* القاهرة بغداد أ.ش.أ:
على الرغم من مرور اسبوع كامل على بدء الحرب على العراق فان القوات الامريكية والبريطانية فشلت في السيطرة الكاملة على أي مدينة عراقية واندلعت أشرس معركة برية منذ بداية الحرب على مشارف مدينة النجف مساء الثلاثاء الماضي وأسفر الاشتباك عن استشهاد 65. عراقياً تناثرت جثثهم على مشارف مدينة النجف.
ومع دخول الغزو الأنجلو/امريكي للعراق أسبوعه الثاني امس الخميس أصبحت المقاومة العراقية حجر الزاوية وحاملة أختام نهاية العمليات العسكرية التي بدأتها واشنطن ولندن ولا أحد يستطيع أن يحدد نهايتها سوى ارداة مقاومة الشعب العراقي.
ومع مرور الوقت وشراسة المقاومة العراقية وسعت الولايات المتحدة وبريطانيا نطاق حربهما وسقط مئات الشهداء والمصابين من المدنيين العراقيين ورجال المقاومة الشعبية والجيش خلال الاشتباكات البرية والقصف الجوي والصاروخي على مدن بغداد والبصرة والناصرية والموصل وديالا وبابل والنجف. ونجحت المقاومة العراقية التي تدافع عن البصرة «ثاني أكبر المدن العراقية» في كسر الحصار الذي تفرضه عليها القوات الأمريكية والبريطانية في وقت متأخر من الليلة قبل الماضية، وفشلت محاولات القوات الامريكية والبريطانية المتكررة في الوصول الى البصرة عن طريق عبور الجسور الممتدة على نهر دجلة.حصيلة الأسبوع الأولى للمعارك تشير الى مقتل 47 جنديا امريكياً وبريطانياً منذ بدء العدوان على العراق بعضهم في مهام قتالية فيما يسمى بالنيران الصديقة والبعض الآخر في حوادث متفرقة على ساحات القتال، فيما تجاوز عدد الضحايا بين العراقيين 700 شهيد اضافة الى مئات الجرحى والاضرار المادية الناجمة عن القصف من هدم المنازل وضرب البنية التحتية ومقارات حكومية عديدة.
ويشير المسؤولون الامريكيون الى أن الأيام القادمة ستكون أشد ضراوة خاصة بعد أن تبدأ المواجهات بين قوات الحرس الجمهوري العراقي والقوات البرية الامريكية.
وقد أظهرت أحداث الأسبوع الأول من الحرب الدائرة حجم المفاجأة التي أصابت القادة البريطانيين والامريكيين بشأن المقاومة العراقية حيث كانوا يتوقعون ان تتداعى تلك المقاومة سريعاً، غير ان سير المعارك أكد ان قوات المقاومة العراقية لاتبدي استعدادها لالقاء السلاح رغم ان ادارة جورج بوش أعطت انطباعاً قبل بدء الحرب بأن المقاومة العراقية ضعيفة وأنه من المرجح الا يخوض قطاع كبير من الجيش العراقي حرباً وان الشعب العراقي سيستقبل قوات الغزو بالتهليل والورود.واعترف مسؤولون عسكريون بوزارة الدفاع الأمريكية بخطأ حساباتهم وتقديراتهم للحرب والمقاومة العراقية حيث افترضت الاستراتيجية الأمريكية خطأ ان قوات المقاومة العراقية ستبقى في بغداد ولن تذهب للبصرة والناصرية والنجف وهي المدن التي تحاول القوات الانجلو/امريكية السيطرة عليها في طريقها الى بغداد.
واليوم مع بداية الأسبوع الثاني من الحرب يبدو جلياً ان المقاومة العراقية الشرسة تقف حائلاً أمام القوات الغازية في زحفها تجاه بغداد التي تعرضت طوال الايام الماضية الى هجمات جوية وصاروخية تركزت على المدنيين وقام العراقيون بحمل جثث شهدائهم وسط تكبيرات لا إله إلا الله.
وعلى الرغم من القصف الضاري المباشر للمدن العراقية الأسبوع الماضي فقد سارت الحياة بشكل بدا طبيعياً وفتحت محال عديدة أبوابها وعرضت البضائع والسلع في الأسواق المختلفة.. وتزامن ذلك مع إصرار عراقيين خارج بلادهم على العودة للمشاركة في الحرب حيث عاد اكثر من 900 عراقي الى بلادهم الأسبوع الماضي عبر الحدود الأردنية العراقية رغم التوقعات السابقة بنزوح جماعي للعراقيين.
وكانت نهاية الأسبوع الأول للغزو الانجلو/امريكي للعراق قد أظهرت أن تطور العمليات العسكرية بدأ يأخذ منحى مغايراً في اليوم السابع الذي كان مشحوناً منذ فجره وحتى الليل اذ بدا ان القوات الامريكية والبريطانية بدأت تعاني من اشتداد المقاومة العراقية.. فقصفت مواقع المدنيين واستخدمت اسلحة محرمة دولياً مثل القنابل العنقودية وقنابل الوقود المتفجر مع أنباء عن استعدادات لاستخدام قنابل اليورانيوم المنضب للقضاء على المقاومة العراقية.وارتكبت تلك القوات مجزرة بحق المدنيين حيث قصفت أحد أحياء بغداد الشعبية المكتظ بالسكان مما ادى الى استشهاد 15 عراقيا واصابة 30 آخرين بجروح واشتعلت الحرائق في عدد من المحلات والمنازل وغطت سحب الدخان سماء المنطقة والتحمت الجثث المتفحمة بالسيارات المتحطمة.
كما قامت القوات الانجلو /امريكية بقصف محطات الكهرباء وتنقية المياه ومع تصاعد وتيرة العمليات العسكرية تواصلت المظاهرات العارمة والهتافات الغاضبة التي تندد بالحرب الأمريكية البريطانية على العراق في عدد كبير من العواصم العالمية وهي صورة تكررت على مدار الأسبوع الفائت.. ولم تخل المظاهرات من أعمال عنف أوقعت جرحى ومصابين بين المتظاهرين وقوات الأمن وخرجت مظاهرات حاشدة تشجب هذه الحرب كان أبرزها في باكستان وبنجلاديش ومصر واستراليا وكوريا الجنوبية والبحرين والفلبين وبريطانيا وفلسطين والولايات المتحدة وعواصم أخرى عديدة وكان القاسم المشترك في معظم تلك المظاهرات إحراق العلمين الامريكي والبريطاني.
وكان المشهد حتى الساعات الأخيرة من الليلة الماضية في الحرب على العراق تمثل في تواصل القصف الأمريكي والبريطاني على بغداد والبصرة والموصل والنجف وهو الأعنف منذ بدء الحرب فجر الخميس الماضي ودوي انفجارات اهتزت لها بغداد وسحب دخان وألسنة لهب تتصاعد وسقوط شهداء عراقيين وإسقاط طائرة مروحية امريكية واصابة دبابتين أمريكيتين واشتعال الحرب النفسية والاعلامية بين الأمريكيين من جهة والعراقيين من جهة أخرى والتراشق بالبيانات.
وكالعادة بدأت ساعات الصباح الأولى امس بدوي انفجارات قوية في سماء العاصمة العراقية بغداد وبالموصل والنجف والبصرة وكربلاء في إشارة إلى أن الطقس السيىء لن يوقف العدوان وبدأت القوات الامريكية والبريطانية يوم امس الاول بهجوم استخدمت فيه صواريخ توماهوك وكروز والقنابل العنقودية المحرمة دوليا وذخيرة أخرى كما تم قصف مبنى التلفزيون العراقي الذي يعرض صورا مختلفة عن صور محطات التلفزيون الامريكية.تزامن ذلك مع صور بثها التليفزيون العراقي لطائرة استطلاع أمريكية بدون طيار قال إن الدفاعات الجوية العراقية أسقطتها ومشاهد لبقايا الطائرة وهي محمولة على سيارة تتجول بها في بغداد.
وتميز اليوم السابع للحرب على العراق ايضا باشتداد وتيرة الحرب النفسية والاعلامية من الجانبين وبث الأخبار المتناقضة.. وفيما أكد قادة امريكيون وبريطانيون السيطرة على ميناء أم قصر والناصرية وتمرد على الرئيس صدام حسين في البصرة سارع وزير الاعلام العراقي سعيد الصحاف الى نفي ذلك وأكد عدم السيطرة على تلك المدن مشيرا الى عدم وجود تمرد وبث التليفزيون العراقي لقطات تؤكد حدوث انتفاضة على القوات الانجلو/امريكية.
وسعى الرئيس الأمريكي جورج بوش الى طمأنة شعبه الذى بدا قلقاً من احتمالات أن يطول أمد الحرب ووقوع خسائر كبيرة بين القوات وناشد مواطنيه بالتحلي بالصبر.. وحذر من ان الحرب الامريكية ضد العراق بعيدة عن خط النهاية.وقال بوش في خطاب ألقاه امام عائلات الجنود في قاعدة ماكديل العسكرية في ولاية فلوريدا ان الحملة العسكرية ضد العراق قد حققت تقدماً مشجعاً.واضاف ان القوات الامريكية الزاحفة نحو بغداد تواجه القوات العراقية «التي باتت نهايتها تلوح في الافق» معترفاً في الوقت نفسه بان تعرض القوات الامريكية لهذه المواجهات يجعلها معرضة لبعض المصاعب والمخاطر.
وفي المقابل سعى القادة العراقيون الى طمأنة الشعب العراقي حيث وجه الرئيس صدام حسين خطابا الى الشعب صباح يوم الاثنين الماضي حيا خلاله المقاتلين العراقيين وحثهم على الدفاع عن وطنهم.كما تكررت المؤتمرات الصحفية التي يعقدها المسؤولون العراقيون وخاصة وزير الاعلام لدحض التقارير الاعلامية التي تتحدث عن استسلام 4 آلاف مقاتل عراقي والسيطرة على مدن عراقية مع بث صور لطائرات تم اسقاطها واسرى أمريكيين وبريطانيين ودبابات واليات عسكرية تم اصابتها لرفع معنويات الشعب العراقي.
|