هنالك أخبارٌ مهمة لتوعية الناس تُنقَل عبر بعض وسائل الإعلام عن الحرب القائمة الآن في العراق، ولكنَّ هذه الأخبار سرعان ما تختفي وتتلاشى تماماً ولا تذكر مرَّةً أخرى، ولا تحظى بالتحليل والمتابعة كغيرها من الأخبار.
وهنا نتساءل: يا تُرى الى أيِّ مدى تتحقق الاستقلالية في المراكز الإعلامية التي تدَّعي الموضوعية والحرص على أمانة النقل الإعلامي؟
لربما تكون الإجابة عن هذا السؤال صعبةً في ظل المناهج الإعلامية المتذبذبة، وفي ظل الإغراءات المالية وغير المالية، أو التهديدات التي تواجهها الوسائل الإعلامية في هذا العصر.
ومع ذلك فإن حاجتنا الى إعلام مستقلٍّ لا تزال قائمة، ولا يزال الضعف الإعلامي في عالمنا الاسلامي ثغرة كبيرة لا أدري متى يمكن أن تُسدّ؟
من الأخبار التي وردت في بدايات هذه الحرب الغاشمة الظالمة أن أسيرين عراقيين قُتلا من قبل القوات الأمريكية، وفصل رأس كل واحد منهما عن جسده، ثم انتهى ذلك الخبر من حيث بدأ، ولم نسمع له ذكراً بعد ذلك، مع أنه خبر مهم في تأكيد «المخالفة» الصارخة للأنظمة والقوانين الدولية التي تمَّت على مرأى العالم ومسمعه بهذا العدوان على العراق، وعلى استقراء المنطقة وكرامة أهلها، أين ذهب ذلك الخبر؟ ولماذا مات في مهده؟
ربما يقول قائل: إنَّ تلاحُق الأخبار وتتابعها في ظل هذه الحرب الغاشمة يجعل بعضها يُسقط بعضاً، وجديدها يُنسي قديمها، ولا شك أنَّ هذا التسويغ واردٌ، وأنَّ حدوث مثل هذا الأمر ممكن.
ولكنَّ اختفاء بعض الأخبار التي تعني جانباً واحداً في هذه الأزمة ألا وهو الجانب المعتدي الغازي، المخالف لقرارات هيئة الأمم، يوحي بأن وراء أكمة الوسائل الإعلامية ما وراءها.
فمن بين الكلام الذي قاله رئيس الوزراء البريطاني في مؤتمر صحفي قبل أيَّام: أنَّ التحالف الدولي خدع سكان جنوب العراق في الحرب السابقة عام 1991م حينما وعدهم بالحماية من النظام العراقي إذا تعاونوا معه، ثم لم يفِ بهذا الوعد، وتركهم وحدهم بعد انتهاء الحرب، وقال: إن ذلك هو السبب في عدم تعاونهم معنا في هذه الحرب، فقد فقدوا الثقة، ثم نادى المواطنين في جنوب العراق طالباً منهم الثقة بهم هذه المرة وأنهم لن يخذلوهم.
ومضى هذا الكلام بعد ذلك في وسائل الاعلام ولكن بعد أن حُذف ما يتعلق منه بخدعة التحالف عام 1991م لسكان جنوب العراق حذفاً كاملاً، وبقي الجزء الثاني يتردَّد في بعض وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى، وأقصد بالجزء الثاني الوعد بالوفاء هذه المرة ومحاولة كسب ثقة الناس في جنوب العراق ليكون لهم دور تتمنَّاه القوات الغازية.
هنا يعود التساؤل نفسه: هل سقط الجزء المشار اليه من الخبر قدراً دون قصد، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا بقي الجزء الآخر من الخبر؟؟
ومن الأخبار المهمة لنا نحن العرب والمسلمين ما ذكره بعض المراسلين أكثر من مرَّة عَلَناً بصورة واضحة لا لبس فيها رآها الناس على الشاشات مباشرة، من أنَّ هنالك صواريخ يهودية صهيونية وقعت على بغداد، وأنَّ شعار الدولة الصهيونية واضح عليها، وبعضها مكتوب عليه «أورشليم» كما شوهد ذلك في بعض أجزاء عثر عليها من تلك الصواريخ، وبعضها مطبوع عليه «النجمة اليهودية».
ومع ذلك فما رأينا هذا الموضوع يُطرح على المحللين السياسيين، أو يعرض في نقاش مركز يبين مدى الحقيقة فيه، ويشير الى أبعاد مثل هذه المشاركة إن كانت قد حدثت، وكيف حدثت؟؟
الأخبار المختفية مهمة جداً، وربما أنها تكون أهمَّ من معظم الأخبار التي تُكَرَّر عشرات المرات على مسامع الناس.
إشارة:
غابةُ الظلم سرت منها الضَّواري حيث لا يقوى على الإدلاج ساري
|
(*) الرياض الازدهار
|