* القاهرة - أ ش أ:
بالرغم من تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الأمريكية البريطانية ضد العراق والتي دخلت يومها السابع إلا أن الصعوبة تزداد يوماً بعد يوم بالتكهن بما ستسفر عنه هذه العمليات في غضون الايام القليلة المقبلة على ضوء المقاومة العنيفة التي تبديها القوات العراقية من موقع إلى آخر.
والمتتبع لسير العمليات العسكرية بالعراق يلحظ بوضوح أن استمرار عمليات القصف على العاصمة بغداد في إطار ما أسماه التحالف الانجلو أمريكي بحرب الصدمة والترويع تهدف إلى ارهاق الدفاعات العراقية وتدمير المراكز الحيوية والتأثير على معنويات المواطنين العراقيين.
ولعل الانباء الواردة عن سير المعارك بين القوات الأمريكية والبريطانية من جهة والقوات العراقية من جهة أخرى لا تعكس بشكل كامل حقيقتها في ضوء عمليات الكر والفر التي يستخدمها العراقيون وباتوا يجيدونها حتى أنه يمكن القول: إن المقاومة العراقية احدثت ارباكا في صفوف القوات الأمريكية والبريطانية أجبرتها على إعادة النظر في حساباتها مرة أخرى لتتفق وما يدور على ارض الواقع.
وتعكس المقاومة العراقية خاصة عمليات الكر والفر أمام القوات الأمريكية والبريطانية مدى الخبرات التي اكتسبها العراقيون من حرب الثماني سنوات مع ايران وهي الحرب التي اندلعت في 21 سبتمبر عام1980. ووضعت أوزارها في 8 أغسطس عام 1988.
ويشير المحللون العسكريون إلى أن معركة الناصرية لاتزال هي الاسوأ على الاطلاق للقوات الأمريكية والبريطانية منذ بداية العدوان العسكري على العراق فجر الخميس الماضي.. كما ستظل تلك المدينة التي تبعد حوالي 300 كيلو متر جنوب بغداد عالقة في أذهان الأمريكيين لمدة طويلة لما خلفته من قتلي وأسري وكذلك في ضوء التعتيم الاعلامي الذي فرضه التحالف الانجلو أمريكي والتضارب في البيانات العسكرية المعلنة سواء من جانب التحالف أو من الجانب العراقي والذي يبرهن أن الحرب على العراق لم تكن مجرد نزهة قصيرة يرفع خلالها العراق الرايات البيضاء كما كان يتخيل ويدور في أذهان قادة البنتاجون أو رأس النظام الأمريكي نفسه.ويتفق عدد غير قليل من المحللين العسكريين على أن معركة القوات الأمريكية والبريطانية والقوات العراقية بوادي الفرات والذي يقع غرب مدينة بابل الاثرية جنوب بغداد بحوالي140 كيلو مترا وتتسم بالكثافة السكانية الكبيرة، مختلفة تماما عما سبقها من معارك في أم قصر والفاو.. فلأول مرة تشارك قوات الحرس الجمهوري وهي الافضل في الجيش العراقي في المعارك.ولا يستبعد هؤلاء المحللون في أن تكون لهذه المعركة تحديدا قول فصل فيما اذا كانت هذه الحرب بين الجانبين ستكون قصيرة أم طويلة.
ويبقي الرهان الاخير في رأي هؤلاء المحللين على بغداد ذاتها وهو أمر شائك ومعقد جدا يجعل من الصعب بل من العسير التكهن بما ستؤول اليه الاوضاع في النهاية، إذ يتوقع المحللون العسكريون أن تواجه القوات الأمريكية والبريطانية في معركة بغداد مواقف بالغة الصعوبة لأنها ستكون أمام خيارين كلاهما مر..
الاول: إما تكثيف قوة نيرانها على بغداد وقصف الاسلحة العراقية الثقيلة المشتبه في اختفائها وسط المباني السكنية وهو ما سيوقع حتما خسائر جسيمة بين المدنيين العراقيين الابرياء ويتسبب بالتالي في نكسة الحملة العسكرية الأمريكية الموجهة إلى الرأي العام العالمي أو شن هجمات دقيقة باستخدام طائرات تحلق على ارتفاع منخفض فوق بغداد وهو ما قد يعني خسارة مزيد من القوات والمعدات الأمريكية والبريطانية وبالتالي تضاؤل فرصة حسم وكسب الحرب.
والمؤكد أن معركة بغداد ستكون بالصعوبة بمكان كما ستكون أيضا أشدة وطأة على الأمريكيين والبريطانيين من غيرها من المعارك التي سبقتها وأن مسألة دخول بغداد أو اقتحامها تحتاج إلى حسابات أخرى دقيقة جدا لأن قتالا شديدا سيدور رحاه بين الجانبين.ويري المحللون والخبراء العسكريون أن هذا الأمر قد يتطلب وقتا أكبر مما يتصور الأمريكيون والبريطانيون.
ويتوقع المحللون والخبراء العسكريون أنه اذا سارت الامور في بغداد نحو الاسوأ فإن ذلك قد يدفع الولايات المتحدة إلى تغيير استراتيجيتها وخاصة أن الحرب باتت لا تهدف فقط إلى تحقيق الاهداف المعلنة المتمثلة في تغيير النظام العراقي ونزع اسلحة دماره الشامل كما تردد واشنطن ولندن، بل أصبحت تمثل اختبارا قاسيا وصعبا للغاية لاثبات مدى قدرة الولايات المتحدة في ظل نظام القطبية الاحادية الذي تنفرد واشنطن من خلاله على العالم.وسيتوقف الأمر برمته في النهاية حتما على ما سيحدث فوق الأرض وهو ما يصعب التكهن بنتائجه.. فأسس الحرب ترتكز على أن من يستطيع الوصول إلى مركز الثقل هو الذي يقرر النتيجة النهائية الحاسمة.
وحسب التصريحات العسكرية العراقية الأخيرة فإن العراق لديه قوات احتياطية كبيرة ومتنوعة فضلا عن اوراق أخرى يمكن وصفها بمفاجآت الحرب في اللحظة الأخيرة.
|