Wednesday 2nd april,2003 11143العدد الاربعاء 30 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ما بين العراق وكوريا ما بين العراق وكوريا
كون يونج بن ( * )

عندما سألت الشاب العراقي بيرحسن عما إذا كان خائفا ونحن ذاهبون إلى مدينة بغداد في ظل القصف الأمريكي الحالي. انفجر الشاب باكيا وقال: إنني «ابن الحرب» فعندما ولدت كانت الحرب العراقية الإيرانية في بداياتها. وعندما بلغت الثانية عشرة من عمري وقعت حرب الخليج الثانية. وكانت صفارات الإنذار ضد الهجمات الجوية هي الموسيقى الأساسية التي كنت استمع إليها في شبابي وقد كبرت مع الصواريخ التي تتساقط حولي. والآن أنا أعيش خارج العراق وقد اشتعلت حرب جديدة في بلادي. وعلى الرغم من أن حياتي امتلأت بالحروب إلا أنني لا استطيع أن استسلم لقوات جاءت تغزو بلادي».
هذا الحوار جزء من رسالة أرسلها الشاعر الكوري الجنوبي بارك نو هي الذي سافرالأسبوع الماضي إلى العراق عبر البريد الإلكتروني . وكانت هذه الكلمات جزء من حوار جرى بين الشاعر الكوري والشاب العراقي في حافلة كانت تأخذ طريقها إلى بغداد قادمة من الأردن حيث استقلها هذا الشاب العراقي عائدا من الخارج للمشاركة في الدفاع عن بلاده.
والحقيقة أنني لو كنت مكان العراقيين فإنني كنت سأقول نفس الشيء. فأسباب أمريكا لشن الحرب ضد العراق واهية جدا. لذلك فإن الكثيرين من شعوب العالم يشاركون في المظاهرات المناهضة للحرب. ولكن هل توجد حرب لها سبب جيد؟ الحقيقة أنه لا توجد حرب خيرة في العالم. فالحرب شر وجريمة. ونحن ككوريين عانينا من هذه المأساة. ففي الثاني والعشرين من يونيو عام 1950 وفي هذا الوقت امتلأت الشوارع بالمنازل المتهدمة وبدت هذه الشوارع كرجل عجوز فقد الذاكرة. وقداستمرت هذه الحرب لمدة ثلاث سنوات وليس ثلاثة شهور وخلال هذه السنوات كان الناس الذين تربطهم الأمة الكورية يحاولون قتل بعضهم البعض. وهذه الحرب المعروفة باسم الحرب الكورية انتهت بتقسيم شبه الجزيرة الكورية إلى دولتين هما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.
والحقيقة أن الحرب مجرد أداة سياسية ولكن السياسات الخطأ يمكن أن تولد الحرب. والسياسات موجودة من أجل منع الحروب.وعندما يحاول السياسيون الخروج من موقف سياسي سيىء بالحرب فإن الحرب تتحول في هذه الحالة إلى جريمة وليس مجرد عمل شرير.
والحقيقة أنه لا يمكن تبرير أي حرب بشعارات تتحدث عن تحرير شعب أو القضاء على محور الشر كما تفعل الإدارة الأمريكية حاليا.
والآن فإننا في كوريا الجنوبية نشهد جدلا ساخنا حول إصدار قانون يسمح بإرسال عناصر غير قتالية إلى العراق حاليا. ولكننا خاضعون لفكرة وهمية حاليا تحرم علينا الاعتراف بأننا نواجه تهديدا حاليا بالحرب ضدنا في كوريا.
بعض التقارير تشير إلى أن كوريا الشمالية تمتلك ثلاث أو أربع قنابل نووية.
ومن الواضح أن خطر الحرب يهددنا سواء بهدف التفاوض أو تأمين نظام الحكم في كوريا الشمالية.
وإذا كانت كوريا الشمالية تعيد معالجة ثمانية آلاف قضيب وقود نووي وأنتجت ثلاث أو أربع قنابل نووية فإن الخطر العسكري يزداد. ولكن السياسات الجيدة تستطيع منع التهديد والتخلص منه من خلال المفاوضات وليس من خلال القوة العسكرية وذلك بإقامة تحالف مع الدول المجاورة. فالحقيقة أنه عندما تحدث مواجهة بين دولتين لا يوجد بينهما توازن قوة فالحرب ستصبح أول شيء متوقع. فالولايات المتحدة فرضت سيطرتها على العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لأن توازن القوى انهار. وعندما شعرت كوريا الشمالية بتفوقها العسكري قامت بغزو كوريا الجنوبية عام 1950. ولكي نحافظ على توازن القوى في شبه الجزيرة الكورية يجب استمرار بقاء القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية. ولكي يتم تسوية الأزمة الراهنة مع كوريا الشمالية يجب على الولايات المتحدة وحلفائها البحث عن مخرج تفاوضي وليس مخرج عسكري. ولكي ندعم التحالف الأمريكي الكوري يجب إرسال قوات كورية إلى العراق. وقد اختار الرئيس الكوري روه مو هين هذا الخيار الحتمي لإرسال قوات كورية غير محاربة إلى الحرب العراقية. يجب النظر إلى هذا الخيار باعتباره وسيلة لمنع الحرب في شبه الجزيرة الكورية.
وهذا الموقف خطير جدا لأنه يهدد بإشعال حرب جديدة في شبه الجزيرة الكورية لأن كوريا الشمالية يمكن أن تفسر هذا الانقسام الأيديولوجي في الجنوب تفسيرا خاطئا.

(*)«جونج انجو إيلبو» - كوريا الجنوبية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved