حينما أخذت وريقات تلك السدرة في التساقط.. بعد أن اعتراها صفار الهزال، ووهن العطش، قلنا ليتنا غذيناها، وتعهدناها سقاية وعناية..!!!
ها هي أغصانها تذروها الرياح.. وجذعها تتداعى فروعه التي جفت فأوشكت على التكسر.. حتى إذا وطأت أقدامنا قطعها المتكسرة تفتتت، وأصبحت كهشيم المحتضر.
يوم أن كنّا بحاجة لفيء ظلالها تعهدناها بالسقاية، والرعاية.. وما أن نخر اليباس ناحية منها.. وأجهز على أوراقها.. فغابت خضرتها.. وغاب عطاؤها.. حتى تناسينا ما كانت عليه.. فنسيناها في أحلك ظروفها.. وكاد يطويها الردى في ساعة غفلة منّا.
كم من طائرٍ رفّ بجناحيه فأفردت لرفيفه وريقاتها النديّة، الغضّة، الطريّة.. وسيقانها البضّة.. فأنشأ يصدح فرحاً، نشوان.. فأين ذاك التغريد.. ما دافعه نحو هدم عشّه الذي اتخذه عليها..؟؟
هل أدمت الأغصان الجافة صغاره..؟؟ لما لم يحاول ترطيبها برضابه من شراب صغاره.. الذي طالما ارتشفه ندى من على وريقات تلك السدرة..!!!
اعتراها السقم في كبدها.. أو ربما نال منها الهرم نصيباً غير منقوص.. فهل ندعها تعاني مرّ الوحدة.. ووحشة الكساد.. ووجع الانزواء..!!
لم لا نبقى بجانبها رغم يباسها.. وتهاوي أغصانها.. وجفاف وريقاتها.
لنشعرها بحميمية الوفاء..!!
لنجرب.
أو لنحاول..
قطعاً لن نخسر..!
بل سنمنح الآخرين فرصة أوفر لمحاولة تصحيح أخطائهم.. ومراجعة دفتر حسابهم الحياتي.. وتقليب ملفات كاد الغبار يخفيها عن الأعين..!
لن نخسر إن نحن ألغينا دور الإيواء- إيواء العجزة والمسنين- المسلحة.. وأثثنا قلوبنا دوراً لإيوائهم.. لاحتوائهم ليس بين جدران أسمنتية خالط الحديد الصدىء جزءاً من أعمدتها وسقوفها، ومنها.. بل بين دمٍ ولحمٍ ولهاً.. ويذوب حناناً، ورحمة، ووداً.
لن نخسر إن نحن بادلنا عطاءهم- السابق- بعطاءٍ مماثل- لاحق.
البشر يحتاجون ذلك بعد أن أعطوا، وأعطوا حتى كلّوا من التعب، والوهن، والشيخوخة..
والسدرة تحتاج ذلك أيضاً.. حين نحتوي في أجوافنا.. وبين أضلعنا قلوباً طرية تنبض بالحب، والود، والإخلاص.. والوفاء.
ص .ب 10919- الدمام 31443 فاكس: 8435344-03
|