تطور العمل الجراحي .. والسبب المناظير
في ظل التطورات والتقنيات العلمية المتلاحقة لم يعد للكثير من العمليات الجراحية التقليدية أي أهمية، وقد كان في السابق ليس هناك بد من هذه العمليات التقليدية بالرغم مما تحدثه من انتان وتأخر التئام الجروح أو عدم التئامها التام وغير ذلك من المضاعفات التي كانت تحدثها مشكلة خطراً على صحة المريض، وقد يصل الحد بالكثير منهم أيضا يؤثرون عدم إجراء العمليات التقليدية خوفا مما قد يسببه إجراؤها من إحداث العديد من المضاعفات التي قد تكون نتائجها مؤلمة، ولكن الآن بات بالإمكان الحد من إجراء مثل هذه العمليات الجراحية التقليدية بفضل الله ثم بفضل المنظار لأن المنظار بدأ استعماله لإجراء العديد من العمليات خصوصا داخل الجسم بحيث لا يحتاج الأمر لإجراء شق جراحي كبير كما هو الحال بالنسبة للجراحات التقليدية فعلى سبيل المثال: إن استئصال المرارة بالعمل الجراحي التقليدي يتطلب إجراء شق جراحي بما لا يقل عن10 سنتيمترات تقريباً، بينما استئصالها بالمنظار لا يتطلب سوى إجراء عدة ثقوب صغيرة فقط قد لا يتعدى قطرها السنتيمتر الواحد. وهذا يعني ان جراحة المناظير تعد الحل الأمثل لاجراء العديد من العمليات الجراحية في وقتنا الحالي دون تعريض المريض لأي من المضاعفات التي قد تهدد حياته، وهذا ما أكده العديد من الأطباء الذين حاورناهم من خلال هذا الحوار الذي تبناه مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي لتثقيف وتوعية المرضى والوقوف على كل جديد في مجال الطب وإيمانا بأهمية المنظار لكثير من الأمراض وخصوصا المرارة والتي أصبحت من الأمراض الشائعة فقد تم تخصيص هذا الحوار للتحدث عن (استئصال المرارة بواسطة المنظار) وقد استضفنا عددا من الأطباء المتخصصين بهذا المجال، ونبدأ حوارنا مع الدكتور عبد الكريم البكري استشاري الجراحة العامة بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي:
المناظير والنتائج المتميزة
* دكتور عبد الكريم بودنا أن تحدثونا عن المناظير وأهميتها في إجراء العمليات؟
لا شك أنه مع مرور الوقت وتقدم التقنيات العلمية في هذا العصر واستخدام تطبيقاتها في مجال الطب فقد ازدادت الكفاءة في علاج الكثير من الأمراض وفي نفس الوقت تقليل الخطورة والمضاعفات على المريض. وهذا ما يسعى إليه الأطباء والباحثون في هذا المجال، وسيأتي اليوم الذي يتم فيه العلاج الجراحي بأقل أو حتى دون أي تدخل جراحي بمشيئة الله إذا استمرت التطورات العلمية والتقنية الطبية بهذه السرعة المتلاحقة وسيظل المستقبل يحمل الكثير من الآمال المفرحة في كل ما هو جديد للمرضى.
وفي وقتنا الراهن بدأ التسابق بين مختلف القطاعات الطبية في أنحاء العالم بالتركيز والاهتمام بإدخال جراحات المناظير في مختلف التخصصات الطبية، وخاصة الجراحات العامة ومختلف الجراحات الأخرى لما تحققه هذه المناظير من نتائج طبية وممتازة، وقد كانت الجراحة على مر العصور إحدى ركائز العلاج والتداوي، وقد شهدت نهاية القرن التاسع عشر الميلادي تطوراً هائلاً في إجراء العمليات الجراحية وذلك باستخدام وسائل التخدير المختلفة. إلا أنه رغم كل التطورات بقي التدخل الجراحي يشكل قلقاً للمرضى وأطبائهم لما قد يصاحبه من مضاعفات وآلام.
وعلى مدى العقود الماضية تطورت جراحة المناظير تدريجياً وخاصة في وجود فتحات طبيعية كالفم ومجرى البول وفتحة الشرج. وأصبحت هذه العمليات تُجرى بأمان وكفاءة حتى استبدلت الكثير من العمليات الجراحية التي كانت تتم عن طريق الفتح (البضع) الجراحي في جدار البطن أو الصدر.
طريقة آمنة وفعالة
* لماذا يتم استئصال المرارة بالمنظار بواسطة احداث فتحات صغيرة في جدار البطن؟
ميزة هذه الطريقة أنها آمنة وفعّالة في علاج المرضى وبنفس الوقت أقل تأثيراً على الجسم وأكثر لطفاً، وللعلم فإن العمليات التي تتم عن طريق فتحات في جدار البطن أو الصدر قد بقيت محدودة الاستخدام حتى حدث تطور غير مسبوق سنة 1987م عندما قام الجراح الفرنسي مورت باستئصال المرارة الصفراوية عن طريق فتحة المنظار، ومع مرور الوقت وازدياد تطبيقات هذه التقنية وتطورها أثبتت الدراسات والتجارب أن المريض هو المستفيد الأول من هذه الطريقة الجديدة والآمنة فالآلام أقل والمضاعفات أبسط وفترة البقاء بالمستشفى أقل والنقاهة والعودة للحياة الطبيعية أسرع. كما أن هذه الطريقة كونها تعتمد على فتحات صغيرة لا تترك سوى آثاراً قليلة على الجلد ويحتفظ الجسم بجماله ورونقه بخلاف ما قد كان يحدث من آلام وفتوق وآثار وتشوهات والتي كانت تصاحب العمليات الجراحية.
إن مما يميز عمليات المناظير عن العمليات المعتادة هي أن الفتحات التي تعمل في الجسم صغيرة وتتراوح من 3- 12مم. كما أن استخدام المناظير عالية الجودة يعطي رؤية أوضح داخل الجسم واستخدام المشارط الدقيقة ينتج عنه نزف أقل. وتكون كفاءة هذه العمليات بنفس كفاءة العمليات التقليدية أن لم تكن أعلى بفضل الدقة في إجرائها بواسطة المنظار ونسبة نجاحها كبيرة جدا.
ومن ميزاتها أنها أقل ألما من غيرها حيث يتم حقن موضع الجرح حقنا موضعيا مما يقلل الألم .
استئصال المرارة بالمنظار لا يستغرق وقتا
* ماهي الإيجابيات التي تحققت جراء استئصال المرارة بالمنظار؟
هناك العديد من الإيجابيات التي تحققت بفضل استخدام المنظار في استئصال المرارة من أهمها: سرعة شفاء المريض بإذن الله لتقليلها هذه العملية من المضاعفات التي قد تصاحب عادة العمليات الجراحية التقليدية، كما أن من إيجابياتها أيضا أن المريض لا يحتاج سوى إلى فترة نقاهة قد لا تتجاوز اليومين فقط، وإضافة لكل ما ذكرناه فإن جراحة المناظير لا تسبب أي مضايقات او التصاقات او التهابات او ندوب كتلك التي تخلفها الجراحات التقليدية، أضف إلى ذلك أن المضاعفات والآثار الجانبية التي تنجم عن العمليات بواسطة المنظار تعتبر ضئيلة جدا إذا ما قورنت بالجراحات التقليدية العادية.
وعملية استئصال المرارة بالمنظار لا تستغرق وقتا في إجرائها كالجراحات التقليدية، لان العملية بالمنظار هي عبارة عن ثقوب بسيطة لا يستغرق إجراؤها وقتا طويلا، كما أنها كما قلنا تتيح المجال للمريض لمغادرة المستشفى في أسرع وقت.
لا حاجة لكثرة
المضادات الحيوية
* يقال أن من يجري عملية استئصال المرارة بالمنظار لا يحتاج للمضادات الحيوية كالذي يجري عملية تقليدية؟
بالطبع وهذا الكلام صحيح لأن احتياج المريض للأدوية والمسكنات والمضادات الحيوية وما يترتب على ذلك عند إجراء العملية بالمنظار من خدمات طبية وغير طبية داخل المستشفى يعتبر أقل لو أجرى المريض جراحة تقليدية بدون استخدام المنظار، لعدة أسباب أهمها أن الجراحة التقليدية تتطلب إجراء فتحات كبيرة جدا في البطن لاستكشاف المرارة وإجراء استئصالها مما يترتب على ذلك وجوب مضاعفة الجهود الإجرائية خوفا من تلوث الجروح أو إنتانها أما إذا كانت العملية أجريت بالمنظار فإنها لن تترك بإذن الله أي آثار جراحية أو ندوب أو تشوهات مقارنة بما قد تخلفه العمليات الجراحية التقليدية، لذلك فإن التوسع في إدخال المناظير يأتي بهدف تطوير الخدمات الصحية والرقي بها انتهاجا لمبدأ ضمان الجودة والتميز في الاداء .
أهمية المناظير
في التشخيص والعلاج
* تدور العديد من الأسئلة حول كيفية استخدام المنظار ما هي الأماكن التي قد يستخدم بها؟
كما هو متعارف عليه طبيا فإن الأمراض الباطنية تحتل نسبة كبيرة من الأمراض التي يعانى منها الكثيرون، ومن بين هذه الأمراض أمراض المرارة والتي تحدث نتيجة العديد مما قد يعترض جسم الإنسان كتغير نمط الغذاء أو التعرض للضغوط النفسية الناتجة عن الحياة العصرية وما إلى ذلك، وهذا ما أدى إلى زيادة نسبة المصابين بأمراض كتلك ولكن بفضل الله ثم بفضل التطور في الوسائل التي تستخدم في تشخيص مثل هذه الأمراض والتي من أهمها المناظير باختلاف أنواعها فقد أمكن السيطرة على العديد من هذه الأمراض، وأصبح بالإمكان إجراء العديد من العمليات بواسطة المنظار خصوصا في الأجزاء الباطنية للمرضى، حيث يوجد في المنظار قنوات يمكن من خلالها إدخال المعدات المختلفة مثل جفت أخذ العينات وجفت الكي الكهربائي وإبرة الحقن وجفت التقاط المعادن والأشياء التي تبلع على سبيل الخطأ كما يحدث مع الأطفال ومصيدة الزوائد اللحمية وسلة التقاط الحصوات المرارية، وكذلك استئصال المرارة وهو ما نحن بصدده في هذا الحوار، كما يمكن من خلال المنظار الرؤية من خلال العدسة الموجودة في طرفه الخارجي لنقل الصورة على شاشة تليفزيونية وهذا يسهل على الطبيب مهمته ويمكن أيضاً تسجيل الصورة على أشرطة والاحتفاظ به لدى المريض أو لدى الطبيب كعمل توثقي، وهناك مزايا عديدة يحتوي عليها المنظار تساعد على تشخيص واستئصال المرارة دون اللجوء للعملية التقليدية التي قد يصاحبها مضاعفات خطيرة قد تودي لا سمح الله بحياة المريض ليس نتيجة عدم نجاح العملية ولكن بسبب ماقد يترتب عليها من مضاعفات عقب إجرائها ولو كانت ناجحة 100% .
وداعاً لجراحة الاستكشاف
*ما هي الحالات التي يمكن تشخيصها بالمنظار إضافة إلى استئصال المرارة؟
هناك العديد من الحالات التي يمكن تشخيصها من خلال المنظار غير استئصال المرارة كحالات الصفراء التي تعجز الوسائل التقليدية عن معرفة أسبابها، وذلك استخراج حصوات القناة المرارية التي تسبب احتباس العصارة الصفراوية عن طريق سلة اصطياد الحصوات بدلاً من القسطرة واستئصال المرارة، وأود أن أؤكد أن هذا الأسلوب التشخيصى حل محل ( جراحة الاستكشاف ) حيث إنه يساعد على تشخيص الحالات التي يصعب تشخيصها إلا بجراحة استكشافية وهو ما يؤكد أن استخدام المناظير في العديد من الجراحات ومن أهمها استئصال المرارة ساهم بقدر كبير في سرعة اكتشاف أمراضها والقضاء عليها، كما ان أهم مميزات الطريقة المنظارية انها لا تؤدي لمضاعفات ولا تسبب حدوث وفيات وتحقق في الوقت ذاته نفس نتائج ازالة المرارة بواسطة منظار البطن، وكما قلنا آنفا فإن استئصال المرارة بواسطة المنظار لا يصاحبه سوى آلام بسيطة ما تلبث أن تزول، كما أنها لا تسبب تشوهات لجدار البطن كما تفعله بعض العمليات الجراحية التقليدية .
مراجعة الطبيب والفحوصات
بعد ذلك التقينا بالأستاذ الدكتور عبد العزيز الصائغ استشاري الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي وسألناه عن المرارة والحصوات المرارية وكيفية استئصالها بواسطة المنظار فقال: الحصوات المرارية هي حصوات تتكون إمافي المرارة وإما في القنوات المرارية وسبب تكونها هو اضطراب في تركيز مكونات السائل المراري، وفي أغلب الأحيان يكون هذا نتيجة لزيادة الكلسترول في السائل المراري إلا أحيانا يكون بسبب زيادة الصبغات المرارية عند المرضى الذين يعانون من فقر الدم، فزيادة هذه المواد عن الموازنة الطبيعية تؤدي إلى ترسبها ومن ثم تجمع الترسبات يؤدي إلى تكوين حصوات، ويتأكد المرء أن لديه حصوات إذا أحس بأعراضها وعليه بهذه الحالة مراجعة الطبيب الجراح ليقوم بالتأكد من الأعراض ومن ثم إخضاعه للفحوصات الطبية الازمة والتحاليل الدموية بالاضافة إلى الأشعة الصوتية التي من خلالها يتضح الحصوات بالمرارة وحجم القنوات المرارية، وأود أن أوضح أن المقصود بالمرارة أو الحويصلة المرارية أو الكيس المراري هو ذلك العضو الكيسي الكمثري الشكل الموجود بأسفل الكبد والذي يقوم بتجميع السائل المراري الذي يتكون في الكبد، ومن ثم تركيزه وإعادة ضخه إلى الأثني عشر بعد الأكل كي يساعد على عملية هضم المواد الدهنية.
كشفها بالأشعة الصوتية والحل باستئصالها
ويضيف الدكتور الصائغ أنه ليس هناك طرق ناجحة لعلاج المرارة الا باستئصالها مع حصواتها ويتم ذلك بواسطة المنظار البطني، وهذا المنظار يحتاج إلى حوالي أربع فتحات اثنتان منها بطول 1 سم واثنتان بطول حوالي نصف سم يتم من خلالها استئصال المرارة وإخراجها من البطن، وهناك طريقتان لإجراء عملية استئصال المرارة إما بواسطة العملية التقليدية أو بواسطة المنظار ولكن الأخيرة قد أثبتت نجاحا باهرا لعدة اعتبارات من أهمها قصر مدة إجراء العملية والبقاء في المستشفى وكذلك قلة الألم المصاحب للعملية، أضف الى ذلك أن المريض سرعان ما يستعيد نشاطه الطبيعي ويعود لممارسة عمله كأن لم يكن وبالنسبة للجرح الذي تحدثه العملية فهو أشبه بثقب صغير ما يلبث أن يلتئم مقللا نسبة الإصابة بالمضاعفات المصاحبة للجرح مثل الفتق الإلتهابات تشوهات الجروح وما إلى ذلك مما قد تحدثه العمليات الجراحية التقليدية .
فقط 45 دقيقة لاستئصالها
وعن الوقت الذي يستغرقه استئصال المرارة قال الدكتور الصائغ: إن عملية استئصال المرارة بالمنظار تستغرق مابين 45 - و60 دقيقة وإذا تمت العملية بنجاح لن يستغرق المكوث بالمستشفى أكثر من 24 ساعة، وللعلم فإنها تختلف استعادة وقت النشاط من مريض لآخر حسب تحمل كل منهما، وأود أن أؤكد أنه يمكن اكتشاف المرارة عن طريق الصدفة عند إجراء فحوصات طبية أو أشعة صوتية، ويلزم كل من ثبت أن لديه أعراض المرارة أو تم كشفها بواسطة التحاليل أو الأشعة مراجعة الطبيب الجراح لمعرفة ما إذا كانت حالتهم تستدعي التدخل الجراحي أم لا .
عمليتان في واحدة
بواسطة المنظار
قام عدد من الأطباء في مركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي بإجراء عملية جراحية نادرة لمريضة سعودية تبلغ من العمر (65) عاما، كانت تشتكي من آلام متكررة في أعلى وأسفل البطن لمدة طويلة تبين أنها تعاني من وجود كيس كبير داخل البطن في المبيض الأيمن مع وجود حصى بمرارة المريضة وانتفاخ شديد في المرارة نتيجة انسداد قناة المرارة بإحدى الحصوات، وقد قرر الأطباء المعالجين إجراء عمليتين بواسطة المنظار وبعملية واحدة كيف تم ذلك؟
من خلال هذا الحوار التقينا بالدكتور نادر حسين استشاري الجراحة العامة بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي ليحدثنا عن هذا الإنجاز الطبي فقال: أتتنا مريضة تبلغ من العمر (65) عاما وكانت تعاني من آلام متكررة أعلى وأسفل البطن وبعد إخضاعها للفحوصات الطبية تبين أن لديها كيساً كبيراً داخل البطن في المبيض الأيمن يبلغ طوله حوالي 30 سم ويحتوي على سائل، كذلك تبين وجود حصى بمرارة المريضة مع انتفاخ شديد في المرارة نتيجة انسداد قناة المرارة بإحدى الحصوات، وقد قررت أنا وزميلي الدكتور توفيق جعفر استشاري أمراض النساء والولادة بالمركز بإجراء عملية عاجلة لها، وفي بداية العملية قمت باستئصال للمرارة بالمنظار عن طريق فتحات صغيرة بأعلى البطن يتراوح طولها بين 5 ملم و10 ملم تم من خلالها شفط السائل من داخل المرارة بعد ذلك تم استئصال المرارة واستخراج الحصى منها، ومن ثم قام الدكتور توفيق جعفر باستئصال كيس المبيض المتضخم عن طريق إحداث جرح إضافي واحد أسفل البطن بطول 10ملم مع الاستفادة من جروح عملية استئصال المرارة وتم في البداية شفط السائل من داخل الكيس حيث كان يحتوي على حوالي 1 لتر سائل صافي ومن ثم تم استئصال الكيس بواسطة استعمال جهاز Endo-GIA وهو جهاز يستعمل في جراحة المناظير لقطع وتدبيس الأنسجة في نفس الوقت، وتمت العملية دون حدوث نزيف أو أي مضاعفات أخرى، ودون الحاجة لوضع أنبوبة (درنقة ) داخل البطن، وقد تم التأكد قبل العملية أن الكيس المراد استئصاله هو كيس حميد ولا يوجد أدنى شك في كونه ناتج عن مرض خبيث حيث تبين ذلك من خلال التحاليل الطبية والأشعات التي أجريت للمريضة قبل وبعد إجراء العملية، واستغرقت العملية الجراحية بشقيها حوالي ساعتين فقط وسمح للمريضة بمغادرة المستشفى بعد إجراء العملية بيوم واحد فقط .
أهمية جراحة المناظير
لكبار السن
وأضاف الدكتور نادر: أن هذه العملية تظهر أهمية جراحة المناظير في مثل هذه الحالات وخاصة مع كبار السن حيث أن هذه العملية لو عملت بالطرق التقليدية فإن المريضة كانت ستحتاج لجرح كبير في أسفل البطن بطول 10سم على الأقل لاستئصال كيس المبيض وجرح آخر كبير في أعلى البطن بطول 10سم أيضا لاستئصال المرارة، أو أن يتم عمل جرح واحد في وسط البطن على طول البطن كاملاً، وهذا بالطبع قد يؤدي إلى مضاعفات كثيرة وقد تحتاج المريضة لأجله البقاء في المستشفى لمدة أسبوع على الأقل، ولكن مع استخدام جراحة المناظير أمكن عمل هذه العملية عبر جروح صغيرة في البطن مما يقلل الآلام بعد العملية ويقلل احتمال حدوث مضاعفات ناتجة عن جروح كبيرة في البطن مثل حدوث التهابات في الصدر أو جلطة رئوية والتهابات الجروح أو حدوث فتق في الجرح الكبير وهذه المضاعفات تكون شبه معدومة تقريبا إذا تمت الجراحة بواسطة المنظار وتمكن المريض من الحركة والخروج من المستشفى في وقت قصير، مضيفا: أن جراحة المناظير تستخدم في مجالات جراحية متعددة لاستئصال الزائدة الدودية وتصليح الفتق أو أخذ عينات من داخل البطن أو من الأورام، كذلك تستخدم في جراحة النساء والولادة والحمل واستكشاف البطن واستئصال أكياس وأورام الرحم والمبيض وغير ذلك من الاستخدامات المتعددة .
مصاب السمنة والمنظار
* وسألنا الدكتور نادر عن إمكانية استئصال المرارة بالمنظار لمريض يعاني من السمنة؟
فقال: تعتبر الجراحة بواسطة المنظار نعمة كبرى للمريض السمين ويتميز المريض السمين بوجود طبقة شحم عميقة في جدار البطن، وكان في السابق وقبل أن يتم استعمال المناظير الجراحية حين يتم عمل عملية جراحية للمريض السمين فإننا نحتاج لجرح طوله ضعف الجرح الذي يتم عمله لمريض من الوزن الطبيعي لنفس العملية، وبالتالي يحتاج المريض السمين لفترة أطول في المستشفى ويكون عرضة لمضاعفات مختلفة مثل التهابات الصدر أو تجلط أوردة الساقين وغير ذلك أما الآن وحيث يتم عمل العملية بالمنظار وعبر جروح صغيرة في جدار البطن فإنه يمكن تجنب حدوث هذه المضاعفات لأي مريض وبالذات المريض السمين .
والحامل ولكن بشروط !!؟؟
* هل يمكن عمل استئصال المرارة بالمنظار خلال الحمل؟
بصفة عامة لا ينصح الجراح بعمل أي نوع من العمليات الجراحية خلال فترة الحمل، إذا كان بالإمكان تأجيلها لما بعد الولادة ولكن في بعض الأحيان يكون عمل العملية ضروريا كأن يحدث مضاعفات للمرارة مثل حدوث مغص مراري مستمر لا يستجيب للعلاج أو أن يحدث التهاب مرارة أو انسداد في قناة المرارة وتضخم أو انتفاخ في المرارة دون الاستجابة للعلاج التحفظي فإنه يصبح من الضروري عمل العملية حتى مع وجود الحمل وذلك حسب تقرير الجراح المعالج، والعملية تكون أسهل خلال الثلث الأوسط من الحمل لأن في الأشهر الثلاثة الأولى يكون احتمال حدوث إجهاض أكثر من باقي فترات الحمل، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة يكون حجم الرحم كبيراً ويملأ حيزاً كبيراً من تجويف البطن وبالتالي تصبح حرية استعمال الأدوات الجراحية غير المنظار محدودة، وفي حالة تقرر عمل العملية خلال فترة الحمل فإن المريضة تحتاج لمتابعة دقيقة من قبل طبيب التخدير لمتابعة حالة المريضة والجنين خلال وبعد العملية .
وللعلم فإنه يتم عمل عملية استئصال المرارة بالمنظار تحت تأثير مخدر كلي حيث يتم عمل أربع فتحات صغيرة في جدار البطن يتراوح طولها بين 10و- 15ملم ويتم ادخال أنابيب بلاستيكية من الفتحات ليقوم الجراح بإدخال غاز ثاني إكسيد الكربون للتجويف البطني عبر إحدى هذه الفتحات وذلك لرفع جدار البطن الأمامي لإعطاء مجال كاف لاستعمال الأدوات الجراحية داخل البطن بعد ذلك يتم إدخال أنبوب تلسكوب متصل بكاميرا خاصة وهذه تنقل الصورة من داخل البطن إلى جهاز تلفزيوني في غرفة الجراحة ويقوم الجراح بعمل العملية عن طريق متابعتها عبر جهاز التلفزيون ومن الممكن تسجيل خطوات العملية كلها بواسطة جهاز فيديو متصل بالتلفاز . كما التقينا بالدكتورة عزة عادل زمو استشارية الجراحة العامة والمناظير بمركز الحبيب الطبي عرضنا عليها عددا من الأسئلة..
المرارة تصيب النساء أكثر
*هل يمكن إطلاع القارئ على نبذة عن المرارة وأسبابها ومن تصيب أكثر الرجال أم النساء؟
إن موقع المرارة في جسم الإنسان هو تحت الكبد، ومهمتها أنها تعمل على تخزين المادة الصفراوية في جوفها وطرحها عبر قناة خاصة إلى الامعاء بعد تناول الطعام الدسم. حيث تساعد افرازاتها على هضم وامتصاص المواد الدسمة. وتتكون المادة الصفراوية التي تفرزها المرارة أو الكيس الصفراوي من العناصر التالية كالماء، والأملاح والكولسترول واحماض دهنية، ومن اهم الاضطرابات التي تصيب المرارة تشكل الحصيات بداخلها، ووفقا لما تشير إليه الدراسات حيث أن نسبة الإصابة بحصيات المرارة تزيد على 10% بين الأشخاص، أما من تصيب أكثر الرجال أم النساء فقد ثبت علميا أن النساء أكثر إصابة بهذه الأعراض وذلك عائد لعدة أسباب من أهمها ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم لدى النساء، وكذلك استخدام الحبوب المانعة للحمل وغيرها من الأدوية الهرمونية التي تتطلبها طبيعة المرأة، كما أن اقتراب المرأة من انقطاع الطمث النهائي أي بعد بلوغ النساء سن الأربعين عاما فعند ذلك يكن اكثر عرضة للإصابة بهذا المرض، إضافة إلى أن زيادة الوزن والبدانة والتي تكثر لدى النساء ونمط التغذية الغني بالسعرات الحرارية والفقير بالألياف الغذائية يؤهل للإصابة بالمرارة، كما أن تكرار الإصابة بالتهابات المرارة والاضطرابات الكبدية وبعض الأمراض الأخرى من أسباب الإصابة بأمراض المرارة لدى الجنسين.
علاقة الوراثة بالمرارة
*ماهي أعراض الإصابة بأمراض المرارة .. وهل للوراثة علاقة بأمراضها؟
من أهم أعراض أمراض المرارة الشعور بالآلام في المنطقة العلوية اليمنى من البطن، والتي تنتقل إلى الخلف لما بين الكتفين، وعادة تكون الآلام حادة مما يستدعي تدخل الطبيب لعلاجها والتخفيف من حدتها، وغالبا ما تحدث النوبات الأليمة بعد تناول الأطعمة الثقيلة والوجبات الدسمة، أضف إلى ذلك أن الشعور بالغثيان والاقياء والتعرق والشعور بالتعب وفقدان الشهية والاضطرابات الهضمية من أهم أعراض الإصابة بالمرارة، أما دور الوراثة في الإصابة بأمراض المرارة فهي تلعب دورا في حدوث الإصابة بها وذلك بتشكل الحصيات في المرارة، التي قد تكون كولسترولية صرفة أو مختلطة أو ملونة.
إهمال العلاج يؤدي للسرطان
* هل يمكن علاج حصيات المرارة باستئصال المرارة كاملة؟
ان إهمال علاج حصيات المرارة قد يؤدي لحدوث الالتهابات الحادة أو المزمنة وامكانية الإصابة بسرطان المرارة، لهذا ينبغي استشارة الطبيب لدى الشعور بأي اضطراب، من اجل تقييم الحالة الصحية للمريض، كما أن إجراء الفحص السريري والتأكد من الإصابة عن طريق التصوير الشعاعي وإجراء التحاليل المخبرية والوسائل التشخيصية الأخرى المتطورة يسهم بإذن الله من التقليل من حدوث المزيد من المشاكل الصحية، واستئصالها أن أمكن بواسطة المنظار كفيل بالقضاء على آلامها من أجل الحفاظ على جسم صحي وسليم، ولا شك أن حصيات المرارة تعتبر من أمراض البطن الجراحية. وبهذا فإن علاجها يعتمد على استئصال المرارة بأكملها، واليوم بفضل تقدم العلوم الطبية التشخيصية منها والعلاجية فقد بات بالإمكان استئصال المرارة ضمن عمليات اليوم الواحد بواسطة المنظار.
التأكيد على أهمية
دور غرف العمليات
بعد ذلك التقينا بمديرة التمريض السيدة باميلا بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي والتي أكدت من خلال حديثها على أهمية غرف العمليات والتي تجرى فيها العمليات بأنواعها فتقول: إن غرف العمليات المجهزة بمواصفات عالمية تساهم بالحد من انتقال العدوى بنسبة 100% وتضيف أن استخدام الأدوات الجراحية ومباضع الجراحة من قبل الأطباء لمرة واحدة يمنع من انتقال العدوى بين المرضى كما يمنع من حصول أي إلتهابات وأعراض جانبية أخرى بسبب تلك الأدوات الجراحية أو غرف العمليات غير المجهزة بأجهزة مصممة خصيصا وفق معايير الجودة لمنع انتقال العدوى، وعن الاستعدادات في المركز لإجراء العمليات وخصوصا استئصال المرارة بالمنظار تقول السيدة باميلا: يوفر المركز العديد من الاستعدادات لهذه العملية ومن أهمها: توفر الكفاءات الطبية المتخصصة حيث يتوفر (6) من الجراحين الاستشاريين الحاصلين على البورد الأمريكي والزمالة الكندية والبريطانية للقيام بإجراء مثل هذه العمليات التي تتطلب مهارة وكفاءة من قبل الأطباء الذين يقومون بإجرائها،وبالنسبة للتقنية المتطورة لإجراء مثل هذه العمليات فالمناظير الجراحية التي يتم بواسطتها استئصال المرارة تم استيرادها من شركة W O L F الألمانية وأجهزة التخدير والغازات الطبية من شركة D R A G E R الألمانية، وقد تم عمل التحصينات اللازمة داخل غرف العمليات لمنع انتقال العدوى بحيث أن أدوات العملية التي تجرى بواسطتها لا تستعمل إلا لمرة واحدة ولا يعاد استخدامها مرة أخرى، وقد حرص المركز على إيجاد طاقم تمريضي مؤهل وحاصل على أعلى الشهادات وذو خبرة عالية ومن جنسيات بريطانية وألمانية ومن دول أخرى وبإمكان المريض الخروج في نفس اليوم والعودة للحياة بصورة طبيعية .
***
المشاركون في الحوار
الأستاذ الدكتور/ عبد العزيز الصايغ استشاري الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي .
الدكتور عبد الكريم أكرم البكري استشاري الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي .
الدكتور/ نادر حسين استشاري الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي .
الدكتورة/ عزه عادل زمو استشارية الجراحة العامة والمناظير بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي
السيدة/ باميلا مديرة التمريض بمركز الدكتور سليمان الحبيب الطبي.
***
إرشادات مجانية
العديد من الناس يسألون عن الإرشادات التي يمكن من خلالها تجنب الإصابة بهذا المرض؟
دائما وأبدا الوقاية خير من العلاج، ودائما ما أنصح مرضاي بضرورة إتباع العديد من الإرشادات التي تقي بإذن الله من اضطرابات المرارة المختلفة، وهذه الارشادات هي:
أولا: التخلص من الوزن الزائد، لأن الوزن الزائد دائما يكون سببا في كثير من المشاكل الصحية .
ثانيا: الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية والإكثار من تناول الخضار والفواكه التي تقوي الجسم وتزوده بالعناصر الغذائية والفيتامينات وغيرها، إضافة إلى ذلك ضرورة التقليل من تناول الأطعمة الدسمة.
ثالثا: عدم تناول أي دواء إلا بعد استشارة الطبيب، مع ضرورة الإكثار من الحركة وممارسة الرياضة بشكل منتظم لتجنب الكثير من الأمراض ومن بينها أمراض المرارة ومن مميزات استئصال المرارة بهذه المناظير أنها لا تترك أي آثار للخياطة بعد العملية حيث يتم عمل هذه العملية بطريقة تجميلية لا تترك أثرا للجرح بإذن الله.
|