مئات من المدنيين والعسكريين سقطوا قتلى في جانبي الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد العراق بينما يدخل القتال أسبوعه الثاني.
والحصيلة حتى الآن فادحة ومؤسفة، فهي تشمل أيضاً مئات الجرحى فضلاً عن تدمير المنازل والمنشآت، إلى جانب الأثر النفسي القاسي للحرب على نفوس الملايين من أبناء العراق.
ولا يمكن بأي حال من الأحوال تقدير خسائر الحرب لأنها متشعبة، وهي في الوقت ذاته تتفاقم يوماً بعد الآخر، والآفاق في مجملها لا تنذر بغير المزيد من الشرور ومزيد من الخسائر، بما في ذلك قوائم القتلى التي قد تطول.
وقد رأينا كيف أن الأنباء الأولى عن سقوط قتلى قد أحدثت هزة في الولايات المتحدة، وكيف أن التظاهرات تتزايد في جميع أنحاء العالم ضد حرب لا يريدها أحد إلا بضع حكومات، فهي مرفوضة وستصبح مرفوضة أكثر وأكثر مع ارتفاع حجم الخسائر.
والاعتقاد السائد، بالنظر إلى حصاد الأسبوع الأول الدامي، أن القادم هو الأسوأ.. ولهذا فإن دولاً عدة، من بينها المملكة، ترى ضرورة وقف هذا الجنون لكيلا تتفاقم الأوضاع وتتضاعف الخسائر ومن ثم تتراكم الأحقاد.
إن القول إن الحرب بدأت ولا بد أن تصل إلى نهاياتها المأساوية، يعكس استسلاماً غير مبرر لمنطق الحرب، بينما الأجدى هو ألا تفتر المحاولات لوقف القتال، حتى وهو في ذروته القصوى، ويجب عدم التهوين من شأن الجهود الإنسانية والفكر الإنساني الذي يستطيع إيجاد مخرج مقنع من هذا المأزق.
والمأمول أن تدرك الأطراف التي تؤجج نبرات الحرب أو تشارك فيها، حجم الدمار الذي حدث حتى الآن، لنعرف المدى البعيد الذي يمكن أن يصل إليه في حال استمرار هذا النزاع.
ولا تكمن الحنكة ولا الشجاعة في إهدار المزيد من الدماء، بل في حقنها، وعلى الدول التي تعارض هذه الحرب، وهي غالبية دول العالم، أن تثبت أنها قادرة على إحداث شيء حقيقي على أرض الواقع، وأنها مؤهلة للتصدي لدعاة الحرب وهزيمتهم بمنطق السلام الذي هو أمل شعوب العالم جمعاء، وأن الذين ينشدون الحرب هم قلة يجب تحجيمهم وفضح مراميهم الشريرة.
|