*جيفري يورك صفوان: (*)
أشار مراهق إلى بقع حمراء على ثوبه قائلا: «أرأيت؟ لقد قتلوا أخي وهذه هي آثار دمه»، إن الذين يرغبون في مسامحة قوات التحالف أو نسيان ما فعلته هم
قلة، لقد قتل اثنا عشر شخصا في بداية الحرب هنا عندما قامت القوات الأمريكية والبريطانية بقصف المدينة وهي في طريقها شمالا نحو البصرة، الأمر الذي
أكسب أنصار صدام، الذين لا يزالون يمتلكون نفوذا مهما هنا، حملة دعائية سهلة.
يقول قاسم ساجد أحد سكان صفوان: «إن القوات البريطانية تقتل المدنيين، إنهم يقتلون النساء والأطفال، في هذا الصباح كان بعض الناس يعملون لكسب
قوتهم عندما شرعت القوات البريطانية بقتلهم».
ولكن اتهاماته لم يمكن تأكيدها، وحقيقة أنه كان يطلق اتهاماته تلك على الملأ دون أن يخشى من التعرض للمعارضة، وكونه كان على مقربة من جندي
بريطاني كان يراقب ما يحدث، دليل على أن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد أخفقت في كسب قلوب وعقول الشعب العراقي،و تظل حالة
الحذر والترقب تسيطر على جنوب العراق، فحتى بعد اكثر من اسبوع على سقوط صفوان والحقول النفطية المجاورة لها، لا يزال المزارعون المحليون يرفعون
أعلاما بيضاء فوق سياراتهم وشاحناتهم القديمة التي أصابها القصف من أجل التأكد من أنهم لن يكونوا الهدف التالي للهجمات الأمريكية والبريطانية.
ولا يزال الأطفال مبتهجين لرؤية المواكب العسكرية وهي تعبر بصخب بلدتهم الحدودية النائية كل يوم، فهم يلوحون بأيديهم ويثبون بلهفة آملين أن يرمي
إليهم الجنود علبة سجائر أو علبة علك، وبالرغم من جو الإثارة، ينتاب الكثيرين من أهالي صفوان قلق شديد بسبب حالة عدم الولاء واحتمال تعرضهم
لنقص الأغذية قريبا إذا لم يتلقوا مساعدات إنسانية.
يقول رجل عراقي رفض الكشف عن اسمه: «ليس لدينا شرطة ولا حكومة، لقد هربوا لحظة بدء الحرب، ليس لدينا ماء ولا كهرباء».
وفي مزرعة في ضواحي صفوان ثمة جندي عراقي سابق اسمه محمد هاشم تخالجه مشاعر مختلطة حيال الغزو الذي تقوده أمريكا على العراق، إنه ليس من
أنصار صدام حسين، فأغلبية الناس في جنوب العراق تكره صدام كما يقول، ولكنه في حالة قلق من قيام القوات الأمريكية بفرض قيمها على هذا البلد
وتعرض ثقافته الإسلامية للخطر، وهو شخصيا لديه سبب يجعله حذرا من الجيوش الغازية، فقد قتلت قوات التحالف والده خلال فوضى الساعات الأولى
لدى اجتياح صفوان الأسبوع الماضي، لقد كان السيد هاشم جنديا احتياطيا في الجيش العراقي، وقد فر من الخدمة ليلة الحرب.
وهو يقول: «إن جيشنا ضعيف وجائع، لقد كانت وجباتنا على الأغلب مجرد كسرة من الخبز»، وبالرغم من هذه الظروف فهو يتوقع أن تحدث معركة
عنيفة ضد القوات الأنغلو-أمريكية من قبل الكثير من الجنود العراقيين وخصوصا من قبل قوات النخبة كقوات الحرس الجمهوري ويردف قائلا: «إن صدام
حسين سيتكفل بهم، وهم مدركون أنه عندما يسقط فإنهم سيسقطون أيضا، إن الجنود خائفون من القادة، والقادة يعلمون أنه إذا سقط، فسيسقطون».
(*) خدمة كريستيان ساينس مونيتور - خاص بـ «الجزيرة»
|