* لندن ميريسا مار رويترز:
تتراجع بريطانيا والولايات المتحدة بشكل يومي تقريبا عن مزاعم بتحقيق انتصارات في العراق بعد التسرع بإعلان هذه المزاعم ضمن حرب الدعاية.
وبينما كانت الدولتان تلهثان وراء أي اخبار سارة في المعركة التي تخوضانها ضد العراق.. أعلنت الدولتان الحليفتان سلسلة من النجاحات لم تلبثا ان تراجعتا
عنها بعد ان اتضح انها اما غير دقيقة أو خاطئة تماما.
وشهد الاثنين الماضي احدث مثال على ذلك عندما تراجعت القوات البريطاينة عما زعمته الاحد الماضي عن أسر ضابط كبير في الجيش العراقي برتبة لواء في
اشتباكات مع رجال المقاومة بجنوب العراق وقالت انها لم تتمكن من تحديد هوية هذا الضابط.
ومع مرور 13 يوما فقط من الحرب.. طالت قائمة المزاعم التي تفتقد الدقة بداية من حدوث انتفاضات عراقية وانتهاء بالاعلان السابق لأوانه عن سقوط
مدينة البصرة ثاني اكبر المدن العراقية فيما تستميت الولايات المتحدة وبريطانيا في الدفاع عن قرارهما المثير للجدل بخوض هذه الحرب.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو.. لماذا يسقط البلدان في نفس المأزق مرارا؟
يقول محللون ان جزءا من المشكلة يعود إلى أن بريطانيا والولايات المتحدة تتعرضان لضغط سياسي يدفعهما إلى تصوير هذه الحرب على انها تحقق نجاحا مع
افتقادهما إلى استراتيجية واضحة للحرب النفسية.
وهذا الامر يأتي على خلفية حاجة ماسة لمواكبة اللهاث المحموم لوسائل الإعلام التي تغطي تطورات الحرب دقيقة بدقيقة على مدار الساعة على شاشات
التلفزيون مباشرة.
وقال مايكل كلارك مدير معهد السياسات الدولية في كينجز كوليج في لندن «الامر لا يتعلق بأن السلطات تحاول تقديم معلومات مضللة.. في عالم تغرقه
وسائل الإعلام فانهم يعرفون ان ذلك لن يجدي».
وأضاف «هم يحاولون فقط التأثير على تغطية اعلامية متلاحقة وهم يتحركون في هذا السبيل بسرعة اكبر مما يستطيعون وأكبر مما ينبغي».
وفي مؤتمر صحفي مع الرئيس الامريكي جورج بوش الاسبوع الماضي زعم توني بلير رئيس الوزراء البريطاني ان العراق «أعدم» جنديين عرض تلفزيون قناة
الجزيرة الفضائية القطرية صور جثتيهما.
وتراجعت الحكومة البريطانية في وقت لاحق عن هذا الاتهام بعد ان قالت قريبة احد الجنديين لصحيفة بريطانية ان الجيش أبلغها ان الجندي قتل في العمليات.
وفيما اعتبر تقدما كبيرا في الحرب الاسبوع الماضي أيضا عندما.. زعمت وسائل اعلام مختلفة عن مصادر عسكرية قولها ان انتفاضة تجري في البصرة، حيث
نفى العراق هذه التقارير ووصفها بأنها «هلوسة» فيما كانت شبكات التلفزيون العربية تنقل صورا بدت فيها شوارع البصرة هادئة تماما، وزعم بلير بعد
ذلك ان ما حدث كان «انتفاضة محدودة».
وقال جيمي كولينج الباحث في معهد ابحاث السياسة العامة في لندن «هناك حاجة ماسة كي تبقى مبتهجا ومتفائلا باستمرار... احد اكبر الاشياء التي
يبحثون عنها هي ادلة الادانة اي الدليل مثلا على وجود اسلحة كيماوية وبيولوجية أو ادلة على تعذيب جماعي ليثبت أنهم على صواب».
وأبرز مثال على ذلك ما ذكرته وسائل اعلام عن اكتشاف مصنع للاسلحة الكيماوية وهي تقارير نفتها مصادر رسمية فيما بعد.
ويقول محللون ان بريطانيا والولايات المتحدة لم تتمكنا من صياغة رسالة واضحة بما يكفي في حربهما الدعائية وان ذلك يعود جزئيا إلى السرعة التي جرى
بها اعداد الحملة على العراق.
وفي نفس الوقت تخضع الدولتان لضغط متزايد لتسويق قضيتهما لدى كل من شعبيهما والعراقيين على حد سواء.
وقال كلارك «هذه حرب سياسية إلى حد بعيد.. انها ليست محاولة لغزو العراق كبلد ولكن مطاردة نظامه.. ومن المهم لهم تسويق رسالتهم السياسية».
ومن المزاعم الاخرى التي بدا أول الامر أنها تعطي بريطانيا والولايات المتحدة ذخيرة دعائية مهمة الاعلان المتكرر عن سقوط مدينة وميناء ام قصر.
وزعم مسؤولون امريكيون ايضا ان قائدا عراقيا كبيرا استسلم وظهر فيما بعد على شاشة الجزيرة لينفي بنفسه المزاعم عن استسلامه.
وتحدث بوش عن رجل ترك ينزف حتى اليوم بعد ان قطعت الحكومة العراقية لسانه.. ولكن لم يظهر ما يدعم هذه المزاعم على الاطلاق.
|