كاميرات التلفزيون التي تنقل الأحداث من داخل العراق، والتي تبث من خلال محطات التلفاز العربية والأجنبية تمارس «الحياد» كما يطالب به المتفيقهون الإعلاميون الذين درسوا الإعلام في الجامعات الغربية.
الحياد الذي لا يعرف الزيف ولم يسقط في حبائل التضليل الذي ينطلق من مركز السيلية الصحفي حاملاً عشرات البيانات العسكرية التي يتناوب جنرالات أمريكيا وبريطانيا على تقديمها للصحفيين والتي سرعان ما يكتشف زيفها على أرض المعركة..
يظهر جنرال بريطاني ويعلن بتبجح أسر قائد فرقة عراقي، وبعد دقائق يظهر القائد «الأسير» بلحمه وبشحمه على شاشات التلفزيون يرد على ذلك الجنرال ويخبره بأنه عائد للتو من معركة قتل فيها أربعة جنود بريطانيين..!!
زيف يريد منه متفيقهو الحياد أن نقع في حبائل تضليله..!!
ولا أدري كيف للذي ينبض في عروقه دم أن يبقى على الحياد وهو يشاهد نفس الصور التي كنا نشاهدها في فلسطين المحتلة.. تتكرر في العراق.. هناك جندي إسرائيلي يقتحم منزل أسرة فلسطينية في غزة والخليل، وهنا في الزبير والبصرة يقتحم أربعة جنود بريطانيين بيتاً عراقياً لتفتيشه.. يظهرون بغنيمتهم مدني عراقي يسحبونه من قبة ثوبه في حين تسقط والدته مغشيا عليها وغدرة الجندي البريطاني فوق رأسه.
تنتقل كاميرا التلفزيون إلى بغداد حيث تنقل صورا لأطفال مهشمة رؤوسهم، وطفلات تغطي الدماء وجوههن، ونساء يرقدن على أسرة المستشفيات، ضحايا يخرجون من تحت الأنقاض.. وثلاجات المستشفيات تخزن بها جثث الضحايا.
نفس المناظر التي شاهدناها في جنين.. في غزة في طولكرم والخليل ونابلس.. تتكرر في البصرة والناصرية والزبير وبغداد والموصل.
كل هذه الصور ويطالبوننا بالحياد.. وكأن الدماء التي تجري في عروقنا غير عربية.. ملوَّثة بالتغريب الذي سيطر على عقول المتفيقهين خدم الثقافة الأنجلوأمريكية.
|