يعتبر كثير من الناس على الصعيد العربي الاستاذ عبدالرحمن الراشد رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط اليومية من خيرة الإعلاميين العرب. ذلك ان المتابع لمقالاته السياسية يلمس تحليلاً موضوعياً يميل إلى الواقعية والموضوعية والبعد عن التحيز للعاطفة الشخصية، ومن المعروف ان عبدالرحمن الراشد درس في الولايات المتحدة الأمريكية ويعيش الآن في لندن بحكم عمله منذ سنوات طويلة مما اكسبه فرصة الاطلاع الواسع على الثقافة الغربية وفنون الصحافة والإعلام الغربي.. وبخاصة الإعلام الانجليزي الذي اعتمد على توثيق المعلومة.. والاقامة الطويلة في بلد الديمقراطية والحريات الشخصية قد أضافت لمهارة الراشد الصحفية أبعاداً إيجابية عمقت رؤيته لعلاقة الشرق بالغرب.
تلك العلاقة الأزلية التي اتصفت عبر التاريخ بكونها علاقة براجماتية وذرائعية.
فإن تساعدنا الدراسة والاقامة في الغرب على تعميق رؤانا حول هذه العلاقة الخطرة والمتأزمة بين الشرق والغرب على مدى التاريخ هو أمر محمود نضيفه إلى خانة الكسب الايجابي. ولكن ان يصل إعجابنا بالغرب إلى درجة الميل الأعمى والانجراف معها ونحوها فذلك ما نسجله في خانة المردود السلبي الذي يتمثل في التنصل من الهوية العربية والانتماء إلى هوية الآخر.
ومن المؤسف والمؤلم ان نجد الاستاذ عبدالرحمن الراشد يتخلى عن واقعيته المعهودة في كتاباته، ليعتلي موجة عالية يطلق منها الاتهامات للاعلام العربي برمّته، مذكراً بالإعلام إبان حرب 1967. فالإعلام العربي اليوم حسب رؤية الراشد بتعجله وميوله الواضحة نحو المبالغة المفرطة بوعود الانتصار وتعزية الجماهير بقصص لا علاقة لها بما يجري على الأرض إنما يعود إلى إعلامه القديم وإن كان يبث بالألوان ويستخدم التقنية الالكترونية، ويتهم الراشد الإعلام العربي عامة ودون استثناء بالسطحية..
فإننا نقول: الا تحتم الموضوعية التي يطالب بها الأخ عبدالرحمن ان يمنح الإعلام العربي ولوشيئاً من الاعتراف بالقفزة الإعلامية النوعية التي حققها في السنوات الأخيرة.
الا ينتشر المراسلون العرب في مواقع الحرب من جهة وفي دول العالم من جهة أخرى لينقلوا لنا مجريات الأمور حيّة وبالبث المباشر؟
ألم يلاحظ الأخ عبدالرحمن التخبط في تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية؟
الا يذكره هذا التخبط بادعاء النصر المبكر إبان نكسة 1967؟
ألا يعتقد أن اعلام الغرب يلجأ إلى تضليل الرأي العام العالمي بإخفاء الحقائق وأخص بالذكر الإعلام الامريكي؟
إذا استثنينا التصريحات التي يدلي بها الصحاف والتي تعتمد مفردات لم نسمعها من قبل.. إذا استثنينا ذلك فإننا لم نسمع بأية خطة عصماء من اية وسيلة إعلام عربية تدعي إنزال الهزائم المنكرة بالجيوش الغازية.. بل سمعناهم ينقلون الحدث من موقع الحدث.
نعم نحاول ان نكون موضوعيين ونعرف كما تعرف الشعوب العربية والإسلامية المتلقية للإعلام المكتوب والمرئي على حد سواء بأن نهاية الحرب قادمة وبأن الجولة محسومة سلفاً ومسبقاً لصالح ال B52 واخواتها وبأن النظام العراقي القائم على الديكتاتورية والاستبداد سيئول الى الانتهاء ولكن لا ينسينا ذلك ان دماء الجزائريين وحدها هي التي حررت الجزائر من المستعمر.. ودماء الفلسطينيين تروي الأرض المقدسة.. والعراقيون يفعلون ويقدمون التضحيات من أجل ارضهم وعرضهم وليس دفاعاً عن مستبد ظالم.
ان الشعب العراقي ناضل ويناضل من اجل التخلص من حكامه المستبدين كلنا نتمنى زوال النظام وتحرير الشعب العراقي من الاستعباد ولكن ليس استبداله بالاستعمار.
إن المستعمرين لهم قلوب من حديد.. ولنا قلوب تنزف حزناً على شعب مسلم عربي شقيق ابتلاه الله بحاكم يقتله في الداخل وبعدو يقتله من الخارج.
| 
