لم توفر أحداث الحرب المؤسفة أحداً من الإدمان على وسائل الإعلام وبخاصة الفضائيات سواء كان ذلك طفلاً أو مسناً، صغيراً أو كبيراً حتى أولئك الذين ليس لهم أدنى اهتمام سياسي، وقد صور هذه الحقيقة الفنان الهليل في رسمة أخيرة له عندما صور «بائع تمر» يتحدث مع صديق له حول أسطول بحري وجوي وصلا إلى المنطقة فقال له صديقه: «خلّك من هذه الأساطيل وركز على أسطول البرحي والسكري..!».
إنه منذ اندلاع هذه الحرب وكل إنسان في هذه الدنيا تؤرقه وتؤلمه هذه الأحداث ومشهد دماء الأطفال والنساء والشيوخ، ولكن المؤلم أكثر انه ليس بيد أي إنسان أي حل سوى ألم يحرق جوانحه وجوارحه فهذه هي الحقيقة المفجعة فليس لنا للتخفيف من آثار هذه المأساة النفسية علينا كبشر إلا أن نلجأ إلى الله تضرعاً من ناحية وطلباً للأمن والطمأنينة للتخفيف من أوجاع هذه المآسي على قلوبنا وأجسادنا، إنه ليس مثل الركون إلى «جنب الله» سبيلاً لزرع الطمأنينة في القلوب وفي «رش الأمن على مخاوف الإنسان».
** ولقد قرأت قبل عدة أيام موضوعاً نفيساً أكد فيه الدكتور الطبيب عبدالرحمن العمري هذه الحقيقة من منطلق علمي طبي حيث قال: في صحيفة المدينة بتاريخ 18/1/1424هـ، وهو يتناول التوتر الذي أصاب الناس بسبب الأحداث:«ما دام حال الدنيا كما نشهدها على الفضائيات جحيماً، وانفجاراً ومرارة، حيث جعلتنا نعيش في حالة من التوتر، وندخل في دوامة القلق والخوف، فإن ذلك يعني طبياً زيادة مستمرة في إفراز هرمون التوتر «الأدرينالين»، كما يضطرب أيضا التوازن الهرموني والكيماوي في الإنسان سري الاستثارة، سري الانفعال، غير قادر على التصرف السليم واتخاذ القرار الملائم فيرتفع ضغط الدم، وتظهر متاعب القلب وتنخفض مناعة الجسم ومستوى الانترفيرون، كذلك تتأثر سيفونية إفراز الغدد الصماء.. فتضطرب الوظائف الجنسية ويختل نظام وحجم الدورة الشهرية.. ويضيف الدكتور العمري بنطق جميل:
إذن ليس أمامنا الا أن نتطلع إلى السماء إلى كيمياء الإيمان، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:153)
نعم الصلاة، أي الوقوف والركوع والسجود في خشوع تام وتركيز واستغراق وصدق فإن في هذه الدقائق العميقة من التركيز إعادة تنظيم لجهازك العصبي المركزي، فيعمل على زيادة إنتاج هرمون السعادة «سيراتونين» وإفراز مادة «الاندورفين» التي ترتفع من الروح المعنوية وتساعد علة تحمل الألم والثبات والاستقرار وتقلل التوتر وتساعد على التفاؤل، حينئذ يكون مؤشر الحياة في منطقة الأمان بإذن الله»..
* * *
** بقيت نقطة مهمة ألا وهي .. اننا إذا كنا بحاجة في كل وقت الى تماسك جبهتنا الداخلية فإننا أحوج ما نكون في أوقات الأزمات الى تماسك ونباهة وترابط هذه الجبهة والتشبث بوحدتنا الوطنية، فهي التي حمتنا بعد الله وحفظت وطننا واستقرارنا ووحدة أرضنا فيما مر على بلادنا من أزمات، وقد رأينا أثر هذا التماسك على أمن وحفظ بلادنا في حرب «عام 91» حرب تحرير الكويت حيث إنها بحمد الله لم تمسّ استقرارنا وأمننا رغم اننا كنا طرفاً فيها فقد انقلبنا بعدها بنعمة الله وفضل لم يمسسنا سوء.
* * *
** أخيراً: كم أتمنى ألا نجعل مآسي أمتنا مجالاً للطرف واللامبالاة حيث إن البعض وعبر «رسائل الجوال» جعل من هذه المأساة بكل أسف سبيلاً لبث «النكت» و«الطرف» في تعليقات ساخرة على هذه المأساة وكأنها ملهاة.
وبعد:
اللهم الطف بشعب العراق أطفالاً ونساء ورجالاً، وألطف بنا معهم واربط على قلوبنا وقلوبهم.
اللهم احفظ وطننا عقيدة وقيادة وتراباً وإنساناً.
* * *
المرأة عندما تكون «رهناً» لدى الدائن
** كلما تذكرت أن قانون «حامورابي» الذي هو من أول القوانين التي وضعها الإنسان على الأرض.. والذي جاء في إحدى مواده أن القانون «يخول للرجل أن يجعل من زوجته «رهنا » عندما يريد أن يتدين ديناً حتى يوفي الدين»..كلما تذكرت مثل هذا القانون الذي يساوي المرأة بقطعة أثاث أو حجر منزل، أو حديد سيارة، عرفت وأدركت كم أكرم الإسلام المرأة وحفظ لها حقوقها واحترامها قبل أي قانون في الدنيا.
ف: 014766464
|