* تحقيق : عبدالله بن ظافر الأسمري
الاحتساب المدرسي
يتحدث للصفحة في بداية الموضوع الأستاذ المشارك بقسم الدعوة والاحتساب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الشيخ الدكتور خالد بن عبدالرحمن القريشي حيث وجه فضيلته نصائحه للطالب والاستاذ فقال لا ريب أن فترات التوقف هي فترات يجد الطالب فرصة ينسى فيها ماضيه الذي قصر فيه أو أخطأ فيبدأ بنفس مقبلة وعزيمة عالية للوصول الى أعلى المراتب والدرجات، وكذلك الاستاذ يبدأ مع الطلاب جميعاً بصفحة جديدة، فالنفوس تتغير بين لحظة أو أخرى، فلعل الطالب الذي كان في مؤخرة الركب يسبق غيره ويتفوق على الجميع. وبالنسبة للوالدين ينبغي عليهما أن يزرعا في أولادهم أن الماضي ينبغي ألا يؤثر في عمل الإنسان إلا من خلال شيء واحد، وهو الجد والعمل على تصحيح الخطأ وتدارك التقصير، والمحافظة على النجاح مع الاستمرار في تطويره والرقي به. مؤكداً على تصحيح الخطأ وتدارك التقصير، والمحافظة على النجاح مع الاستمرار في تطويره والرقي به. مؤكدا على أصل من أصول الإسلام ومبانيه العظام، ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو لب القضية التي أشار إليها في بداية حديثه، حيث قال فضيلته فعندما يوجد هذا المبدأ والأصل بين الطالب وأستاذه يزول كثير من الأخطاء، وينتبه كل عاقل وراغب في الخير الى ما عنده من نقص وزلل وتقصير، فالمسلم مرآة أخيه المسلم،يبين له الجانب الطيب الذي ينبغي أن يسلكه، والجانب السيئ الذي ينبغي أن يحذر منه، وبذلك تسلم السفينة وتسير في طريقها الصحيح بقوة وعزيمة للوصول الى الهدف والغاية العظيمة التي تسمو إليها.
الهدف والغاية
ولتحقيق هذا الأصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يوصلنا الى هذا الهدف والغاية العظيمة رضا الله، ثم الفوز والسعادة والنجاح في الدنيا والآخرة أكد القريشي أنه ينبغي على الطالب والأستاذ، مراعاة استحضار معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دائما بين الجميع، وأنه دليل على وجود المحبة والإيمان بين الطالب والأستاذ، واستحضار النصوص التي تُرغِّب فيه، وترهِّب منه، بين الحين والآخر، ولو كان بتعليق بعض الصحف المدرسية والنشرات التعريفية في فناء المدرسة وفصولها. كما لا بد من سعي الأساتذة والمعلمين على تطبيق هذا المبدأ العظيم في المدرسة ليكونوا قدوات حية بين الطلاب وسائر المدرسين. علاوة على فرح الأستاذ وإظهار السرور إذا وجه له أمر بمعروف أو نهي عن منكر، من أحد الطلاب لأن كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وأنه لا خير في الأمة إذا لم تتناصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
وأشار إلى تفضيل وضع بعض الجوائز التشجيعية، والحوافز المادية والمعنوية، للطلاب الذين يقدمون شيئاً يذكر في نشر وغرس مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع ربطها ببعض الأعمال التي تنفذ في المدارس، ويقوم بها الأساتذة والطلاب، وتسمى باسمه مباشرة، مثلا: عريف الفصل، يسمى برجل الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الفصل، والأستاذ المناوب، يسمى بالمحتسب، وهكذا ليتأصل هذا المبدأ ويقوى بين الطلاب الذين هم أصل المجتمع ونواة تكوينه.
وصايا ثلاثية
من جهة أخرى شدد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمحافظة حريملاء الشيخ سعود بن محمد آل رشود في حديثه للطالب وخصوصا في طلبه للعلم على عدة أمور ابتدأها بأهمية التأكيد على تقوى الله وهي جماع الأمر، وأساس الفلاح، وهي من أعظم أسباب تحصيل العلم النافع كما قال تعالى: {يّا أّيٍَهّا الّذٌينّ آمّنٍوا اتَّقٍوا اللَّهّ وّآمٌنٍوا بٌرّسٍولٌهٌ يٍؤًتٌكٍمً كٌفًلّيًنٌ مٌن رَّحًمّتٌهٌ وّيّجًعّل لَّكٍمً نٍورْا تّمًشٍونّ بٌهٌ} كما قال صلى الله عليه وسلم (أتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة بالحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).
وأكد آل رشود على أهمية إخلاص النية في طلب العلم مذكراً بقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئ ما نوى). وحذر من توجه النية بطلب العلم لغير الله إما لوظيفة أو جاه او نحوه. مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) يعني ريحها.
كما أشار فضيلته الى اهمية الصبر مؤكدا انه دواء ناجع وعلاج نافع، فما أطيب عوائده وما أكثر فوائده، فصبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله، فاصبر وصابر على طلب العلم، واعلم أن من لم يعرق في طلب العلم جبينه، لم يعرق في مدارج الكمال ومراتب الفضيلة. وعن الصحبة الصالحة ذكر فضيلته أنها خير معين في الدين والدنيا، وقال ولتكن صحبة في الدنيا والآخرة قال تعالى: {الأّخٌلاَّءٍ يّوًمّئٌذُ بّعًضٍهٍمً لٌبّعًضُ عّدٍوَِ إلاَّ المٍتَّقٌينّ} والخليل على دين خليله، مؤكدا على أهمية احترام الأصحاب ومعاملتهم معاملة طيبة، بمراعاة شعورهم، واحترام آرائهم، وحسن الخلق معهم ولين الجانب لهم والحذر كل الحذر من احتقارهم وازدرائهم،
حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة العالم القائم) وضرورة أن يجعل الطالب من نفسه أنموذجاً للطالب المثالي المتحلي بالصفات الحميدة شعاره اخلاص وتقوى، واستعانة بالله، ومحافظة على صلاة الجماعة في المسجد وحسن خلق، وصبر ومصابرة في طلب العلم، ونظافة وحسن هندام، ومروءة وسخاء، وعفة وعلو همة وقوة في الحق وضعف في الباطل وبعد عن السخرية وتجنب الاستهزاء.
وعن الدور المطلوب من الطالب تجاه المعلم قال آل رشود من المهم تبجيل المعلمين واحترامهم وتقديرهم لعلمهم وكبر سنهم، ولابد أن يستمر هذا التقدير في المدرسة وبعدها، وذكر فضيلته أن على الطالب أن يعاملهم باحترام وينصت لهم ويتأدب معهم ويقبل نصحهم، فعن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وإن من حق العالم ألا تكثر عليه السؤال ولا تعنته في الجواب، وألا تلح عليه إذا كسل ولا تمسك بثوبه إذا نهض ولا تفش له سراً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطلبن عنوته، وأن زل قبلت معذرته وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت الى خدمته، وعن استشعار مسؤولية الدعوة الى الله قال فضيلته انها رسالتك أيها الطالب في هذه الحياة، وفضل الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عظيم عند الله، يقول تعالى: {وّلًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى الخّيًرٌ وّيّأًمٍرٍونّ بٌالمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ المٍفًلٌحٍونّ} ولا تهمل الأسلوب الحسن في دعوتك، يقول تعالى: {ادًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ وّالًمّوًعٌظّةٌ الحّسّنّةٌ وّجّادٌلًهٍم بٌالَّتٌي هٌيّ أّحًسّنٍ} وقال صلى الله عليه وسلم: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).
وحتى يكتمل عقد الوصايا وجه الشيخ آل رشود حديثه الى الآباء والأمهات قائلاً شمروا عن الساعد واستفرغوا لذلك الطاقة والجهد، لتنالوا أجرهم وتكفوا سرهم، وتسلموا من تبعتهم، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، واسلكوا في ذلك أفضل المسالك، وعليكم مراعاة ما يلي: اختيار الزوجة الصالحة، وسؤال الله الذرية الصالحة، والفرح بمقدم الأولاد فهم هبة من الله عز وجل، والاستعانة بالله على تربيتهم، والدعاء للأولاد وتجنب الدعاء عليهم، وتسميتهم بأسماء حسنة، وتكنيتهم بكنى طيبة في الصغر، وغرس الإيمان والعقيدة الصحيحة في نفوسهم، وغرس القيم الحميدة والخلال الكريمة في نفوسهم، وتجنيبهم الأخلاق الرذيلة وتقبيحها، وتعليمهم الأمور المستحسنة وتدريبهم عليها والحرص على استعمال العبارات الطيبة وتشويقهم للذهاب للمسجد صغاراً وحملهم على الصلاة كباراً والحرص على تحفيظهم كتاب الله عز وجل وتحصينهم بالأذكار الشرعية والحرص على تربيتهم بالقدوة الحسنة والحذر من التناقض وزرع الوفاء بالوعد في نفوسهم وإبعاد المنكرات واجهزة الفساد عن الأولاد وإيجاد البدائل المناسبة لهم وتعويد الفتيان على الرجولة والخشونة والجد والاجتهاد وتجنيبهم أسباب الانحراف الجنسي والمبالغة في الزينة والميوعة القاتلة وتعويد الفتيات على الحشمة والعفاف وربطهن بقدوات صالحات ومراقبة ميولهن وتنمية مواهبهن.
الرقابة الذاتية
وفي نهاية الموضوع تحدث للصفحة فضيلة وكيل مدرسة عبدالله بن حبيب لتحفيظ القرآن الكريم المتوسطة بحي السويدي بمدينة الرياض الاستاذ عبدالله بن حمد العقيلي، حيث أوضح بحكم قربه من هذا التجمع الطلابي والتدريسي أموراً خاطب فيها المدرس والطالب وحثهم فيها على محاسبة النفس والرقابة الذاتية وتفعيل الاحتساب فيما بينهم، فقال: إنني أوجه نداء الى ركائز ثلاث؛ إلى المدرس والطالب والأب فيا أخي المدرس إنك تحمل أمانة عظيمة، أنت قدوة لطلابك فاتق الله فيهم في السر والعلانية، واحرص على أن تكون قدوة حسنة في أقوالك واعمالك مع التعاون مع المدرسين الآخرين في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محيط مدرستك وفق شرع الله. وأنت اخي الطالب وأختي الطالبة، يجب أن نجعل قدوتنا النبي صلى الله عليه وسلم وأن نحسن تربية نفوسنا وفق شرع الله فلا نقول إلا حقاً ولا نقول إلا صدقاً وأن نبتعد عن الكلام الفاحش وتقليد الكفار سواء في قصات الشعر أو التساهل في الأمور الشرعية فكونوا قدوة حسنة لزملائكم في الفصل والمدرسة وعليكم بالتخلق بالاخلاق الفاضلة وإذا رأى أحدكم منكراً من زميلة أو انتِ أختي الطالبة إذا رأيتِ منكراً فغيريه بالأسلوب الحسن والكلمة الطيبة وإذا رأى أحدكم من أخيه تقصير فعليه اهداؤه شريطاً أو كتاباً يدله على الخير ولكن إذا رأيتما منكراً فعليكما بابلاغ المسؤول في المدرسة لايقاف المنكر حسب ما يراه وعليك أخي الطالب واختي الطالبة احتساب الأجر عند الله.
| 
