Friday 28th march,2003 11138العدد الجمعة 25 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية لـ « الجزيرة »: الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية لـ « الجزيرة »:
الدعوة عبر الإنترنت بديل عملي للتغلب على القيود التي فرضت على المؤسسات الإسلامية في الغرب

* الجزيرة - خاص:
أكد الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية د. عدنان بن خليل باشا أن الحملة المغرضة التي يشنها الإعلام الغربي ضد المؤسسات الخيرية والإغاثية في المملكة تستهدف عرقلة الدور المشرف الذي تقوم به قيادة المملكة حيال الأمة الإسلامية وقضاياها ولا سيما المجتمعات الإسلامية الفقيرة بما يساعدها على الخروج من دائرة التبعية للغرب.
وأضاف د. باشا في حديثه ل«الجزيرة» إلى أهمية تفعيل التعاون وتنسيق المواقف بين كل المؤسسات الإسلامية الدعوية والإغاثية لمواجهة هذه الحملات المغرضة، وكذلك الاستفادة من المكاتب الخارجية لهذه المؤسسات باعتبارها نوافذ يمكن أن يمر منها نور الإسلام للعالم، وفيما يلي نص اللقاء:
***
د. عدنان خليل باشا
* تعرضت المؤسسات الخيرية في المملكة مؤخراً إلى هجوم اعلامي مكثف من قبل وسائل الإعلام المختلفة وخصوصاً في أمريكا وأوروبا، ما هي الخطوات التي اتبعتها المؤسسات لمواجهة ذلك؟ وهل هناك اتجاه لدى هذه المؤسسات لاعادة النظر في هيكلتها وأنظمتها المختلفة لتتماشى مع مستجدات الأحداث على مختلف الأصعدة الاقليمية والدولية؟
- بالطبع نحن لا تدهشنا الهجمة الشرسة للتشكيك في المؤسسات السعودية، نظراً لمواقف المملكة المشرفة حيال الأمة الإسلامية والمجتمعات الفقيرة منها، ونتوقع تضجر اعداء الإسلام مما تقدمه المؤسسات السعودية لتلك المجتمعات من مشاريع تنموية وبرامج تنهض بها وتساعدها على الاستغناء عن التبعية، ورغم كل الحملات الحاقدة فبفضل الله عز وجل فإن برامج ومشاريع «هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية»، لم تتوقف ولم تجمد، فلا نحن في الهيئة تراجعنا عن أهدافنا ومناشطنا لخدمة المحتاجين، ولا الدول التي نعمل فيها والمؤسسات التي نعمل معها ترددت في قبول أعمالنا ثقة منها في الدور التنموي الذي تلعبه الهيئة في نهضة المجتمعات المسلمة، بل إننا نمارس العمل الدعوي حتى داخل افغانستان رغم ما تمر به من ظروف، حيث أقامت الهيئة أول دورة شرعية لتأهيل الدعاة تقيمها مؤسسة إسلامية في العاصمة الأفغانية كابول، وذلك لأن الهيئة تعتمد الشفافية الكاملة في أعمالها كمبدأ حتى قبل وقوع هذه الأحداث، وكذلك شرعية العمل بموافقة سلطات كل دولة ، فبرامجنا تعتمد في اطار ميزانية تمر على عدة مراحل للدراسة ثم التوثيق ثم الإقرار، وصرف مخصصات البرامج يتم أيضاً من خلال عدة مراحل للرقابة والتدقيق، وكل ذلك في علنية كاملة والتزام تام بقواعد العمل المحاسبي المعتمدة دولياً، ورغم ذلك لم ننج تماماً من آثار تلك الأحداث، حيث صادفتنا بعض المعوقات الناتجة عن تدقيق الإجراءات المصرفية مما ترتب عليه تأخير وصول بعض التحويلات المالية للمستحقين، ولكن ما أشيع عن تجميد أرصدة المؤسسات الإسلامية في أمريكا وأوروبا لا يعنينا في شيء فلا أموال لنا هناك، بل أموالنا التي استأمننا عليها المحسنون هي في بلاد المسلمين تبني مسجداً أو تدير مدرسة أو ترعى يتيماً.
* تتفق المؤسسات الخيرية في أهدافها وغاياتها وفي مقدمتها، الدعوة إلى الله، وخدمة الإسلام والمسلمين، ودعم المجتمعات الإسلامية في أماكن وجودها، وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن طبيعة العلاقة القائمة مع بقية المؤسسات المعنية بهذه الجوانب سواء في الداخل أم في الخارج؟
- المؤسسات الإسلامية العاملة للدعوة عديدة والحمد لله، وهيئتنا واحدة منها وفي كل خير، وبيننا وبين سائر المؤسسات نوع من التعاون سواء في الداخل أم الخارج، ولكنه أقل مما نطمح إليه، وبالطبع التوحيد ليس مستهدفاً لصعوبة تحقيقه نظراً لتفاوت الإمكانيات وتعدد مناهج العمل، فبعض المؤسسات نشاطها تعليمي فقط أو دعوي أو تنموي أو اجتماعي، وبعضها متكامل الجهود كهيئة الإغاثة، كما أن منها من يقصر عمله على قطاعات جغرافية دون غيرها وفقاً لامكانياته ومنهجه في العمل، ولكن المطلوب وبشدة هو التنسيق لأن غيابه يؤدي إلى تشتيت الجهود وازدواجيتها وعدم التوازن في توزيعها مما يضعف جدواها، لذا فالهيئة عضو في لجنة تنسيق العمل الإسلامي في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد، وعضو في لجنة تنسيق العمل الإسلامي في «منظمة المؤتمر الإسلامي»، ورئيس لجنة الإغاثة العامة في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ولنا والحمد لله إسهامات ومقترحات في هذه اللجان لتنشيط عملية التنسيق والتعاون.
* وهل يمكن الاستفادة من مكاتب المؤسسات الخيرية الموجودة في الخارج في التعريف بحقيقة الإسلام وتصحيح صورة الإسلام في المجتمعات التي تستفيد من خدمات تلك المؤسسات؟ وما هي مقترحاتكم لتطوير عمل المؤسسات الخيرية والإغاثية في مجال الدعوة إلى الله؟
- المكاتب الخارجية للمؤسسات الإسلامية هي نوافذ للإسلام ومرايا للمسلمين في المجتمعات التي تعمل فيها، وأول ما يمكنها تقديمه لخدمة الإسلام هو التزام منسوبيها من حيث المظهر والجوهر بقيم وأخلاقيات الإسلام، ثم باحترامهم لنظم المجتمع الذي يعملون فيه ولمواطنيه وبيئته، وأن تقدم لتلك المجتمعات خدمات حقيقية نافعة ذات تأثير ملموس، ومن هنا تكون انشطتها الدعوية أكثر قبولاً وتجاوباً، وأما فيما يتعلق بالمقترحات فينبغي تنويع الخطات الدعوي ليتناسب مع طبيعة المجتمعات، كما ينبغي الاستفادة من تقنيات الاتصال، وايجاد منابر جديدة للدعوة كالإذاعة والتلفزيون والإنترنت، وكذلك ايجاد صيغة خطاب دعوي فئوي يتعامل مع الشباب والمرأة والنخب القيادية، على أن تبقى الدائرة الجامعية لكل هذه العناصر هي الحكمة والموعظة الحسنة للمؤمنين، والجدال بالتي هي أحسن لغير المسلمين.
* شهد العالم في السنوات الأخيرة تطوراً مضطرداً في وسائل الإعلام والاتصال مثل «الإنترنت» و«القنوات الفضائية»، كيف يمكن تسخير هذه التقنية المتطورة في دعم الأعمال الدعوية والخيرية التي تقوم به المؤسسات الخيرية الإغاثية، وفي أداء رسالتها الإسلامية والإنسانية؟
- يشير التاريخ الإسلامي إلى ثبات مبادئ الدعوة الإسلامية وأهدافها ولكن عنصر الديناميكية طال بالتأكيد طرائق نشر هذه المبادئ وتحقيق الأهداف، وقد شهدت وسائل الاتصال بين الأفراد والجماعات والمجتمعات في العقود الأخيرة، قفزات علمية مذهلة، وطفرات عملية متنامية، أفرزت تطويراً هائلاً في توثيق الصلات بين البشر وتقريب ما تباعد من المسافات بينهم، حتى اصطلح على تسميتها ب«ثورة الاتصالات»، ولما كانت الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق الناس بها، وحيث إن الدعوة إلى الله تعالى أشرف مهام المسلم وأولى واجباته، لذا كان لزاماً على كل مسلم قادر الاستفادة من تلك التقنيات الحديثة في الاتصال واجادة التعامل معها، وأن يسعى لتسخيرها ما أمكن لخدمة الدعوة الإسلامية، وتبليغ تعاليم الدين للمسلمين، وتعريف غيرهم به ودعوتهم إليه، وقد لعبت ثورة الاتصالات والمعلومات الحالية دوراً كبيراً في التقريب والتقارب بين البشر والأذهان وأصبحت لغة العلم، هي اللغة المشتركة بين الناس، وعلى المسلمين الاستفادة من هذه الثورة وأبرز منجزاتها وهي شبكة الانترنت للمعلومات والقنوات الفضائية، وقد يقلل التأخر في استخدام هذه التقنيات من قيمة التجارب الإسلامية في هذه المجالات، كنتيجة طبيعية لانعدام مشاركة المسلمين في انجازها منذ البداية، ولكن هذا لا يثنينا عن محاولة التطوير، خاصة وأن المؤسسات الخيرية الغربية والعالمية تحرص على الاستفادة من تلك الوسائل، ليس فقط للتعريف والدعاية والاعلان، بل في تنمية مواردها وجمع التبرعات لبرامجها بواسطة مواقع الانترنت والحملات التلفزيونية وغيرها.
* هل يتوفر لدى المؤسسات الخيرية من النساء من يتولين الدعوة إلى الله في أوساط النساء؟
- هناك تقصير عام من معظم المؤسسات في هذه القضية، ولكنها تتفاوت في درجة اهتمامها بها،وقد حرصت «هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية» منذ مرحلة التأسيس المبكر على الاهتمام بالعنصر النسائي وتفعيل مشاركته في العمل الخيري والدعوي، فأنشأت لجنة نسائية ملحقة بالأمانة العامة بجدة، بالاضافة إلى العديد من اللجان النسائية لها برامج دعوية، تقوم عليها نخبة من فضليات الداعيات ومدرسات العلوم الشرعية بالجامعة، محتسبات لوجه الله تعالى ثم لدعم الهيئة كالمحاضرات الأسبوعية والمسابقات الرمضانية والدورات الصيفية وغيرها، وتلك المناشط يتم تمويلها ذاتياً، مما يعكس درجة الاهتمام بها والاقبال عليها.
* في اطار الحملة العالمية على الهيئات والمؤسسات الإسلامية وكذا بعض الدول الإسلامية واستهداف الندوات والملتقيات والمؤتمرات التي كانت تعقد تحت مظلة المؤسسات الخيرية وبعض الدول الإسلامية لنشر الدين الإسلامي في العالم، ما البديل المناسب لهذه الندوات والملتقيات والمؤتمرات الإسلامية؟
- نريد أولاً ألا نحصر نظرتنا في النصف الفارغ من الكوب، فكما أن هناك دولاً أصبحت تضيق على العمل الإسلامي، وتتشدد في منح تأشيرات الدخول أو السماح بملتقيات، لا تزال هناك دول تسمح بذلك ولو في اطار بعض الضوابط التي لا تضيرنا كمؤسسات منضبطة، ونحن في «هيئة الاغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية» أقمنا في ظل تلك الظروف العديد من دورات تدريب المدرسين والدعاة، ومواسم ثقافية في حفلات تخريج الطلاب والحفاظ الذين تكفلهم الهيئة في العديد من دول العالم، أما في الدول التي حظرت ذلك فأمام المسلمين بدائل تندرج تحت ما ذكرناه من قبل حلول تسخير التقنيات الإعلامية الحديثة في الدعوة إلى الله، ودعم الأعمال الخيرية، إذ يمكننا اقامة المؤتمرات والاجتماعات عن طريق شبكة الإنترنت، كما يمكن بث المحاضرات بواسطة الدوائر التلفزيونية والهاتف، أورعاية برامج بالفضائيات يمكنها ايصال وجهة نظر المؤسسة للقطاع الجغرافي الذي تريده، والهيئة قامت بذلك حتى بدون حظر أو تضييق، حيث قمنا بنقل محاضرات لكبار علماء المملكة من الحرم المكي الشريف إلى دورة تدريب الدعاة باندونيسيا بواسطة الهاتف، وكانت تجربة ناجحة - والحمد لله.
* مع تطورات الأحداث العالمية المتسارعة في مختلف المجالات وتغير النظرة للعديد من المفاهيم وظهور الحاجة الماسة الى لغة اعلامية تواكب هذه الأحداث ويفهمها الطرف الآخر وبالتالي ايصال حقيقة الدين الإسلامي، كيف يمكن تحقيق ذلك؟
- من حيث الوسيلة نكرر ما تسعى إليه «هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية بالمملكة العربية السعودية» من خلال طرحها للمزيد من الاهتمام بقضية استخدام التقنيات الحديثة في مجال الاتصالات لخدمة الدعوة الإسلامية، حرصاً منها على مواكبة المسلمين لأحدث ميادين العطاء الحضاري، والتبادل الثقافي بين الأمم ولإعطاء الدعوة إلى الله ما تستحقه من الاهتمام، وتوفير المزيد من المنابر لنشرها، وفيما يتعلق بوسائل الخطاب الدعوي فإذا أردنا لها أن تثمر، وتؤتي أكلها، فينبغي أن تتطور، وتواكب العصر، وتستفيد من متغيراته، ولكن مع مراعاة ظروف كل مجتمع، ففي العالم الغربي الذي أصبحت مجتمعاته الآن تقود العالم، وتحتل مكان الصدارة في كوكبنا، يجعلون الأولوية للعلوم التجريبية، والتفكير العقلاني، كما يهتمون بالقضايا التي يعدونها معالم لحضارتهم كالحرية، وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، والمشاركة السياسية والعدالة الاجتماعية، وحماية البيئة والرفق بالحيوان وغيرها، وبالتالي فلغة مخاطبتهم ينبغي أن تنطلق من هذه المرتكزات، خاصة أن الإسلام يذخر بمواقف مشرفة من كل هذه القضايا مما يدعونا إلى الاعتزاز بها والعمل على نشرها، ويمكننا القياس على ذلك في كيفية مخاطبة المجتمعات الشرقية سواء المسلمة أم غيرها، والمجتمعات التي تنتشر فيها الأمية والجهل والخرافات.. وهكذا، على أن يتم اسناد هذا الأمر الى خبراء متخصصين في العمل الإعلامي، يتولى العلماء والدعاة تزويدهم بالمادة الدعوية لصياغتها بالكيفية الملائمة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved