Wednesday 26th march,2003 11136العدد الاربعاء 23 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نجم الكرة السعودية والشباب في الحقبة التسعينية «خالد سرور» يكشف لـ « الجزيرة » معاناته مع نجله الراحل: نجم الكرة السعودية والشباب في الحقبة التسعينية «خالد سرور» يكشف لـ « الجزيرة » معاناته مع نجله الراحل:
مات «فيصل بن فهد».. فماتت أطراف ابني..!!
«36 ألف ريال» أدخلتني في ظلام.. وجهاز أعادني للعصور الوسطى!

* أجرى اللقاء - خالد الدوس:
قبل أيام قلائل انتقل الى رحمة الله تعالى «نجل» نجم الكرة السعودية والشباب في عقد التسعينيات الهجرية اللاعب خالد سرور بعد معاناته مع مرض الإعاقة 7 أعوام.. وكان «بندر سرور» قد تعرض للسقوط من أحد الأماكن المرتفعة في احد المنتزهات البرية بشمال العاصمة الرياض مما سبب له شللاً رباعياً..
وقد تكفل الأمير الراحل فيصل بن فهد - رحمه الله - بعلاجه في الخارج وتحديداً في لندن وذلك قبل اربعة أعوام.. غير انه لم تستمر رحلته العلاجية الثانية المخصصة لتنشيط الاطراف السفلى.. بعد وفاة أمير الشباب تغمده الله بواسع رحمته.. فتردت حالته النفسية والصحية بصورة سيئة الى ان وافته المنية.. يوم الاربعاء الماضي.
و«الجزيرة» زارت نجم الشباب الدولي الشهير خالد سرور الذي ذاع صيته وعلا شأنه في تلك الحقبة الفارطة، ونقلت معاناته مع ابنه الراحل «بندر» حيث كانت نبرات صوته مفعمة بالحزن والاسى على فراق فلذة كبده..
شلل رباعي..!
* في البداية تحدث المهاجم الشبابي الدولي «سابقاً» اللاعب خالد سرور عن قصة حادثة اصابة ابنه بندر - رحمه الله - الذي سبق ان مثَّل فريق الهلال في كافة مراحله السنية. ونتج عن ذلك اصابته بشلل رباعي قائلاً: خرج نجلي ذات يوم في نزهة باحدى المناطق البرية بشمال العاصمة «الرياض» برفقة زملائه وحين صعد الى احد الأماكن المرتفعة تعثر فسقط على صخرة كبيرة وجاءت الضربة في فقرة الظهر العلوية فسببت له شللاً رباعياً..
ضحيت بوظيفتي لملازمة ابني..!!
* وعقب اصابته نقل لمستشفي القوات المسلحة بالرياض وهو يعاني من شلل رباعي حيث مكث فيه سنة وعدة اشهر وهو يئن تحت وطأة الألم والأسى فظل اسيراً على السرير الأبيض وفي خضم هذه الظروف التي مر بها ابني ضحيت بوظيفتي حيث كنت أعمل بالمنطقة الشرقية وذلك من اجل ملازمته ورعايته عن كثب وهو في احلك ظروفه الصحية والنفسية فعلي اخفف عنه هذه المعاناة من خلال بقائي معه وتواجدي المستمر بجانبه!!
طبيب بريطاني مشهور!
* نصحني أحد الأطباء بالمستشفى العسكري ان ارسل تقريراً كاملاً عن حالة ابني لأحد الأطباء المشهورين في بريطانيا متخصص في الجراحة والعظام ولا سيما انه عالج كثيراً من الحالات المماثلة لحالة ابني وبالفعل ارسلت تقريراً كاملاً عن وضع «بندر» الصحي لهذا الطبيب عن طريق المستشفي العسكري وبعد عدة أيام جاءني الرد بالموافقة وامكانية نجاح العملية بإذن الله ولظروفي المادية التي لا تسمح لي بتحمل مصاريف وتكاليف العلاج في الخارج خصوصاً كما أشرت ايضا انني تركت وظيفتي ومصدر رزقي ورزق ابنائي من اجل رعاية ابني المصاب وملازمته وهو اسير على السرير الأبيض فانتظرت عدة أشهر الى ان جاء الفرج!!
بادرة إنسانية!
* ففي بادرة إنسانية من صاحب القلب الكبير الأمير الراحل «فيصل بن فهد» -رحمه الله- تكفل بعلاج ابني «بندر» في الخارج وتحديداً في لندن وعلى حسابه الخاص فشملنا بعطفه وحنانه بهذه اللفتة الكريمة غير المستغربة من رجل جُبل على الشهامة والمواقف الإنسانية تغمده الله بواسع رحمته.. وأسأل المولى جل شأنه ان يجعل هذا العمل الصالح في موازين حسناته ويسكنه فسيح جناته!!
نجاح المرحلة الأولى
* غادرت برفقة ابني المصاب بشلل رباعي الى لندن وذلك على حساب أمير الشباب الراحل فيصل بن فهد -رحمه الله - في شهر ربيع الثاني من العام 1420هـ حيث شرع في البداية بالعلاج التأهيلي والطبيعي بأحد المستشفيات المتخصصة في ذلك ثم خضع لعلاج مكثف ولمدة ثلاثة اشهر كمرحلة أولى في علاج الأطراف العلوية فشهد وضعه الصحي والنفسي تحسنا وتقدما ملحوظا، إذ خضع لبرنامج يسمى المعالجة الحرفية والفيزيائية والطبيعية بشكل مكثف فبدأ يستعيد حركة الأطراف العلوية بصورة جيدة بجانب قدرته على قيادة السيارة الاوتوماتيكية.
كما تم إجراء فحص بالأشعة على منطقة العمود الفقري والتأكد من وجود الصفائح الداخلية المثتبه بمكانها بعد ان نجح في استعادة قدرته على تحريك الأطراف العلوية حتى لا تحدث مضاعفات عكسية مستقبلاً.
وازاء ذلك تقرر استكمال ومواصلة مرحلة العلاج الثانية بالأطراف السفلى بعد سنة غير أنني لظروف وفاة الأمير فيصل بن فهد رحمه الله توقفت لعدم قدرتي على تحمل تكاليف ومصاريف هذه المرحلة عن مواصلة علاج ابني هناك!
استعاد حركة الأطراف العلوية..!
* عاش ابني عقب عودته من لندن حالة نفسية أكثر ارتياحاً بعد تطور وضعه الصحي بشكل ايجابي وقدرته على استعادة حركته بالأطراف العلوية ولا سيما بعد تأمين جهاز طبي «سرير هوائي» يساعد على تنقله وبداخله بالون يحمي الجسم من حدوث القرح والجروح حيث أمن على حساب الأمير فيصل بن فهد رحمه الله من لندن ابان مرحلة العلاج الأولية هناك.
فبدأ يشعر ان هناك املاً قوياً بعد توفيق الله عز وجل على استعادة قدرته على الحركة بعد شروعه في مرحلة العلاج الثانية المتخصصة على تنشيط الاطراف السفلى.
غير ان الظروف التي لم تسمح لنا بمواصلة واستكمال هذه المرحلة فانعكست على نفسيته وتعب كثيراً وخلال الثلاثة الاشهر الأخيرة تردت حالته المعنوية والصحية كثيراً لدرجة انه كان يرفض تناول الأكل حتى نقص وزنه بصورة مخيفة..!
لغة الدموع
* لا أعرف بالتحديد ماذا أصاب ابني فقد عاش وضعاً نفسياً «غريباً» فلا يأكل ولا يتحدث مع أحد حيث كان يعبر عما بداخله فقط بالدموع التي تنهمر على خديه بصمت وكبت!!
اضطررت ان اعرض حالته على عدد من المستشفيات لمعرفة ما يشكو منه بيد ان كل شيء يظهر سليماً.. والذي زاد الوضع سوءاً حين جاءت فاتورة الكهرباء الخاصة بالمنزل بمبلغ 36 ألف ريال والمشكلة ان الجهاز الكهربائي الذي يستخدمه «بندر» يعمل على خط 220 فكان يستهلك طاقة كهربائية تسببت في ارتفاع هذا المبلغ.. وهذا الجهاز عبارة عن سرير هوائي متطور يحمي الظهر ويخفف ضغط الجسم على الجلد والعظام وبالتالي يحميه من حدوث قرح الفراش كما أشرت آنفا!
جهاز أعادني للعصور الوسطى!!
* ولظروفي المادية لم استطع سداد هذا المبلغ الكبير فتم قفل عداد الكهرباء عن المنزل وتوقف الجهاز عن الاستخدام فأصبحت المعاناة معاناتين!! اضطررت ان اتسلف مبلغ «7000 ريال» واستأجر شقة بحي شبرا لمدة شهرين فنقلت ابني ومعه شقيقته هناك وبقيت أنا وابنائي وولداتي في ظلام دامس استخدم مواطير وأحياناً شموع فعشت ظروفاً صعبة ولحظات حرجة خصوصاً ان ابني في شقة وأنا وبقية افراد عائلتي في منزل مظلم كأننا نعيش في العصور الوسطى!!.
وبعد شهرين تقريباً وفي ظل عدم توفر المادة قامت خالته «جزاها الله كل خير» بنقل ابني في منزلها بحي عليشة وظل معها عدة اسابيع إلا ان جاء الفرج من الله عز وجل.
أميرة الإنسانية
* لا أنسى في حقيقة الأمر البادرة الإنسانية واللفتة النبيلة من والدة الأمير خالد بن سلطان «أطال الله عمرها ومتعها بالصحة والعافية» فحين علمت بظروفنا المأساوية عن طريق والدي استأجرت لنا منزلاً بحي سلطانة على حسابها الخاص وبعد استقرارنا فيه اعدت ابني وظللت بجواره في الوقت الذي كانت احواله النفسية تتردى للأسوأ لأسباب لم استطع معرفتها وفك طلاسمها حيث وضح ذلك جليا من خلال صيامه عن الطعام واصراره على الرفض الأمر الذي دفعني لإحضار من يقوم باعطائه المغذي مقابل 200 ريال وسط ظروف مالية صعبة لا يعلمها إلا الله لدرجة كنت اضغط عليه حتى يحتسي ولو شوربة «بالمصاص»!! فكان يرد علي - رحمه الله - بلغة الدموع وسط حزن رهيب وكبت لم استطع فك طلاسمه!!
حالة متردية
* الظروف وحدها جعلتني اقف مكتوف اليدين أمام «نجلي» وحالته النفسية والصحية كانت تتردى يوماً بعد يوم بصورة مؤثرة ولولا الأوضاع المادية الصعبة التي أمر بها لسافرت به للخارج لاستكمال علاجه هناك ولكن الظروف كانت أقوى..!
«تفاحة» آخر هديتي لابني
* ففي يوم الاربعاء الماضي وعند الساعة العاشرة والنصف صباحاً زارني أحد الاصدقاء ونصحني بأهمية التفاح وفوائده الصحية خصوصاً لأولئك الذين يشتكون من انعدام الشهية او يعانون من مشاكل في الباطنية.. وبالفعل اخذت تفاحتين وطلبت من شقيقته تقطيعهما لكي يتناولهما فخرجت من عنده وبعد ربع ساعة اذ بابنتي تناديني في حالة ارتجاف وهي تردد قائلة ان بندر جسمه بارد وعيناه شاخصتان.. ادركت لحظتها انه متوفى فدخلت عليه بسرعة واذ بجسمه بالفعل بارد وعيناه شاخصتان فعرفت أنه فارق الحياة تغمده الله بواسع رحمته..
ساعة عصيبة!
* وعقب دخولي عليه وسط مشاعر ولحظات عصيبة انتابني فجأة لحظة سماعي الخبر للوهلة الأولى انه فارق الحياة قمت بإغماض عينيه وانا ادعو له بالرحمة والمغفرة وولداتي وابنائي من حولي.. واصواتهم تعلو بالبكاء والحزن فعشت ساعة «قاسية» فلا ادري ماذا أعمل؟! ابني أمامي «ميت» ووالدتي وابنائي يبكونه بكل اسى وحزن وبعد ان افقت من الصدمة اتصلت على الهلال الأخضر ونقلوه لمستشفي الرياض المركزي وبعد الكشف عليه اتضح انه متوفى قبل ساعتين وفاة طبيعية. وحين انتهينا من اجراءات المستشفى غُسل وكُفن بمغسلة الدريهمية حيث اديت عليه الصلاة ظهراً بجامع الأمير محمد بن عبدالرحمن بعتيقة ودفن في مقبرة المنصورية تغمده الله بواسع رحمته.. والحمد لله على قضائه وقدره في كل حال.
شعور غريب
* لا أدري ما الذي دفعني للبقاء داخل المنزل وملازمة ابني قبل وفاته بـ3 أيام فطوال هذه الأيام لم أغادر «البيت» وكأن قلبي «حاس» بشيء سيحدث.. حتى انه رحمه الله كان يطلب منيّ بقاء جدته «والدتي» بجواره لوقت اطول ويبدو انه قد احس بدنو أجله يرحمه الله.
الكل غمرني بمشاعره
* غمرتي العديد من الشخصيات الرياضية والاصدقاء لاعبين وإداريين سابقين الذين جاؤوا معزين في رحيل نجلي وفلذة كبدي «بندر» الى جانب الاتصالات المتوالية أيام العزاء ومنهم الأمير عبدالرحمن بن سعود والأمير مشاري بن فهد بن تركي والأمير سعود بن سلمان بن محمد والدكتور صالح بن ناصر والاستاذ طلال الرشيد وعدد كبير من زملائي اللاعبين القدامى فلهم جزيل الشكر والامتنان على هذه اللفتة الكريمة وغير المستغربة منهم وخصوصاً ان هناك من فاجأني بزيارة من الزملاء القدامى وبعضهم لم أره منذ أكثر من 15 عاماً ولن اعقب على من تجاهل زيارتي او الاتصال بي لتقديم العزاء فقد تكون هناك ظروف منعتهم عن ذلك..!
أناشد الأمير سلطان بن فهد!
* تركت وظيفتي ومصدر رزقي من أجل رعاية ابني المشلول وملازمته ولكن ثقتي وأملي بالله ثم بأمير الإنسانية سلطان بن فهد «الرئيس العام لرعاية الشباب »الذي وهبه الله عز وجل حب الخير والعطاء من أجل ابنائه الرياضيين ممن يعانون من ظروف قاسية ان يشملني بعطفه لتأمين وظيفة لي لسد رمقي ورمق ابنائي ولا سيما انني بلا عمل منذ أكثر من اربعة أعوام وأعول اسرة كبيرة وثقتي بأمير الشباب بتحقيق هذه الأمنية لا حدود لها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved