كتب الزميل ياسر المعارك في هذه الجريدة قبل عدة أيام (نسيت التاريخ بالضبط) في خبر لفت نظري حول مجموعة من الرجال حاولوا اختطاف امرأة كانت في سيارة ليموزين.
لا أعلم في التحرير الصحفي ولكني أظن أن هذا الخبر هو أهم خبر في الجريدة في ذلك اليوم بعد أخبار العدوان الأمريكي على العراق. خطورته تكمن في أنه يمس سلامة المجتمع ويفترض أن يقرأه كل مواطن ومقيم في المملكة العربية السعودية. فمثل هذا الحادث يجب ألا يمر بسهولة فهذا اعتداء سافر على حرية الآمنين والآمنات من المسلمين. واستهتار بالقيم والأخلاق ويدل على عدم توفر أدنى احترام لقوة الأمن والنظام. والأهم من هذا فهو يتضمن احتقارا لا حدود له لجنس المرأة.
شاهدت فلماً وثائقياً عن جريمة حدثت في أحد البلدان الغربية مشابهة لهذه الجريمة ولكنها أقل فظاعة. فحادثة الرياض هي اعتداء مجموعة من الرجال على امرأة والهدف هو المرأة في ذاتها كما يبيِّن الخبر، بينما حادثة الفلم الوثائقي هو اعتداء شابين، أحدهما فتاة على رجل تكرَّم بتوصيلهما بسيارته. لم يكن هدف الشابين الاعتداء على الرجل وإنما سرقة السيارة، ألقت الشرطة القبض على المعتدين وتم تحويلهما إلى المحكمة (وليس كتابة تعهد). ولم أتخيل أن يكون العقاب السجن خمس عشرة سنة. عندما اعترض المحامي على قسوة العقوبة خصوصا أن هذين الشابين بلا سوابق. أجابه القاضي: إن هذين الشابين روَّعا الآمنين ولا بد أن يكون العقاب بجنس العمل. واستطرد القاضي قائلا: أما قولك ان ليس لهما سوابق فهذا صحيح بالنسبة لما توفر في سجلات الشرطة ولكني أفترض أن من يقوم بمثل هذه الفعلة الشنيعة لا بد أن له سوابق لم تسجَّل عليه، وإذا لم يكن لهما سوابق علينا أن نجعل هذه السابقة هي الأولى والأخيرة لهما.
من الواضح أن ملف هؤلاء المعتدين في الرياض قد أقفل بالنسبة للجريدة لأنه لم يبرز أصلا. لا أعرف في الوقت نفسه مصير المعتدين. فالقضية عندنا لا تستحق التوقف عندها لأن الخطأ دائماً على المرأة.
حادثة كهذه ليست غريبة. فتوقف مجموعة من الرجال وإنزال السائق وفرض أرقام التلفون على نساء في سيارتهن. أو حدهن بسياراتهم والسخرية منهن ومحاولة ترقيمهن هي مجرد جرائم تافهة أقصى عقوبة توقَّع على المعتدي هي كتابة تعهد بأن لا يعود إلى فعلته مرة أخرى.
هذه كلها جرائم كبرى وإذا لم تجد العقاب الحاسم الذي يمنعها إلى الأبد فسوف تتطور. ولا شك أن ما جاء في الخبر من محاولة إنزال امرأة من سيارة أجرة وجرها هو تطور خطير في هذا الاتجاه يفترض من جهات الأمن معالجته بحزم. وهنا أيضا يأتي دور المثقفين، فإهمال حوادث كهذه أمر في غاية الخطورة. لا بد من إعادة صياغة تعريف المرأة في أذهان كثير من الرجال ليفهم الجميع أن المرأة إنسان وليست متاعا.
فاكس 4702164
|