Wednesday 2nd april,2003 11143العدد الاربعاء 30 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مسيرة الصواريخ الأمريكية الذكية وتاريخ الأخطاء الغبية مسيرة الصواريخ الأمريكية الذكية وتاريخ الأخطاء الغبية
أبرياء العراق، سوريا، الأردن، وحتى بريطانيا لم تسلم من التوهان

  * متابعة ياسر الكنعان :
(الحرب لاحياد فيها) جملة تتكرر هذه الايام مع الحرب المأسوية التي تدور رحاها في العراق وتتناقل صورها الفضائيات ووكالات الانباء لتزاحم عقول
الكثيرين في سلم أولويات الهواجس والأفكار، الحرب لاحياد فيها قد تكون جملة فيها نوع من الصحة ولكن: ماهي حدود هذا (اللاحياد)؟!.. وما هو
السقف الأدنى والأعلى لهذا (اللاحياد) عندما لا تفرق القذائف والصواريخ الذكية بين قائد عسكري وطفلة لم تفطم بعد؟!.. من المسؤول عن أخطاء
(اللاحياد) المتكررة؟
الولايات المتحدة الأمريكية جاءت إلى العراق لأهداف معلنة من أبرزها نزع أسلحة الدمار الشامل، وتغيير النظام العراقي إلى نظام ديمقراطي آخر حسبما
تزعم قياداتها السياسية، وهو حق شرعته قوة ترى أنها تستطيع أن تفرض أهدافها ولكن الأقوال الأمريكية والتبريرات السابقة لم تعط أي مؤشر لأن تكون
الولايات المتحدة تحمل ولو نسبة بسيطة من الصدق في هذه الحملة العسكرية التي أعطتها صفة (الصدمة) نسبة إلى سرعة إنجازها حسبما يزعمون وانطلقوا
يوهمون العالم بأن أسلحتهم التي ترى ما لا تراه العين المجردة لن تخطئ أهدافها المرسومة منذ أمد طويل وأن الأخطاء المحتملة ستكون نسبة حدوثها جزءاً من
جزء الواحد في المائة!!.. ولكي نستدرج هذا الجزء اليسير خلال (14 يوما فقط) في مسيرة هذه الاسلحة الذكية.
صاروخ أمريكي يستهدف حافلة ركاب سورية
ولم يكن هؤلاء المسافرون على علم بما سيحصل لهم وإلا لما ركبوا هذه الحافلة عائدين إلى أهاليهم من مدينة الرطبة غرب العراق قرب الحدود السورية، فقد
قتل خمسة وأصيب العشرات نتيجة هذا الصاروخ الذي أطلق من مقاتلة أمريكية، ولننظر إلى العوامل المتوفرة لدينا..
1- حافلة مدنية تحمل لوحات تسجيل سورية.
2- طريق عام يكاد يخلو إلا منها.
3- طيار يبحث عن هدف عسكري!!
4- صاروخ ذكي !!
لا أعتقد ولا يعتقد حتى أبسط المتابعين أن هذه العوامل متى ما اجتمعت ستؤول إلى نتيجة مفادها خمسة قتلى والعشرات من الجرحى خصوصا أن هذه
الأسلحة التي توجه بدقة كما يقولون عاجزة عن التعامل كما تتعامل مدفعية ذات طراز قديم تتعامل بإحداثيات سينية وصادية على ورق مهترئ والتي
ستكون أدق منها متى ما وجدت بشريا يطلق هذه الأسلحة ببشرية!!.
وصاروخ آخر يفني طلاباً أردنيين في الموصل
كذلك لقي أربعة طلاب أردنيين حتفهم بصاروخ أمريكي عندما هموا بالخروج من الموصل وترك جامعاتهم للعودة إلى بلادهم، ولكن الصواريخ الأمريكية
الذكية لم تمهلهم ذلك عندما سقط على محرك سيارتهم التي ركبوها صاروخ أطلق أيضا من مقاتلة أمريكية لم يضغط قائدها زر الاطلاق إلا بعد أن تأكد من
تنبيه جهاز التحكم بأن الهدف (جاهز)!!..
وبثبات العوامل المتوفرة أيضا لكن بتغيير طفيف وهو لوحات التسجيل هذه المرة حيث كانت لوحاتا أردنية.. نرى أن الدقة الأمريكية بدأت تأخذ صفة
التعميم على كل ما هو عربي ويدب على أرض دجلة والفرات وليس فقط كما يقولون انهم جاءوا لحماية مدنيي العراق.
حتى على حلفائهم كانت أسلحتهم ذكية
في إطار التعاون الأمريكي البريطاني المتبادل لإسقاط النظام الحاكم في العراق أطلقت بطاريات الصواريخ الأمريكية المتواجدة على الحدود الكويتية العراقية
صاروخا من نوع باتريوت على طائرة تورنيدو بريطانية لتسقطها وتقتل طيارين كانا على متنها وسط ذهول وحزن أصدقائهم في فرقة سلاح الجو الملكي
البريطاني الذين اكدوا أن الطائرة لم تكن في قطاع حساس ولم تقم بمناورة مشبوهة لتستحق هذا الخطأ من أسلحة الولايات المتحدة الذكية.
اعتذار الأمريكيين وطمأنة بلير لجنوده بأن الجيشين الأمريكي والبريطاني في خندق واحد كان ضمادا باليا ومضرا لأنه أثار حفيظة مواطنيه في الداخل الذين
كانوا ولازالوا معارضين لهذه الحرب المذلة - على حد قولهم - للبشر والبشرية.
الصواريخ الذكية تعرج على إيران
جاءت صيغة التقرير الإخباري الذي حمل خبر سقوط صاروخ امريكي في إيران هكذا (قال مسؤول دفاعي أمس ان الجيش الأمريكي يحقق في مؤشرات
على أن صاروخاً أمريكياً من طراز توماهوك أطلق من البحر على هدف في العراق ضل سبيله !! وربما يكون قد سقط في جنوب إيران).. قد تكون مفردة
(ضل) أو حتى (سبيله) لا تتعارض مع كون الصواريخ الأمريكية دقيقة وذكية، وقد نستمر بتصديق هذا الإدعاء المتكرر للدقة والذكاء ولكن هناك سؤال
يحمل براءة الطفل الذي سألني إياه بعد أن سمع أن الصواريخ الأمريكية قد تضل طريقها.. (لماذا يستمرون في إطلاق صواريخ تحتمل الضلالة والخطأ)؟! ألن
يخطئ هذا النوع أو ذاك ما إذا استمروا باطلاقها..لم أجب ذلك الطفل.. فأنا أنتظر الإجابة مثله أيضا.. خصوصا أن الصواريخ الأمريكية ال(ضالة) قد
سقطت ثلاث مرات بعدتلك المرة على أراض إيرانية !!
استمرار السقوط الضال ولكن على أراضينا
هذه المرة وأيضا لنتأمل هذا التقرير الإخباري الآخر عن سقوط أربعة صواريخ دفعة واحدة على شمال المملكة (سقطت أربعة صواريخ طائشة من نوع
توماهوك داخل الأراضي السعودية وذلك ضمن الصورايخ التي تطلقها القوات الأمريكية البريطانية على العراق من البحر الأحمر).. هل تأملتم التجديد في
الطرح التبريري الامريكي الذي بهت نوعا ما.. (طائشة) وكأن الطيش صفة تطلق على الحديد وليس على من يطلقه.. وكأن هذا التبرير سيغنينا عن ظفر
أحد ابنائنا إن لمسه مكروه لاسمح الله، وكأن هذا التوماهوك صنع أصلا ليضل عن طريقه.. وكأن هذا الصاروخ صنع ليقال في حالة سقوطه - كما يحدث
الآن - على مدنيين عراقيين: (نعتذر كان هذا الصاورخ طائشا هذه المرة)!!.. ورأينا بأم أعيننا وسمعنا بأمهات آذاننا كم تكررت هذه (المرة) من عسكريي
الولايات المتحدة الأمريكية.
حسن أكبر والدليل الأكبر
جاء الدليل الأكبر على وجود خلل كبير في تبرير الأهداف الأمريكية للحرب على العراق من جندي أمريكي تابع لقوات المارينزيدعى (حسن أكبر) عندما
هاجم معسكر (بنسلفانيا) في منطقة الدوحة بالكويت حاملا بيديه قنابل يدوية ليطلقها على زملائه وقادته ضباط المعسكر ليسفرالهجوم عن مقتل ضابطين
وإصابة أكثر من 15 فردا من مشاة المارينز، لا نحتاج لأكثر من هذه المعطيات لتقودنا إلى مسلمة تؤكد الخلل الكبير في العقلية الأمريكية وتبريرها لهذه
الحرب المرفوضة قبل وبعد من الأمريكيين أنفسهم، لينقل حسن أكبر إلى أحد المعتقلات الأمريكية في ألمانيا ويستكمل الصقور المهمة التي بدأوها في حصد
الأرواح والنقاط الخاطئة الواحدة تلو الأخرى دون التفات لصيحات القهر والاستهجان التي يطلقها العقلاء في جميع عواصم العالم.
التوابيت البريطانية
والنيران الصديقة مرة أخرى
هذه المرة هاجمت مقاتلة أمريكية من طراز E10 ثندربولت خمسة جنود من المشاة البريطانيين لتقتل أحدهم وتجرح الباقين جروحا بالغة، وقد جاء تعليق
أحد الجنود الذين بقوا أحياء بعد هذه الحادثة للطيار الأمريكي (لقد قاد طائرته كراعي بقر وكأنه متجه لتفجير نفسه.. كيف لم ير العلم البريطاني؟! لا
نعرف.. لقد كان هناك طفل في الثانية عشرة تقريبا لم يبعد أكثر من 20 مترا عندما فتح الأمريكي النار، وكان كل الذين حولنا من المدنيين، الطيار لم يكنْ
يكنُّ أي احترام للحياة البشرية، أعتقد أنه راعي بقر أهوج)
انتهى حديث هذا الجندي البريطاني المصاب بالنيران الدقيقة/ الصديقة/ الذكية في وصف أصحابها!!
جثث مدنيي العراق.. وحرب الحرية المزعومة
عودا على بدء.. للجملة التي بدأناها في افتتاحية هذه المتابعة المتواضعة (لاحياد في الحرب).. وعندما تكون كذلك لماذا سماها الأمريكيون (حرب الحرية)..
لماذا لم يسموها كما سماها النظام العراقي، لأن التسمية العراقية قد تكون أقرب للتصديق.. واقرب للواقع الذي نشاهد فيه يوميا تساقط الأرواح من هنا
وهناك.. وما هو المرغوب في حرية لا تبقي ولا تذر عندما يكون كل العراقيين من رضيعهم وحتى مسنهم في نظر الصواريخ الأمريكية ال(ذكية) صدام
حسين؟!.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved