* جدة أحمد سعيد العمري:
ومع بداية اول يوم للدراسة بعد الحرب، كان من الطبيعي ان يتناقل المعلمون والطلاب الاحاديث حول هذه الاحداث شأنهم شأن كل مواطن خصوصاً ان احداث هذه الحرب ظلت تترى من خلال كافة اجهزة الاعلام التي نقلتها بكل تفاصيلها.
«الجزيرة» استطلعت عدداً من المسؤولين التربويين والمعلمين والطلاب حول هذا الأمر وخرجت بهذه الحصيلة.
انتظام
بداية تحدث الينا مدير عام التعليم بمنطقة مكة المكرمة الاستاذ عبدالله بن محمد الهويمل قائلاً: نحمد الله عز وجل فالدراسة في مدارسنا منتظمة كأي يوم عادي، ولم نشهد تغيباً لا للمعلمين ولا الطلاب، كذلك لايوجد اي اثر نفسي سالب، ونسأل الله سبحانه وتعالى ان يجنبنا الحروب وآثارها.
الاستاذ عبدالله الغامدي مدير ثانوية الأحنف بن قيس والأستاذ عبده الصميلي وكيل المدرسة والمرشد الطلابي علي الشهري اكدوا على انتظام الطلاب في الدراسة كأي يوم عادي، كما اكدوا على اكتمال حضور كافة المعلمين وعدم تأثر ذلك باحداث الحرب، وارجع الصميلي الاثر البسيط الذي اعترى بعض الطلاب الى وسائل الاعلام المختلفة.
وتحدث بعض المعلمين عن جراء هذه الاحداث حيث يقول الاستاذ معدي الشهري من متوسطة ابن كثير ان هذه الحرب هي حرب على الاسلام والمسلمين ونسأل الله سبحانه ان يجنبنا هذه الحروب.
وقال الاستاذ محمد علي الزهراني ان حديث المعلمين اليوم كان ينصب على الحرب والتحليلات لهذه الاحداث عما يرونه ويسمعونه من خلال القنوات الفضائية والراديو مما كان لذلك بالغ الاثر في النفوس سواء للمعلم او الطالب او ولي الامر او سائر افراد المجتمع.
اما الاستاذ احمد اليامي مدرس مادة الجيولوجيا فقال: حديث المعلم كان هذا اليوم وسيكون طوال فترة الاحداث عن الحرب وهو امر طبيعي عند اجتماع المعلمين.
ويرى الاستاذ منصور احمد الثقفي من مدرسة دار المعرفة المتوسطة ان هذه الحرب قد اصبحت حديث الناس سواءً في المدارس او في اي مكان آخر واثرها النفسي على الجميع الطالب والمعلم يظهر من خلال حديثهم وتأثرهم بما يشاهدونه ويسمعونه من احداث لايرضى بها اي فرد مسلم او غير مسلم.
من جانبهم اكد عدد من الطلاب صالح سلطان وعلي عبدالرحمن المالكي ومرزوق سليم الذيابي ومحمد مرشد ونادر العنزي من ثانوية الأحنف بن قيس ان سماع الاخبار ومشاهدة ضرب امريكا باسلحتها المتقدمة على العراق، قد اثر على نفسياتهم واصبح جل اهتمامهم متابعة الاحداث.
اما الطلاب محمد الثبيتي، ياسر الدوسري، محمد الزهراني، محمد الحربي، محمد العمري، مساعد العمري، عبدالله الزهراني، من مدارس مختلفة فقد قالوا: اصبحنا نفكر ونحن في المدرسة من جرس إنذار الحرب، وانصرفنا الى الاخبار مما كان لذلك ابلغ الاثر في نفوسنا ونفوس اولياء امورنا الذين يترقبون سير الاحداث بشيء من القلق، ولكنهم اجمعوا في ذات الوقت عن انتظامهم الكامل في الدراسة، واضافوا أن قلوبهم مع الشعب العراقي في محنتهم هذه.
«الجزيرة» توجهت بعد ذلك الى استشارية الطب النفسي ورئيسة وحدة الامراض النفسية بمستشفى الملك فهد العام بجدة الدكتورة منى الصواف فقالت: التأثير النفسي للحرب بالنسبة للطلاب يعتمد على سن الطالب فالمرحلة الابتدائية تختلف عن المرحلة المتوسطة والثانوية فعامل السن عامل اساسي.
فالطفل الصغير يأخذها بنوعٍ من الاثارة وإذا كبر واصبح في الصف الخامس والسادس يكون لديه نوع من القلق لان ادراكه العقلي يكون افضل خاصة اذا رأى وتابع الاخبار ولكنه لايفهم كل شيء وإنما يتابعها كالكبار اما المرحلة المتوسطة فيصبح لدى الطالب الكثير من الانتماء لبلده ويصبح له رأي خاص به، ويستفيد من الاخبار، كما تبدأ اخبار الاحداث تصرفه عن اهتماماته الخاصة ويدرك مفهوم الحرب كالبالغين واول تأثير على الكل هو الخوف وهو شيء مجهول، ثانياً توقع المصائب بناء على ماترتب من حروب سابقة كحرب الخليج السابقة.
واجعلني اتحدث عن الطلاب الذين لهم اهل من الذين اصيبوا في حروب سابقة سيعيشون نفس المشاعر التي عاشوها ايام وفاة اقاربهم. وكذلك التضخيم والمبالغة في حال غياب المعلومة الحقيقية وهي الاشاعات وكل واحد يجب ان يثبت وجهة نظره واطلاعه، ومن المهم جداً للمدارس ان يكون هناك خطة للتعامل مع الشائعات واعطائهم المعلومات الصحيحة والتدريب على النظام وعدم الفوضى وان يكون هناك فريق عمل لتدريب الصغار والكبار على حالة الطوارئ لاسمح الله. فالطالب الذي يلاحظ عليه الخوف والهلع بحاجة الى رعاية خاصة بترشيد افراد الاسرة.
ومن عنده عدم المبالاة فهو بحاجة الى تدريب خاص مع الجماعة حتى لايتصرف بمفرده ومن المهم جداً تدريب الطلبة الكبار على الاسعافات الاولية.
وعن ردة الفعل اثناء الحرب قالت الدكتورة منى الصواف حالة خوف وقلق وهي الاكثر شيوعاً هلعاً وتوتراً، وحالة جمود وتبلد فترى الفرد يجلس مكانه ولايستطيع الحركة او الكلام، حالة الذهانية وهي اضطراب شديد في السلوك ونوبة هياج وقد تصل الى حال ان الانسان يؤذي نفسه والاخرين دون شعور، اما بعد نهاية الحرب فان الذي سيحصل سيكون هناك مجموعة منا لديها الحزن والكآبة ومجموعة سيكون لديها اضطرابات الكرب ويحصل ذلك في حال حدوث الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين وغير الطبيعية كالحروب وغير ذلك.
ويحصل القلق والخوف والاكتئاب والاضطرابات البيولوجية من نوم واكل وشرب ونشاط يومي ويعيش نفس الحادثة بمشاعرها النفسية المؤلمة وكأن الحادث حصل الآن.
وهناك من يصاب بمرض الاكتئاب ويمكن ان يصاب البعض بالاضطرابات الذهانية، أما الاطفال يكون عندهم الخوف من الانفصال عن الاسرة وصعوبة التكيف والعودة للحياة الطبيعية.
|