ان الرسالة المحمدية قد أضفت على الأمة العربية عزة وشرفا مرتفعاً على شرفهم وأنسابهم التي تلاشت وأصبحت العزة للاسلام والمسلمين. والقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل فهو للناس كافة بمعانيه وأصوله وأحكامه وقواعده، هزت الانس والجن. ولمن استمع اليه لأول مرة نزل بلغة العرب ليفهم، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ} أي أمة الاسلام، بدأت الرسالة برجل واحد من أشرف قبائل قريش وانضم اليه صاحبه واذا تمعنا وهم اثنان في الغار اذ يقول (لصاحبه لا تحزن ان الله معنا) هكذا بدأت قوة الاسلام ونودي في سماء مكة ومن ثم في المدينة المنورة بأن لا اله الا الله محمد رسول الله وانتشرت الرسالة ودخل الناس في دين الله افواجا وانهارت العروش وكسرت الاصنام وعُبد الله وحده، واذا بأولئك صناديد العرب وقتئذ وقوة شكيمتهم وبلاغتهم وعنادهم وانسابهم لم تغنهم شيئا ولم يتمكنوا بالوقوف أمام بلاغة القرآن ومحجته وصدق الايمان والعزيمة، من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم اجمعين.
والعرب قبل الاسلام كانوا قوماً جاهلين يغزو بعضهم بعضاً ويضربون في الارض سارين كالانعام لا يفرقون ولا يعقلون وقلوبهم شتى ويعتزون بما وجدوا عليه آباءهم على الاصنام عاكفين.
ان دعوة الحق هذه لاقت المعارضة والايذاء والعنت والكيد كما هو معروف ومعلوم، ولقد عاصرنا من قال أننا عرب قبل الاسلام انهارت هذه القوى واندكت العروش، وبقيت قوله الحق (مسلمون قبل أن نكون عرباً) واليوم أيتها الأمة العربية، انتم جميعاً أمام خطر داهم على بلدانكم وبيوتكم وأعراضكم واحدة بعد الاخرى ولأجل هذا فكل فرد عليه مسؤولية لا يمكن التخلي عنها بكلما يملك ويقدر عليه قليلا او كثيرا فتنبه في كل وقت لهذا الخطر، ولقد أحس ونبه وأنذر اكثر من مرة جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز لهذا الخطر الداهم وقام بجولات عديدة الى البلدان الاسلامية يدعوهم للتضامن وشد أزر العرب في محنتهم وأولئك المسلمين هم أشد الناس حبا للمسلمين وأرواحهم وقلوبهم مشدودة الى قبلة المسلمين الحرمين الشريفين.
والداعي لذلك هو خادم ومعمر الحرمين الشريفين فإذا كان العرب اليوم مائة مليون فجلالته بدعوته يضم اليهم قوة بشرية لا يستهان بها فتصحب ستمائة مليون مسلم، قوة هائلة يحسب لها الف حساب تقف في وجه الخطر الصهيوني الداهم، ويا للاسف كل الاسف لازلنا نسمع ونرى أن هذه الدعوة دعوة الحق تلاقي المعارضة من العرب، وأنا أقول (لا خوف على العرب إلا من العرب).
وبعد فالحمد لله ان تحقق للداعي أيده الله بعد مؤتمر الرباط اجتماع وزراء الخارجية الاسلامية بجدة، وعلم الجميع مقرراتهم التي تبشر بالخير كل الخير.
|