|
|
الدعوة الى الله تعالى من اعظم خصائص امة الاسلام، فهي تهدي كل واحد الى كل خير الى قيام الساعة، وهذه كرامة من الله تعالى لهذه الامة المحمدية، فقد ختم الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الرسالات، وجعل دعوته عامة الى امم الارض كلها. ودعوة الناس الى الاسلام وهدايتهم اليه من اوجب الواجبات، ولم يختلف العلماء قديما وحديثا في وجوب الدعوة الى الله وانما اختلفوا في نوعية الوجوب الذي انتهى اليه ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {وّلًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى الخّيًرٌ..} ان قال: والمقصود من هذه الآية ان تكون فرقة من الامة متصدية لهذا الشأن وان كان ذلك واجبا على كل فرد من الامة بحسبه» اهـ، فالاصل في الاسلام ان كل واحد يقوم بالدعوة ذكرا كان أم انثى كبيراً كان أم صغيرا، والنصوص في ذلك يصعب حصرها، بل لا يتصور المجتمع المسلم بمعزل عن الدعوة اطلاقاً، بدءا من الاسرة الصغيرة التي يتحمل فيها الاب والام مسؤولية الدعوة كما في الحديث الصحيح:« الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها»، وانما تكون المسؤولية في مدى الالتزام بالاوامر والنواهي، ولا يتحقق ذلك الا بالدعوة، ولذا فكل الامة مطالبة بالدعوة كل بحسبه، فمن يقدر على الدعوة يجب عليه القيام بها ومن لا يقدر فإنه قادر على اعانة القادرين عليها، واذا كان العامة غير قادرين على الدعوة بالاسلوب النظري والمناهج الدعوية المدروسة فهم قادرون على الدعوة بالاسلوب العملي الناجم عن ضرورة التزام المسلم- عاميا كان او غير ذلك - بتعاليم الاسلام عقيدة وشريعة، ولقد اهتدى الى الاسلام كثيرون بسبب المعاملة الحسنة والسلوك الحميد من خواص المسلمين وعوامهم، اضافة الى ان عوام المسلمين قادرون ايضا على اعانة القادرين على الدعوة بأموالهم وتيسير وسائل الدعوة للدعاة ودلالتهم على احتياجات المدعوين ثم ان صلاح المسلم في نفسه دعوة الى الله، ولذا قال ابن الانباري: كل مسلم لا يخلو من الدعاء الي الله عز وجل لأنه اذا تلا القرآن فقد دعا الى الله بما فيه. وتلك إحدى سمات دين الاسلام العظيمة فلا كهنوت ولاوصاية على الدعوة ولا تنطع ولا تكلف في تبليغ دين الاسلام، وقد كان ذلك مثار دهشة الكثير من الباحثين وموطن اعجابهم يقول توماس ارنولد في كتاب الدعوة الى الاسلام:« ومهما ردد الباحثون القول بأن كل مسلم داعية الى دينه يبقى هذا القول حقيقياً واذا كان عامة المسلمين يحصل لهم من الفضل ما يحصل لغيرهم ان قاموا بالدعوة بأي صورة من صورها، فإن كل مسلم عليه تبعة مقابل ذلك، فأي اهمال من المسلم لواجبه تجاه الدعوة يجلب المعاناة للمسلمين كافة ويعين كثيرا من يسعون الى تشويه الاسلام، وكثيرون هم الذين صدهم عن الاسلام معاملة سيئة او هضم حقوق او اغلاظ في المعاملة من بعض المنتسبين الى الاسلام فويل للذين يقفون في قارعة الطريق يصرفون الناس عن الاسلام وينفرونهم عنه بسوء قولهم او فعلهم». |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |