تحقيق: عبدالله الملحم
باتت الحوادث المرورية المفجعة من المظاهر المألوفة في مختلف مدن وقرى الأحساء، بل لا أبالغ عندما اذكر ان الحزن لم يترك باب بيت لم يطرقه بوفاة قريب او صديق او زميل. بل ان الكثير من المارين بهذه الواحة الجميلة سواء من المسافرين لدول الخليج من سعوديين ومن جنسيات مختلفة ربما كانت للكثير منهم ذكريات مؤلمة، ولعل العامل المشترك لهذه المآسي هو الطرق الخارجية للأحساء، فهي مازالت تحصد أرواح الأبرياء. بل ان هذه الطرق أصبحت ريانه بفعل شلالات الدماء التي تنهمر من جراء تلك الحوادث المفزعة وبشكل شبه يومي، معاناة أهالي الأحساء مع هذه الطرق قديمة، الجزيرة كانت لها جولة على هذه الطرق رصدت من خلالها انطباعات الأهالي وحتى العابرين للأحساء من جنسيات مختلفة..
معاناتنا مستمرة
تحدث عادل بن حسين الرميح مؤكداً أن خطورة طرق الأحساء لا تحتاج الى تأكيد وقال: لعل ما نسمعه من الحوادث المحزنة على هذه الطرق يجسد حقيقة المعاناة خذوا مثلا طريق الهفوف/ العضيلية فهو طريق ضيق وذو مسار واحد ولعل مروره ببعض المنشآت الحيوية لشركة ارامكو السعودية وصولا الى حرض يجعله طريقاً مزدحماً وبالذات من قبل موظفي الشركة. وقد ساهم الطريق بوضعيته السيئة في فقدان الاحساء لعدد من شبابها ممن يعملون في أرامكو السعودية فقبل شهر راح أربعة شباب في حادث مفجع وساهم في خطورته رداءة السفلتة وبالذات الطريق المتجه الى حرض والخرج. وتزداد خطورة الطريق ابان الفترات التي تظهر فيها موجات الضباب.
وحقيقة لا أدري لماذا لم يتم وضع آلية من قبل شركة ارامكو السعودية او وزارة المواصلات لتحسين الطريق والعمل على ازدواجيته حماية لأرواح الأبرياء ولعل المحزن والمبكي ان معظم ضحايا هذا الطريق هم من فئة الشباب ممن يعملون في منشآت ارامكو السعودية. فنحن خسرنا الكثير من الشباب على هذا الطريق ومع ذلك استمر الوضع على حاله.
طريق مخيف
وعلق محمد الهفوفي قائلاً: لا اعتقد ان هناك طريقا في المملكة بهذه الخطورة على الرغم من أهميته لكونه طريقا دوليا وما اعنيه هو طريق الهفوف سلوى البطحاء الذي يربط بين المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي كقطر ودولة الامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان هذا الطريق رغم أنه دولي إلا انه وللأسف الشديد اصبح اشبه بالمصيدة القاتلة للعابرين. فهو طريق ضيق وذو مسار واحد وتكثر النتوءات على سطحه ومما يفاقم في خطورته عدم حمايته من الجانبين وقد ساهم وجود عدد من الهجر على مقربة من الطريق في تفاقم مشاكله من جراء تواجد الجمال السائبة التي أصبحت تترصد للعابرين وتشكل خطورة بالغة. والحوادث المروعة على هذا الطريق خير شاهد على خطورته.
فجعت بأسرة زميلي
وتحدث التاج حسين - سوداني الجنسية - قائلاً: هذا الطريق خطر ولا يختلف عليه اثنان، ومن بين ضحاياه في العام الماضي فجعت بوفاة زميلي وجميع افراد عائلته الخمسة في حادث مروع لاصطدام سيارته بعد عودته من مكة في طريقه الى قطر بسيارة أخرى وجها لوجه لا سيما وان الطريق ذو مسار واحد وقبل أيام تعرضت أسرة سودانية لحادث على نفسه الطريق لقي فيها اصغر افرادها مصرعه في حين يرقد البقية في مستشفى الملك فهد بالهفوف باصابات بليغة ومتفرقة، وبحكم تواجدي هنا في الأحساء فإنني اسمع بين الفينة والأخرى حوادث مفجعة.. فالطريق خطر للغاية «قالها مرارا».
الخطر يتربص بالطلاب
وزاد من خطورة هذا الطريق الدولي كما يقول احد طلاب كلية المعلمين بالأحساء الطالب محمد بن حسين الموشي بأن هناك عدداً من الجهات التعليمية على جانبي الطريق حيث توجد كلية المعلمين وكلية الطب ومركز الأبحاث التابع لجامعة الملك فيصل، ويشير الطالب الموشي بأنني استخدم هذا الطريق يومياً ويدي على قلبي خوفاً وفزعاً لا سيما وان الكلية تقع الى اليمين من الخط وهو ما يشكل خطورة على طلاب وأساتذة الكلية بل ان الكلية فقدت عدداً من طلابها من جراء وقوع حوادث مفجعة لهم على هذا الطريق وسوف يزداد الوضع سوءاً بعد افتتاح كلية الطب هذا العام وتحديد محطة الأبحاث الزراعية مقراً لها مما قد يعرض طلبة الكلية لمخاطر مماثلة. فالطريق دولي ويمتاز بالكثافة المرورية ومرور الشاحنات القادمة من دول الخليج وبالذات من الامارات وقطر. وحقيقة الوضع الحالي للطريق أكثر من مفزع ولا اخفيكم سراً بأن عائلتي تظل في قلق دائم حتى عودتي من الكلية يوميا وهو شعور ينسحب على بقية طلاب الكلية فتاريخ هذا الطريق مع الحوادث مشهور ومؤلم وجميعنا ننظر بلهفة ايجاد حل لهذه المعاناة التي تقلق الجميع.
فواجع طريق الرياض
ويبرز طريق الرياض الأحساء مروراً بخريص كأحد أخطر الطرق وهذا الطريق له ذكريات مأساوية للكثير من اسر الأحساء ويعلق علي احمد بو خضر بأن الطريق مملوء بالكثير من المخاطر وبالذات من هجرة خريص وحتى مدينة الهفوف، فالطريق هو الآخر ضيق وذو مسار واحد والحيوانات السائبة تمرح وتسرح على امتداده، فالخطر المميت يتربص بالمسافرين الذين يستخدمون هذا الطريق.
رحل المقاول وبقي الخطر
ويتدخل احمد عبدالله العباد بقوله بأن اهالي الاحساء استقبلوا بفرحة غامرة قبل عشر سنوات خبر اعتماد مشروع ازدواجية الطريق من خريص الى الأحساء على اعتبار انه سيزيل عن الجميع مخاوفهم المستمرة ولا سيما ان الكثير من الحوادث المفجعة تسببت في مصرع الكثير من الشباب بل ان اسراً بأكملها ذهبت ضحية هذا الطريق وبدأ المقاول بالفعل في تنفيذ وصلات قصيرة من الطريق إلا ان المفاجأة كانت بانتظارهم عندما توقف المقاول عن تكملة المشروع وحمل معدات على عجل تاركا أكثر من علامة استفهام. وظلت المعاناة مستمرة بل إنها تفاقمت عن ذي قبل.
وعلق احمد الجرسي عن طريق الرياض الهفوف قائلاً: حتى الوصلة التي تم احداثها مؤخراً تتسم بالخطورة فهي غير محمية من الجانبين مما يعني استمرارية مخاطر الحيوانات السائبة.
غياب أمن الطرق!!
وتحدث محمد صالح المحمودي بقوله: انه مما يؤسف له حقيقة ان تفتقر الخطوط الخارجية للاحساء من خدمات أمن الطرق. وما اعنيه الطريق الدولي الذي يربط الرياض مروراً بالاحساء باتجاه دول مجلس التعاون والذي يطلق عليه خط قطر، ومما يزيد استغرابي ان يكون هذا الطريق رغم أهميته الأمنية باعتباره يمر بالحدود الشرقية للمملكة المحاذية لقطر والامارات، يفتقر الى خدمات أمن الطرق فلو كان تواجد هذه الدوريات في الطرق المهمة لقفز هذا الطريق في مقدمتها.
ويتدخل سعيد بن راشد المري بقوله: لعل عدم وجود دوريات أمن الطرق على هذا الطريق يضاعف من مخاطره التي لا تعد ولا تحصى، فاذكر ان الكثير من ضحايا طريق الأحساء الرياض والأحساء سلوى يلقون مصرعهم، لعدم وجود وسائل لاسعافهم حال وقوع الحوادث المرورية. فالمصابون ينزفون حتى الموت وهو ما يعني حتمية وجود خدمات لأمن الطرق لمراقبة السير وتنظيم الحركة ولا سيما أنه يتسم بالكثافة المرورية وتطبيق الغرامات على المخالفين للأنظمة المرورية من خلال التقيد بالسرعة القانونية كما هو متبع في معظم الطرق الخارجية في مدن المملكة وبعض قراها.
وأضاف صالح سليم المبرز قائلاً: هذا الطريق الدولي الوحيد الذي يربط المملكة بدول قطر والامارات العربية وسلطنة عمان، يفترض وجود دوريات لأمن الطرق، فهو يحاذي حدود تلك الدول ولعل متابعة الطريق تعد ضرورة أمنية لا يختلف على أهميتها اثنان.
نخشى تكرار المفاجأة
وابدى عبدالله المرجوف قائلاً: لقد سعدنا جميعاً نحن أهالي الاحساء بالاخبار السارة التي تؤكد بأنه قد تم اعتماد تنفيذ المشروع ازدواجية طريق الهفوف سلوى البطحاء قبل ستة اشهر. ولكن نخشى ان يتكرر ما حدث للمشروع المتعلق باعتماد ازدواجية طريق الهفوف الرياض مرورا بخريص قبل عشر سنوات عندما بدأ المقاول في تنفيذ وصلات محدودة ثم توقف إلا ان الأمل يحدونا ان تسارع وزارة المواصلات بتنفيذ ازدواجية الطريق رحمة بأهالي المحافظة وحتى المارين من الدول المجاورة. فالطريق يظل بعبعاً مخيفاً للجميع بوضعيته الحالية.
ويتحدث الأستاذ صالح عبدالله النعيم قائلاً: حتى الطريق المزدوج الوحيد والذي يربط الاحساء بمدن الدمام الظهران ، هو الآخر يتسم بالخطورة.
بل ان الحوادث المرورية التي تقع عليه عادة ما تكون مفجعة.
ومرد خطورة الطريق عدم وجود حواجز سواء على جانبيه كما ان الجزيرة الوسطى هي الاخرى غير محمية بمعنى انها مفتوحة، فلو تعرض إطار لإحدى السيارات للانفجار فإن السائق يجد نفسه في الطريق الموازي في الاتجاه المعاكس والنتيجة الحتمية حدوث تصادم عنيف بين السيارات المستخدمة للطريق والمحصلة النهائية لتلك الحوادث عادة ما تكون مفجعة ومروعة، بل ان الحوادث المرورية على هذا الطريق اشبه ما تكون يومية.
حماية الطريق مطلوبة
ويتدخل الشاب فارس محمد المويحد قائلاً: هذا الطريق يعد من أكثر الطرق على مستوى المملكة فيما يتعلق بكثافته المرورية إذا عرفنا ان هناك آلافاً من الموظفين ممن يعملون في شركة ارامكو السعودية من أهالي الأحساء ويستخدمون الطريق.
من هنا فإنني اتمنى ان تسارع وزارة المواصلات الى ايجاد حلول سريعة بتوسعة مسارات الطريق وحماية جوانبه والجزيرة الوسطى كما هو موجود في عدد من الطرق السريعة كطريق الدمام الرياض السريع والرياض القصيم والرياض مكة فهذا الطريق يظل بحاجة ماسة الى هذه التعديلات، وعشمنا في المسؤولين في وزارة المواصلات لوضع هذا الطريق وطرق الأحساء الأخرى بعين الاعتبار.
وماذا بعد؟
ومن خلال هذا التحقيق يتضح جليا أهمية وضع حد لمعاناة أهالي الأحساء مع طرقهم السريعة. فهذه الطرق وكما يقول المثل الشعبي: «الداخل لها مفقود والخارج منها مولود». ولعل سجلات إدارة المرور ومستشفيات الاحساء تؤكد ان الأحساء تعد من أكثر محافظات المملكة فيما يتعلق بالحوادث المرورية.
ولعل الموقع الاستراتيجي للاحساء بحكم انها تشكل حلقة وصل بين دول مجلس التعاون شماله بجنوبه يستدعي الاهتمام بطرقها السريعة الى جانب ضرورة ان تمتد خدمات دوريات أمن الطرق لتشمل الطريق الدولي الذي يربط الرياض بقطر والامارات وسلطنة عمان مروراً بالأحساء، والذي يفتقر الى هذه الخدمة المهمة والضرورية حتى الآن.
|