* واشنطن أ ش أ:
اكتمل أمس الأسبوع الأول من العدوان العسكري الأمريكي/البريطاني ضد العراق بعد أن شهدت نهاية اليوم السادس معركة النجف الطاحنة في وادي الفرات والتي وصفت بأنها الأعنف منذ بداية العمليات العسكرية.
وإلى جانب العاصفة الرملية طوال الساعات الأربع والعشرين الماضية التي قال بعض الخبراء إن العاصمة العراقية بغداد لم تشهد مثلها من قبل تتصدر معركة النجف التي دارت رحاها على بعد 95 ميلاً جنوب بغداد العمليات العسكرية ليوم الثلاثاء.. وهو اليوم السادس في الغزو الأمريكي للعراق بمساندة قوات بريطانية.وتشير التقارير الإخبارية إلى أن معركة النجف شهدت مواجهة بين عناصر فرقة المشاة الأمريكية الثالثة وعناصر من جنود المشاة العراقيين يستخدمون القذائف الصاروخية وأسلحة أخرى، ولم يتضح بصورة دقيقة أي فرقة ينتمى إليها الجنود العراقيون حيث تضاربت الأنباء حول ما إذا كان العراقيون من عناصر الحرس الجمهوري أو ما يسمى بمجموعة «فدائي» صدام/ أو فرقة عادية تابعة للجيش العراقي.
غير أن ما تؤكده الأنباء هو أن العاصفة الرملية دفعت الأمريكيين إلى التخلي عن الخيار المعتاد وهو طلب المساندة الجوية لإنهاء الموقف المحتدم على ساحة القتال مع العراقيين.
ويرى الخبراء العسكريون أن الأيام الأخيرة أظهرت أن أشد الهجمات كانت تلك التي دارت بين قوات برية أمريكية في مواجهة قوات مشاة عراقية وأن الكفة الأمريكية لا تعلو قبل استدعاء غطاء جوي يجعل من مهمة العراقيين أكثر صعوبة.
وعندما سُئل مسؤول أمريكي عما إذا كان يتوقع أن يتجمع العراقيون سواء من القوات العسكرية النظامية أو غير النظامية بأعداد كبيرة في مواجهات مقبلة أجاب بأنه يوجد الآلاف من العراقيين يتفرقون في عدة مواقع وأن المواجهات القادمة قوية.ولليوم الربع على التوالي مازالت جبهة مدينة الناصرية العراقية تشهد معارك طاحنة تؤجل إعلان الأمريكيين الاستيلاء على المدينة مثلما حدث بالنسبة لأم قصر الساحلية التي أعلن الأمريكيون أنها أصبحت في النهاية تحت سيطرة أمريكية/بريطانية تامة.
تزامن ذلك مع صور حملها التلفزيون العراقي لطائرة استطلاع أمريكية بدون طيار قال إن الدفاعات الجوية العراقية أسقطتها ومشاهد لبقايا الطائرة وهي تتجول في بغداد.
لم يخل اليوم السادس من أنباء ومزاعم أمريكية كان على رأسها إعلان مسؤولين أمريكيين الاستيلاء على مستشفى في الناصرية استخدمه العراقيون في شن هجمات على القوات الأمريكية وأنه تم أسر قرابة 170 جنديا عراقيا في الهجوم، وتتردد معلومات على لسان المسؤولين الأمريكيين لا يمكن التأكد من صحتها بصورة مستقلة بأن المستشفى كان يحتوى على أسلحة وملابس للحماية من مواد كيماوية.
وقد شهدت الساعات الأخيرة الحديث عما يصفه الجانب الأمريكي بانتفاضة ضد الرئيس العراق وحزب البعث في مدينة البصرة الجنوبية ثاني أكبر المدن العراقية والتي تعد بمثابة معقل للشيعة في العراق، تلك المزاعم جاءت على لسان عسكريين بريطانيين.غير أن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف سارع إلى نفي تلك الأنباء.
البصرة التي يسكنها أكثر من مليون ومائتي ألف عراقي كانت محل تمرد ضد حكومة بغداد في 1991 غير أن القوات العراقية سحقته بعد أن تراجع الأمريكيون.غير أن التفاصيل التي أشار إليها مسؤول أمريكي ولم تركز عليها محطات التلفزيون الأمريكية في زحام الأخبار السريعة أن الوضع في البصرة أقرب إلى حالة فوضى منه إلى حالة تمرد وأنه لا يمكن تحديد طبيعة الوضع في تلك المدينة بصورة دقيقة.
ويعتمد العسكريون الأمريكيون ومحطات التلفزيون الأمريكية في الحديث عن تمرد البصرة على ما يصفونه بالعداء الشديد الذي يكنه شيعة العراق لصدام حسين.وكلما أشار مسؤول أمريكي إلى تمرد بين العراقيين هنا وهناك تسرع محطات التلفزيون الأمريكية إلى التقاط الخيط على أساس أن ذلك يعد بداية سقوط النظام العراقي.
الأسبوع الأول للمعارك يأتي إلى نهايته بحصيلة تشير إلى مقتل 43 جنديا أمريكيا وبريطانيا منذ بدء العدوان على العراق بعضهم في مهام قتالية والآخر فيما يسمى بالنيران الصديقة والبعض الآخر في حوادث متفرقة على ساحات القتال.ويبدو أن نصيب البريطانيين من القتلى بسبب النيران الصديقة هو الأكبر حتى الآن حيث شهدت الساعات الأخيرة ليوم أمس الأول الإعلان عن مقتل جنديين بريطانيين بنيران دبابة بريطانية خارج مدينة البصرة العراقية.
ويشير المسؤولون الأمريكيون إلى أن الأيام القادمة ستكون أشد ضراوة خاصة بعد أن تبدأ المواجهات بين قوات الحرس الجمهوري العراقي والقوات البرية الأمريكية.
الفرقة الأكثر شهرة على لسان المسؤولين الأمريكيين ومحطات التلفزيون الأمريكية حتى الآن هو «فرقة المدينة» التابعة للحرس الجمهوري أو ما يوصف بقوات النخبة.
وكشف ريتشارد مايرز رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة عن أن «فرقة المدينة» تعد من بين الأهداف التي تركز القوات الأمريكية على التعامل معها في الأيام القادمة.بعيدا عن ساحات الغزو الأمريكي للعراق تشهد الساعات القادمة تحركات سياسية مهمة سواء في واشنطن أو نيويورك سوف تحدد طبيعة تطور أزمة العراق لأيام قادمة.
ولم ينته اليوم السادس دون ردود فعل مهمة قد تؤثر على مجرى الأحداث في اليوم السابع وربما الأيام القليلة القادمة للحرب الأمريكية/البريطانية.
ففي أول رد فعل على البيان الصادر من وزراء الخارجية العرب باعتبار الحرب الأمريكية ضد العراق عدواناً دعت الولايات المتحدة الدول العربية إلى التركيز على تحقيق الاستقرار في المنطقة ومستقبل أفضل للعراقيين.
وقال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «رسالتنا للأصدقاء في العالم العربي كانت ومازالت هي أنه حان الوقت للتركيز على كيفية تحقيق المزيد من الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وكيفية صنع مستقبل أكثر إشراقا للشعب العراقي الذي عانى لوقت طويل في ظل نظام مستبد ومتوحش».وقد شن وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد هجوما شديدا على الخبراء والمحللين العسكريين الذين يوجهون انتقادات لخطة العدوان العسكري ضد العراق الذي بدأ فجر الخميس الماضي.. وقال رامسفيلد في مؤتمره الصحفي بمبنى البنتاجون أن تلك الانتقادات تذكره بما نشرته صحيفة أمريكية بالخط العريض عقب أيام من الحرب ضد أفغانستان ووصفت فيه المواجهة العسكرية بأنها «مستنقع» عسكري وقعت فيه الولايات المتحدة.
وأشار رامسفيلد إلى أنه عقب أيام قليلة من انتقادات العمليات العسكرية في أفغانستان سقطت مدينة مزار الشريف في أيدى القوات الأمريكية وتلاها سقوط مدن أخرى.
وكانت الصحف الأمريكية قد نشرت خلال اليومين الماضيين عدة تحليلات تنتقد الخطة الأمريكية خاصة بعد اليوم الرابع الذي شهد خسائر متتالية لأمريكا وبريطانيا سواء فيما يتعلق بسقوط الأسرى أو القتلى والجرحى.
فيما بدأ كبار المسؤولين الأمريكيين توجيه رسائل تحذير للعراقيين.
|