* برلين مصطفى اللباد أ ش أ:
تترك الحرب على العراق تداعياتها السلبية على الاقتصاد العالمي حيث يتسابق الخبراء في خفض توقعاتهم لمعدلات النمو الاقتصادي في المناطق المختلفة ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي الذي حذر من صدمة للنظام المالي العالمي من جراء الحرب.
ولم تتخلف الحكومة الألمانية عن ركب المتشائمين حيث أعلنت أن الحرب سوف تجبرها على زيادة المديونية لمواجهة الأعباء المتعاظمة بالرغم من عدم اشتراك ألمانيا في العمليات العسكرية بل ومعارضتها من حيث المبدأ.
ونقلت صحيفة دي فيلت اليومية الألمانية واسعة الانتشار عن وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر قوله «لا مناص من اقرار ميزانية طوارئ في هذه الظروف».
وبهذا المضمون لا تكون الحرب على العراق مؤثرة فقط على الصعيد الجيوسياسي بل أيضا على الصعيد الاقتصادي حيث إنها تدفع المستثمرين إلى الحذر وتبعث على الاضطراب في البورصة بعد أن تطيح بعمليات التوقعات الاقتصادية.
وأدى الفشل العسكري الأمريكي في حسم الحرب بسرعة، كما كان يعتقد، إلى آثار سلبية على الاقتصاد الألماني حيث تراجع مؤشر الداكس الذي يقيس متوسط أداء الشركات الألمانية في البورصة وتراجع مؤشر ثقة المستهلكين، وانحدرت حجوزات شركات الطيران والسياحة الألمانية.
وقال وزير المالية الألماني هانز أيشل لمجلة فوكوس الألمانية إن «حرب الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على العراق تجبرنا على زيادة الموازنة العسكرية وزيادة مساعدات التنمية التي نقدمها لبلدان العالم الثالث وعلى تخصيص مبلغ كبير لإعادة إعمار العراق بعد الحرب».
وقال الاقتصادي الألماني الشهير هورست جرينيج «إن تداعيات الحرب سوف تكون مزدوجة بسبب مرور الاقتصاد الألماني بحالة من عدم التوازن بفعل ضغوط الميزانية الألمانية على صانع القرار المالي الألماني وهو ما يدفع إلى الاعتقاد أن الحكومة سوف تقوم قريبا بزيادة الضرائب لمواجهة تداعيات الحرب». وأضاف هورست جرينيج «أن التطورات في العراق تترافق مع زيادة أعداد العاطلين في ألمانيا التي تقدر بحوالي 7 ،4 مليون عاطل وهو ما يفوق توقعات وزارة العمل الألمانية مطلع هذا العام».
ويقدر خبراء اقتصاديون ألمان أن برلين لن تستطيع، على الأرجح، أن توفي بمتطلبات اتفاقية ماستريشت للوحدة الأوروبية والتي تتطلب من كل دولة إبقاء عجز موازنتها في حدود ثلاثة بالمائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي.. وذلك بسبب تداعيات الحرب على العراق.
ومن المتوقع أن يلتقي ممثلون عن الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي منتصف الشهر الجاري في اجتماعهم الدوري للبحث في تطورات الاقتصاد الأوروبي.
وتقول صحيفة زود دويتشه تسايتونج الألمانية واسعة الانتشار إن لجنة الاقتصاد والمالية بالاتحاد الأوروبي رفعت تقريرا إلى وزراء المالية في دول الاتحاد تحذرهم فيه من تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في أوروبا.
وحسب تقديرات الصحيفة فإن معدلات نمو الاقتصاد الألماني سوف تبقى عند سقف 4 ،0 بالمائة فقط.. مقارنة بحوالي 1 ،1 بالمائة في فرنسا وما يقارب اثنين بالمائة في انجلترا.. وهو ما يجعل الاقتصاد الألماني أكبر الخاسرين في أوروبا من الحرب التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على العراق.
وتتفق تقديرات الصحيفة مع تقديرات صندوق النقد الدولي بشأن معدلات النمو الأوروبية حيث أوردت مجلة نظرة على الاقتصاد العالمي التي يصدرها صندوق النقد الدولي من واشنطن أن نسبة 4 ،0 بالمائة هي التقدير الواقعي لنمو الاقتصاد الألماني.. وأن هذه النسبة المتدنية سوف تفاقم من أزمة البطالة في ألمانيا وفي عجز الموازنة الحكومية.
وحسب تقرير لجنة الاقتصاد والمالية بالاتحاد الأوروبي فإن استمرار التدهور في الأسواق المالية سوف يؤدي بحركة القصور الذاتي إلى نتائج أكثر سلبية.. حيث من المتوقع في هذا الحالة أن تبادر شركات التأمين وصناديق المعاشات إلى بيع أنصبتها في السندات والأسهم وهو ما يقود إلى عمليات بيع ضخمة في الأسواق المالية من شأنها ممارسة المزيد من الضغط عليها.
كما تؤدي هذه التوقعات المتشائمة إلى إحجام الكثير من المستثمرين عن الاستثمار في الأسهم والتوجه إلى الاستثمار في العقارات وإيداع الأموال بفائدة محددة ولمدة طويلة وهو ما قد يرفع الاسعار إلى أعلى ويطلق العنان لموجات تضخمية تلطم الاقتصاد الأوروبي.
|