Thursday 3rd april,2003 11144العدد الخميس 1 ,صفر 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بين الشهيل والراشد بين الشهيل والراشد
إعلام 2003 وليلى المقتولة في العراق
عبدالعزيز السويد

بأدب جم، وواقعية عبر الاستاذ فيصل الشهيل عما يجيش في خواطر الكثير منا، في مقاله المعنون «عبدالرحمن الراشد.. وإعلام الحرب» الذي نشر بهذه الجريدة الغراء، والمقال، لمن لم يطلع عليه، هو رد على اتهام الأستاذ عبدالرحمن الراشد للإعلام العربي بأنه نسخة من إعلام بعض العرب في 67، لقد تحدث الأستاذ فيصل الشهيل بصوت الكثير منا، وطرح في آخر المقال تساؤلات مشروعة تناولت تخبط الإعلام الأمريكي والغربي، والتضليل الذي يمارسه بشكل ممنهج وعولمي، وقلب الحقائق والكذب الرسمي، ينتظر وننتظر معه رد الراشد عليها.
ولتسمح لي جريدة الجزيرة بإضافة لعل فيها فائدة تخرج بعضاً منا من ارتباك يعانون منه.
بداية، الإعلام العربي ليس وحدة واحدة ليمكن إلقاء تهمة تشمله كله، ووصمه الآن بأنه مثيل لإعلام 67 فيه تجن واضح، هو اتهام يقوم على مبدأ ان لم تكن معي فأنت ضدي، وهو المنهج الذي تمارسه الولايات المتحدة وبرز بوضوح في سياستها تجاه العراق.. النظام والشعب، وهو بارز في سياستها تجاه القضية الفلسطينية، والإعلام العربي الذي يبرز حقائق مايتعرض له الشعب العراقي من جرائم حرب الآن، هو ليس بالضرورة مع صدام ولا مع نظامه البعثي، وأكاد أجزم ان الغالبية تمنوا ان يسقط النظام مع أول طلقة رصاص، وكانت الأمنية أن ينهار برصاصة عراقية أو عربية، لكن هذا من قبيل الأحلام.
في مقال آخر للاستاذ عبدالرحمن الراشد يصر فيه على رأيه، يقول «إن هناك فارقا بين ان تعمل الوسيلة الإعلامية محطة للتنقية وبين ان تكون محطة للتوزيع والثانية هي الصحيحة.. في فقرة أخرى يقول «إن رفع المعنويات عمل سياسي لا صحافي... وهذا لاينفي حق الوسيلة الإعلامية ان تتبنى ماتراه مناسبا قومياً وأخلاقياً في افتتاحياتها واختياراتها في المقالات.
أريد من زميلنا العزيز الذي نختلف معه ونكن له كل المودة، ان يخبرني هل إبراز الصور والانتقاء في العناوين، عمل صحفي أم سياسي؟ وتحت أي تصنيف يضعه هو؟، أتقدم لكم بمثال صارخ، فقد نشرت جريدة «الشرق الأوسط» وعلى صدر صفحتها الأولى صورة لجندي عراقي جريح «يعالجه» طبيب أمريكي في الميدان، الصورة احتلت أهم موقع في الجريدة، ثلاثة أرباع صدر الصفحة الأولى من عدد يوم السبت الماضي، للصورة خلفية مثيرة أظهرت أثار معركة انتهت للتو، في الداخل صورة لأم عراقية تنتحب لإصابة طفلتها بجوارها، ماذا قالت الجريدة!؟، إنه طبيب أمريكي آخر يقوم، أيضاً!!، بعلاج الطفلة صحيح ان يديه لا تحملان سوى الرشاش، والطفلة ملقاة إلى جانبه، وظهره مثقل بتجهيزات الهجوم، لكنهم يقولون إنه يعالجها، بجوارها هنا وهناك، صور لنساء عراقيات وأطفال، يبتسمون، وهم يمدون أيديهم للحصول على الشكولاته من جندي بريطاني هذه المرة..
ماذا تقول الصورة؟.
هذه هي الحقيقة يا سادة، الأمريكي والبريطاني جاءا إلى العراق ليقدما العلاج والشكولاته، ويمثل الجندي العراقي الجريح، وطنه المصاب، في حين يمثل «الطبيب» الأمريكي، النجدة وقمة الإنسانية إنه من لم تفهموا حتى الآن انه المسعف.
الكل يدعي وصلا بليلي المقطعة الأوصال في العراق، الكل يعلن حبه لها، لكن أيها السادة الكرام، مازالت الصورة تتكلم، لا تنسوا ان الألم جزء من العمليات الجراحية الخطيرة، فكيف إذا كانت العملية تجرى لبلد مصاب بالسرطان، ويجب عليكم ان تحكموا عقولكم، ويفضل ان تعطوها إجازة لأنكم لن تفهموا، لأنكم مصابون منذ زمن بإعلام 67، أنتم لا تفهمون مصلحتكم، ستتفهمون لاحقا، أما عيونكم، فيفضل ان تغلقوها أياماً وأسابيع، وتنتهي هذه المشاهد المؤلمة، يمكنكم تحويل قنواتكم الفضائية، إنه ميلاد جديد أيها السادة العاطفيون، كل ميلاد جديد يأتي مصحوبا بالألم والدماء، ثم ننصحكم من واقع الخبرة ان لا تلتفتوا إلى القنوات الإعلامية الأخرى التي تركز على مناظر الدماء واالأشلاء والدمار، إنها من إعلام 67، أقفلوا أعينكم عن مشاهد الأوصال المقطعة والجثث المحمولة على الأكتاف، التركيز على هذه الصور إطالة لعمر النظام المستبد، ألا تتذكرون وحشيته، لا أيها السادة أمريكا ليست مستبدة على الإطلاق، أنتم من وقع في أسر الإعلام الصدامي، نعم!.. هو يستخدمكم دروعاً إعلامية، مثلما يستخدم الدروع البشرية، ألا تصدقون؟، هذه هي مشكلتكم التخلف الإعلامي استشرى في رؤوسكم، لكن أعطونا فرصة.. ابتعدوا قليلاً عن «الجراح» الأمريكي ليقوم بعمله، لا تشوهوا صورته، هو يكذب!؟، من قال إنه يكذب؟، أنتم تصدقون الشائعات، ما بالكم؟، في كل أزمة تتشتت عقولكم، الطبيب الأمريكي أيها السادة يعالج العراق الجريح، صموا آذانكم قليلا عن صراخه لأن هذا في مصلحته ومصلحتكم، لايهم عدد الضحايا والخسائر، الأفراد يذهبون والمجتمعات تبقى، لكل حرب ضحاياها، سنشيد نصبا تذكاريا ضخماً لشهداء حرية العراق وسيحق لكم زيارته، وقد يتفضل عليكم الجراح الأمريكي مستقبلا بتقديم اعتذار علني لكل ضحايا «تحرير» العراق «الأبرياء» من قال إن إسرائيل هي المستفيدة من تدمير العراق، وما دخل اسرائيل بالموضوع، لماذا تعشعش في رؤوسكم نظرية المؤامرة، كل أمر وراءه إسرائيل؟، نحرر العراق ونداويه فتقولون لمصلحة إسرائيل، لايمكن التفاهم معكم أبدا، أنتم لا تصلحون حتى لإدارة أنفسكم، أنتم تحتاجون لوصاية لتنقلكم من التخلف إلى حضارة العم سام المجيدة.
سبحان ربي، ما سبق هو ما تحاول تلك الصور، الصحفية «المهنية» جدا حقنه في رؤوسنا الفارغة!!، ولن استغرب ان يطلق عاجلاً على بوش لقب المعتصم بأمر الله، لايعرف حتى الآن من أين جاءت الصرخة، التي هب لنجدتها من امرأة عراقية أم من شارون.
أما صور الدمار والخراب والقتل فتنزوي، في أسفل الصفحات وبمساحات أقل، وأي إعلامي يعرف الفرق.
أخي عبدالرحمن ألا ترى ان هذا مساهمة في تشييد تمثال دكتاتور جديد على أنقاض دكتاتور في طريقه إلى الزوال؟ هل هذا هو الإعلام الجديد الذي تريد من الإعلام العربي الاقتداء به، ثم ماهو الموقف الأخلاقي والقومي، في رأيك وقناعتك مما يفعلونه الآن باسم تحرير العراق وهو تدمير لايبقي ولا يذر، ليتك تخبرنا.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved