Sunday 30th march,2003 11140العدد الأحد 27 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بموضوعية بموضوعية
قائمة الأرباح والخسائر للحرب
راشد محمد الفوزان

بعيداً عن تحليلات الحرب ونتائجها وتتابع الاحداث لها، وبعيدا عن الخوض في تفاصيل العدوان الامريكي البريطاني ضد العراق وشعبه، والتي نأمل ان تنتهي بأسرع وقت ممكن، وبأقل الخسائر البشرية والمادية للشعب العراقي الشقيق. ان هذه الحرب القت بظلالها على العالم ككل وليس لمنطقة الخليجية او الشرق الاوسط سواء كان سياسيا او اقتصاديا، وسنركز على البعد الاقتصادي وحجم الضرر الذي حدث قبل الحرب وخلال الحرب وما بعد الحرب، والتي يتوقع لها ان تكون بأرقام فلكية وكبيرة جدا.
هذه الحرب ومن خلال منظور الربح والخسارة الاقتصادية لا نجد لها اي عائد او ربح اقتصادي لدول المنطقة الخليجية او العربية او العالم عدا الولايات المتحدة، فهي ستلحق الخسائر الكبيرة جدا لهذه الدول، وحين نستعرض بعض هذه الخسائر التي تمت وستتم في مختلف القطاعات فمن ارتفاع رسوم التأمين على الشحن للسلع الواردة مما يعني زيادة التأمين واكثر، كذلك انخفاض حركة الطيران الخارجية والتي تقدر نسبة الانخفاض بها الفعلية تصل الى 40% هذا يعني خسائر لشركات الملاحة العالمية في الشرق الاوسط قدرت ب 10 مليارات دولار وستزيد مع طول امد الحرب، تأثر الدول العربية بشكل رئيس بانخفاض السياحة لديها مما ادى الى تأثر وضعها الاقتصادي الذي تعتمد عليها كأحد اهم مصادر الدخل لها، كذلك انخفاض اسعار النفط الى حدود تهدد بانخفاض مستمر بعد السيطرة على النفط العراقي واعادة تصديره بواسطة التحالف الدولي مما سيؤدي الى انخفاض السعر عن المستهدف لمنظمة «الاوبك» وهو ما بين 22 و 28 دولار امريكي حتى ان سعر النفط ارتبط الآن بمستوى تقدم الحرب فان زادت المقامة العراقية زاد سعر النفط وان استمر التقدم الامريكي البريطاني داخل الاراضي العراقية بدون عوائق او مقاومة انخفض السعر، كذلك انخفاض مستوى الانفاق الاستهلاكي للسلع والخدمات خليجيا وحتى عالميا ترقبا لما سيحدث وما بعد الحرب وهو سؤال يتكرر بالحاح وهذا يضعف الحركة التجارية الراكدة اصلا ويبطئ النمو الاقتصادي الذي لا يتحقق الا بتزايد الانفاق الاستهلاكي بشكل متزايد وهو المؤشر الحقيقي لمستوى الانعاش الاقتصادي، ايضا تأثر الاسواق المالية «الاسهم» المحلية لدينا حيث ارتفع مستوى التذبذب وعدم الاستقرار مما يؤدي الى احجام الكثير عن الاستثمار او حتى المضاربة لارتفاع نسبة المخاطرة وان كانت مفيدة للكثير لجني الارباح، كذلك من خسائر واضرار هذه الحرب ارتفاع اسعار وقود الشحن سواء للطائرات او البواخر وهو يضاف الى التأمين كتكاليف تضاف للنقل وايضا تضيف عبئاً اضافياً على المستهلك ان لم يحجم عن استهلاكها ان لم تكن ضرورة، استمرار حالة الترقب والانتظار لدى الكثير من المستثمرين حيث لم تتضح صورة خاصة لدى الاجنبي منه والذي لن يخاطر برأس ماله وامواله في منطقة تعاني من التوتر والاضطراب الشديد والحرب محتدمة، نزوح الكثير من العاملين في الدول القريبة من المنطقة كالكويت خصوصا لاحظنا نزوح الالاف منهم من خلال مطار الكويت او من خلال الحدود السعودية وهذا يلقي بعبء اقتصادي كبير علىي الكويت او دولهم التي سيعودون لها.
وبعد سرد لبعض الخسائر والتأثيرات لهذه الحرب نطرح السؤال الاهم، ماهي تكلفة اعمار العراق الذي يدمر الآن من الجنوب والشرق والوسط والشمال؟ من سيتحمل تكلفة بناء العراق المدمر البنية تماما؟ والذي تقدر تكلفة اعماره بمئات المليارات من الدولارات، فصواريخ كروز والقاذفات الجوية من B52وغيرها من المدافع تدك يوميا وعلى مدار الساعة العراق بكل بنيته الاساسية وحتي البشرية، فاتورة هذه الحرب تشير التقديرات الى انها ستسدد من نفط العراق نفسه، وما احتلال ام قصر الا خطوة اولى بهذا المسار فهي ليست موجهه لاستقبال المعونات الانسانية للنازحين فلا يوجد نازحون الى اليوم، وبرغم إقرار الكونجرس الامريكي بخفض مشروع الرئيس جورج بوش للضريبة الى النصف لدعم الحرب بما يقارب 70 ملياراً ستظل تكلفة الحرب اكبر من ذلك بكثير من كل يوم تستمر فيها الحرب، والتي ينتظر كيف لهذه المبالغ ان تدفع من اي مصدر والتي يتم التأكيد عليه ان من سيدفع هو العراق فهو يعاد البناء بأمواله، بعد ان هدم بثروته.
المستفيد من هذه الحرب هم فقط العدو الاسرائيلي والشركات الامريكية والتي اصبحت تنتظر ساعة استلام المشاريع الكبيرة المنتظرة خاصة النفطية، وهذا هو السيناريو الذي وضع سلفا من قبل الادارة الامريكية والتي تنظر لهذه الحرب بدون وجود الحكومة العراقية الرسمية فهي تخطط لما بعد الحرب، وهذا وضع كثير من الشركات الامريكية في حالة انتظار منها والتي تنتظر حصصها من تلك العقود، وهذا ما سينعكس على السوق النفطية الدولية بمزيد من الانهيار لاسعار النفط كأحد اهداف هذه الحرب غير المتكافئة.
الحروب لا ينتظر ان تقدم ارباحاً غالبا، لكن في هذه الحرب الكل خاسر، من العراق كدولة والشعب والبناء وكل ماهو عراقي، وخسائر دول الخليج في كل قطاعاتها التجارية، وعلى المستوى الدولي من اهتزاز للعملات والاسواق المالية وتدني حركة الطيران والسياحة، يظل هناك رابح واحد فقط وهو الشركات الامريكية والبريطانية لوحدها دون غيرها وهي جزء من الانتصار المنتظر للادارة الامريكية ضمن سلسلة من النتائج والتغيرات المنتظرة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved