Thursday 3rd april,2003 11144العدد الخميس 1 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في الاقتصاد في الاقتصاد
السيطرة على ثروات الشعوب
د. سامي الغمري

الترقب والقلق هو الشعور الغالب الذي يمكن أن نستشعره في الأوساط الاقتصادية العالمية، فالمرء المتابع لتطورات الصراعات الغربية له أن يستشف لمسارات الحرب الدائرة وما سوف تحدثه من دمار للبنى التحتية، وما سوف تحمله الأشهر القادمة من تغيرات ومفاجآت سلبية للمنطقة.
ذلك أن القلق حيال السلام والأمن يؤدي سلوكياً إلى إضعاف الثقة بالانتعاش والاستثمار الاقتصادي ولاسيما الاستثمار الأجنبي، كما أن الانعكاسات الاقتصادية لحرب الخليج الثالثة قد وضحت الرؤى لعدد من متخذي القرارات الاستثمارية ومن صناعيين ومن مستوردين إلى اتخاذ المزيد من الحيطة والتروي في قراراتهم في إتمام الصفقات التجارية داخل المنطقة.
على النقيض نرى أن السلام والاستقرار لهما مؤثرات إيجابية في زيادة معدلات التبادلات التجارية وإنعاش الحركة السياحية والإيرادات والتنمية في الخليج.
لذا فقد يضع المنظمون ومتخذو القرارات الاستثمارية أملاً كبير في أن يتمكنوا من الإسهام بفاعلية في إعادة تشكيل أجندتهم ومحافظهم وتدعيمها إلى الحد الذي قد يساعد بدوره على التماشي مع ظروف الحرب واستعادة النمو والانتعاش للنشاطات الاقتصادية.
لقد كانت المصالح الاقتصادية الأمريكية في العقود الثلاثة الماضية مع أوروبا وروسيا، وكانت الرغبة آنذاك تتركز في زيادة الاستقرار العالمي ووضع عراقيل أمام انتشار أسلحة الدمار الشامل، أما الآن فقد سيطرت إدراة الصقور على عقلية التفكير الأمريكي في صناعة المصالح الخارجية، ومن ثم فهناك آثار سلبية على منطقة الشرق الأوسط وعلى مواردها الاقتصادية، وبات مؤكداً أن الاحتياطي البترولي العراقي سيكون حكراً للولايات المتحدة الأمريكية بعد احتلالها له.
وسيكون للولايات المتحدة دور أساسي في استثمار ثاني أكبر احتياطي بترولي عالمي، والتحكم في أسعار النفط وإن كانت الأسعار سوف لا تنخفض مستقبلاً عما هي عليه في الوقت الحالي.
يبدو أن الاستهداف من السيطرة على منابع النفط والتحكم في ثروات الشعوب تقود إلى مخطط إدارة العالم بشكل عام، ولا تقتصر فيه الخلافات القادمة بين مواقف الحكومات المتصارعة «أمريكا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا واليابان» حول الأنصبة من الغنائم النفطية فحسب بل قد تتضمن أطماعاً لمساحات جغرافية أكبر.
ولو أن أمريكا ضمنت للمعارضين أنصبتهم من الغنائم النفطية، فإن مواقف العديد من دول المعارضة للغزو قد تتغير بشكل جذري، وقد نجدها تتطلع إلى اغتنام فرص إعادة توزيع الثروات والقوى طالما توفرت لها امكانيات تحقيقها حيث إن معظم دول العالم غير مستعدة إطلاقاً على التضحية بمصالحها الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأمريكية بحال.
فهي تعرف جيدا أن حرب العراق مجرد حلقة من سلسلة حروب تصطنعها أمريكا من أجل فرض الهيمنة والانفراد ولتكريس الواقع الأحادي القطبي.
هذه السلسلة بدأت حلقتها الأولى بحرب أفغانستان حينما وضعت عينها على بترول آسيا الوسطى باسم محاربة الإرهاب ويعيش العالم الحلقة الثانية بعدما نشرت قواتها للحرب الدائرة بدعوى مكافحة أسلحة الدمار الشامل في العراق.
ويعتقد أن الحلقة الثالثة سوف تكون على الأرجح بدعوى حقوق الإنسان أو الحرية أو الديمقراطية لاقتناص غنائم تمتد جغرافياً من وسط إفريقيا إلى وسط آسيا.
ولكها ذرائع مناسبة للولايات المتحدة تمكن لها مستقبلاً السيطرة والتحكم في ثروات وموارد شعوبها.
أما الحلقة الرابعة من مسلسل تفكير صقور البيت الأبيض نحو العالم فإن الحديث عنها سابق لأوانه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved