* القاهرة مكتب الجزيرة - أحمد سيد:
جدد خبراء الاقتصاد في مصر تحذيرهم من عواقب الضربة الأمريكية للعراق واكدوا ان الأطماع الأمريكية في مقدرات المنطقة تفوق ما هو ظاهر حاليا، إذ يستهدف فيما يستهدف، تغيير شكل النظام السياسي في دول المنطقة بما يخدم الأهداف الإسرائيلية والأمريكية.. مشيرين الى عدة سيناريوهات لشكل ما بعد الحرب تختلف حسب نجاح او فشل الحملة العسكرية الامريكية.وقالوا في ندوة «الآثار المحتملة للحرب ضد العراق» التي نظمتها الجمعية الوطنية لحقوق الانسان والتنمية البشرية مؤخراً، إن مصطلح العولمة الذي راج خلال السنوات الماضية لم يكن سوى غطاء براق للتوجه العسكري الأمريكي في العالم ومحاولة التفرد بإدارة العالم وفق الهوى الأمريكي.. منوهين الى ان الذين يديرون السياسة الأمريكية حاليا ما هم الا «عصابة» ومجموعة من أصحاب شركات البترول في تكساس.
عسكرة العالم
وذكر المحامي أمير سالم رئيس
الجمعية ان الولايات المتحدة تتجه لعسكرة العالم بقوتها وجيوشها.. موضحا ان المثقفين تصوروا ان اتفاقات الشراكة ومنظمة التجارة العالمية هي الشكل الجديد للنظام الحالي، الا انهم فوجئوا بشيء آخر وأخطر وهو ان وضع السياسة والتاريخ الدولي اصبح يتم حاليا بالقوة العسكرية، بل يتم فرض ثقافة الغير ونمطه في الحياة بالقوة أيضا !!
وقالت الدكتورة سلوى العنتري مديرة البحوث في البنك الأهلي المصري ان الدراسات الاقتصادية التي قدرت الخسائر المتوقعة من ضرب العراق غير دقيقة وتفتقد الى بحوث واقعية، وكل ما تم نشره في هذا الصدد مجرد تخمينات.
وأضافت ان تقدير رقم حقيقي للخسائر المتوقعة يخضع لما ستسفر عنه الحرب.. موضحة ان بعض الدراسات أشارت الى فقد حوالي عشرة ملايين فرصة عمل في الدول العربية خلال السنوات المقبلة بعد اندلاع الحرب، كما ان هناك تخبطا شديدا في تقدير تكاليف إعادة اعمار العراق فالبعض يقدرها بحوالي 100 مليار دولار ولكن الرقم المتيقن منه حسب الدراسات المتخصصة ان تصل تكلفة الإعمار الى 165 مليار دولار.
واشارت الدكتورة سلوى العنتري الى انه من المتوقع ان ينخفض سعر برميل البترول بعد الحرب الى 15 دولاراً وهو الهدف المعلن للإدارة الأمريكية، وإذا انخفض السعر الى هذا الحد فسوف يحقق خسائر اقتصادية هائلة لدول الخليج التي تعتمد موازناتها على إيرادات النفط، كما سيؤدي ذلك إلى الاستغناء عن العاملين في قطاعات الخدمات من مصر وسوريا والأردن واليمن والسودان الذين يعملون في دول مجلس التعاون الخليجي وهو الأمر الذي سيسبب زيادة أعداد البطالة في دولهم الأصلية.. بل ان دول المنطقة ستشهد نزوح رؤوس الأموال منها للخارج وقد بدأت بالفعل البنوك السويسرية حملات لجذب هذه الأموال.
ارتفاع فاتورة الواردات
وأوضحت انه نتيجة للانخفاض المتوقع في سعر النفط فإن فاتورة الواردات للمنطقة سترتفع لتحقق عجزا كبيرا في ميزان المدفوعات.. ناهيك عن الخسائر الحالية في حركة التجارة حيث رفعت شركات التأمين نسبة التأمين على السفن المتجهة للخليج عبر قناة السويس حوالي 15 % عن النسبة المعتادة .. مشيرة الى تضرر كل من سوريا والأردن جراء ضرب العراق لأنهما يستوردان النفط من العراق بأسعار مميزة اي اقل من الأسعار العالمية، وعندها سيستوردان البترول وفق السعر العالمي للبرميل مما يؤثر سلبا على موازين مدفوعاتهما.
ونوه الدكتور أحمد السيد النجار مدير وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام إلى أن المملكة العربية السعودية نجحت في رفع منطقي لأسعار البترول منذ عام 1998 من 12 ،9 دولارا للبرميل الى 27 دولارا للبرميل في عام 2000 ثم انخفض بعدها إلى 22 دولارا في عام 2001، ثم ارتفع بعد ذلك لأسباب عراقية وفنزويلية وبدأت دورة الارتفاع المتتالية كما هو معروف.. وهو الأمر الذي كلف الولايات المتحدة حوالي 121 مليار دولار خلال هذه الأعوام نتيجة ارتفاع سعر البرميل وهو ما يعادل قيمة المساعدات الأمريكية للخارج في تسع سنوات.
وقال إن أمريكا ترغب من ضرب العراق واحتلاله واحتكار بتروله تعويض خسارتها من الزيادة المرتفعة في سعر البرميل، خاصة أن العراق يمتلك احتياطيا يقدر بحوالي 112 مليار برميل، كما أن القدرات الإنتاجية له كبيرة ويمكن ضخ أربعة ملايين برميل يوميا في خلال عدة اشهر.. بل يمكن للعراق ان يضخ ما بين 10 الى 12 مليون برميل خلال سنوات معدودة من خلال تكثيف الاستثمارات في حقوله النفطية وذلك لتثبيت سعر البرميل عند حدود 15 دولارا فقط !
واكد النجار انه اذا انخفضت أسعار النفط الى 15 دولارا للبرميل فسوف يحقق ذلك خسارة للدول العربية تصل الى 102 مليار دولار سنويا، اضافة الى تفشي البطالة وتدني حركة التجارة.. موضحا ان ما تقوم به امريكا حاليا هو نزعة فاشية تتطور بشكل حاد، إضافة الى الاتجاه نحو عسكرة الاقتصاد.
وقال ان الولايات المتحدة تعتدي على الحريات المدنية وتخصص ميزانيات هائلة للأمن وإشعال الحروب في العالم،
حيث خصصت 50 مليار دولار لوزارة الدفاع و38 ملياراً للأمن الداخلي إضافة للمخابرات المركزية.. مشيرا الى ان العدوان الامريكي على افغانستان والعراق ومن قبل في البلقان سيؤدي الى تصاعد الاتجاهات المتطرفة في المنطقة وفي العالم ضد كل ماهو امريكي.
واشار الى ان أوروبا ستتأثر بشكل عكسي بما سيحدث مع الولايات المتحدة ففي حال تحقيق امريكا غاياتها من العراق فسيتم تمزيق كل العقود التي ابرمت من قبل في كافة المجالات مع الشركات الأوروبية وتلقى في اقرب سلة قمامة، لتحل بدلا منها عقود جديدة مع الشركات الأمريكية.. مؤكدا ان موقف الدول المصدرة للنفط مثل روسيا وفنزويلا سيكون مشابها لدول الخليج العربي.
|