت في موقف تشترط وترفض لأتفه الأسباب أو بدون سبب يذكر.
أما الرجل فكان يأمل بابنة جيرانه وكانت أمها قد وعدته بها، وأصبح متعلقاً بها ويأمل ان تكون زوجة له، ودارت الأيام ولكن بعد ان تقدم لها زوجاً قد يكون أفضل حالاً منه من الناحية المادية وخصوصاً ان ذاك الرجل لم يتقدم رسميا مجرد وعود من الأم لهذا اليتيم الذي فقد امه.
وافق الأب بسرعة وتم الزواج من الخاطب الثاني وبقي الأول في حسرة من أمره وكأنه بعدها لا يوجد نساء غيرها، كان من المفترض ان ينتبه لنفسه ويحمد الله ويؤمن بأن الزواج قسمة ونصيب كما يقولون وربما كان في عدم زواجه منها خير ثم يوفق بزوجة أخرى أفضل وتكون السعادة بينهما أكثر مما كان يتوقع ان تحصل له مع السابقة.. واستمر الحال معرضاً حتى أصبح عانساً مع مرتبة الشرف أما الأخرى فكانت لفتاة وافق أهلها على زواجها من ابن عمها ولكنها رفضته بحجة انها لم يكن لها الخيار وربما كان من باب العناد لأهلها لموافقتهم عليه مع العلم انها لم تجد فيه عيبا وجميع المواصفات التي تريدها موجودة فيه ويحسدنها زميلاتها عليه ولكن عدم ادراكها بالنتائج جعلها تتخذ قرارها دون معرفة بالعواقب التي كان من أهمها تهميشها من قبل الآخرين خوفاً من الرفض غير المبرر.
وتأتي عليها السنون حتى ترضى ان تكون زوجة لمطلق وضع في حجرها قبل ان تلد أطفاله وأولاده من الزوجة الأولى لتصبح مربية لغير أطفالها، وبزوج يكبرها سنا لتصبح في موقف لا تحسد عليه.
وبهذا الطرح من خلال ما يكتب في الصحف وغيرها إلا ان المشكلة تحتاج إلى ايضاح وتنبيه لهؤلاء الفتيات وهن في سن المراهقة مع الأخذ بأيديهن من حيث النصح والتدليل بالاثباتات والبراهين من القصص الواقعية في مجتمعنا ويراها الجميع وكذلك الشباب مع ان عنوستهم اقل ضررا وخطورة لأنهم قد يستدركون الأمر مستقبلاً، فهل تنتهي هذه الظاهرة وتكون مقومات الزواج موجودة لدى الجميع بالرضا بالقسمة والنصيب الذي كتب لنا مع عدم الاسراف والمبالغة في الشروط التي قد يكون معظمها من «الكماليات» لتحقق مجتمعاً متماسكاً في شتى الأمور.
محمد عبدالله الحميضي /مكتب شقراء
|