جرد مؤقت لحسابات الحرب

اندلعت الحرب بحسابات غير مستوفية لجوانب الصورة وقد انبنى بعضها على مجرد أوهام.. فقد كانت المسألة في ذهن البعض مجرد نزهة عابرة ترتفع خلالها رايات الاستسلام والترحيب بالمهاجمين لكنها تحولت إلى مستنقع مليء بالوحل يصعب الخروج منه.
والآن بدأت السهام تنهال على رجال الحرب حيث استقال واحد من كبار مهندسيها هو ريتشارد بيري وهو من الذين توقعوا حرباً سريعة.. بينما يواجه وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد عاصفة من الانتقادات بسبب المصاعب التي تواجهها حالياً القوات الأمريكية في العراق ومنها ما يتعلق بخطوط الإمداد الطويلة.. وكان رامسفيلد أمر بإرسال أعداد أقل من القوات بينما الأوضاع على الأرض تقول بضرورة وجود المزيد من القوات.
ويعترف القادة الميدانيون الأمريكيون أنهم يواجهون مقاومة لم تكن في حسبانهم، وقال أحدهم انهم لم يجدوا في العراق ما كانوا تدربوا عليه قبل وصولهم.. فالمقاومة ضدهم شرسة ومتنوعة.. وهناك بالإضافة إلى ذلك خطوط إمداد طويلة تمتد لمئات الكيلو مترات تحتاج وحدها إلى قوات كبيرة لحراستها..
وبينما تجنب الأمريكيون، طوال اليومين الماضيين، الحديث عن هدنة لكيلا يقال انهم تعبوا من القتال، فإنهم تحدثوا أمس صراحة عن توقف التقدم البري باتجاه بغداد لأسباب تتعلق بتأمين خطوط الإمداد والمقاومة العراقية العنيفة.. ويلزم هذه القوات التي تعاني بالإضافة إلى ذلك من ظروف الصحراء الصعبة يلزمها، حسب أحد قادتهم، الصمود لحين وصول القوات الإضافية التي تتكون من 120 ألف جندي والتي ستصل إلى المنطقة بعد عدة أسابيع..
ولسنا هنا بصدد الحديث عن نتائج هذه الحرب فآلة الحرب الأمريكية الضخمة والمتطورة تستطيع تحقيق النتيجة التي تتطلع إليها الولايات المتحدة، لكن الوصول إلى ذلك يستوجب انقضاء بعض الوقت بالنظر إلى ما حدث حتى الآن.
فالخسائر في صفوف القوات الغازية تسجل ارتفاعاً ملحوظاً أما في الجانب العراقي فإن مأساة عريضة تظلل العراق بسبب القصف الأمريكي الشرس الذي لايسلم منه حتى المدنيين وهم الذين تقول واشنطن إنها جاءت لتحريرهم.
ويستحيل على العراقي أو أي كان أن يفهم كلاما عن ديمقراطية لا تتحقق إلا على أشلاء أبنائه وأشقائه.