Wednesday 26th march,2003 11136العدد الاربعاء 23 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من يدفع ثمن ما يحدث للعراق؟! من يدفع ثمن ما يحدث للعراق؟!
فرانسوا رينايرت(*)

يا له من يوم تعيس في العالم» قالها الأمين العام للأمم المتحدة في الساعات الأولى التي بدأت فيها الحرب على العراق، يوم تعيس، بالطبع، ربما لأن الأمين العام للأمم المتحدة يشعر في مكان ما من ذاته أنه مسئول، و أن هنالك من يتحمل مسئولية هذه الحرب معه.. فالسلام لم يكن بعيدا إلى هذا الحد يوم كان الحديث عن نزع سلاح الدمار العراقي يتناقض مع مرجعية الخطاب السياسي الدولي في مجلس الأمن الدولي، وفي الولايات الأمريكية المتحدة ،، لأنه كان في غاية الحزن ذلك اليوم ..صحيح كان تعيسا أمام قدرة «جورج بوش» على تحدي العالم بأسره، على سد أذنيه أمام نداء المتظاهرين الذين خرجوا في كل مدينة و بلدة من هذه الأرض كي يرفضوا الحرب، ليس تحديا للولايات الأمريكية المتحدة، بل رفضا أن تكون أمريكا التي طالما نادت إلى «الحرية السلام» تسقط في مستنقع الظلم الذي غزلت خيوطه منذ سنوات طويلة، أيام كانت المصطلحات مبهمة و الشعارات غامضة .. لكن الحرب اندلعت.. ليست الحرب هذه المرة ككل الحروب.. هي حرب ذات خاصية أخرى، تدخلها الولايات الأمريكية بنفس ثقافة الأفلام الهوليودية، التي لا يموت فيها البطل الأمريكي في نهاية الفيلم ! « ظرف في غاية الصعوبة للسياسة الأمنية الدولية المشتركة للوحدة الأوروبية، ظرف صعب للوحدة الأوربية ككل..» قالها المحافظ الأوروبي «كريس باتن»..البرلمانيون الأوروبيون أضافوا :« انها هزيمة أخلاقية للسياسة وللدبلوماسية..هزيمة كبيرة لأوروبا قبالة مشاكل العالم».. هذا هو المشهد الذي أراد الغرب إخفاء ملامحه لمدة تجاوزت أشهر الإخفاق السياسي.. ليس باستطاعة أحد اليوم ان يصفق أمام مرور «توني بلير» رئيس وزراء بريطانيا، و لن يكون باستطاعة أحد القول أن «أزنار» وزير خارجية اسبانيا «رجل مدهش»، كما قيل عنه منذ عدة سنوات.. أشياء كثيرة تغيرت ليس لأن الظروف هي التي تغيرت، بل لأن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت «ايقاع» الحرب على الجميع، بمن في ذلك الأوروبيون أنفسهم الذين وجدوا أنفسهم غرباء عن بعضهم، أمام الانقسامات الرهيبة التي ساهمت في فرض هشاشة الرؤى السياسية ليس بموجب قرار بل بموجب اللاء قرار الذي أدى اليوم إلى ضرب العراق.. من يمكنه دفع الثمن اليوم، أمام دولة تسقط فوقها مئات الصواريخ و القنابل يوميا ؟ الأمم المتحدة ؟ الولايات الأمريكية المتحدة؟ الاتحاد الأوروبي؟ الناتو؟ من ؟ الجميع يحمل تلك المخاوف الكبيرة والشرعية، على الأقل وال «شرعية» الدولية تتعرض للاغتصاب من طرف إدارة بوش باسم «تحرير العراق»..ذلك التحرير الذي تحول إلى احتلال من نوع خاص، والاحتلال سيتحول إلى اختلال في موازين منطقة الشرق الأوسط، على اعتبار أن نتائج الحرب المقبلة سوف تطبقها إسرائيل «لتأديب» كل دولة لن توافق على «السلام» الأمريكي الإسرائيلي المطروح على شكل أمر واقع،، هذا هو المرعب في الأمر، الذي يبدو قاتما جدا لأبنائنا الذين سيسألوننا عما فعلناه لنوقف المأساة.. سنقول لهم «حاولنا بجهد ألا نترك الأمريكيين يعبثون بمصائر الناس» و لكن.. هل حقا حاولنا بجهد ذلك ؟ في قمة بلجيكا الأخيرة، أعلن شيراك :« فرنسا لن تكتفي بالصمت، سوف تواصل مسيرتها كي تفرض على الأمم المتحدة تحديدا صريحا للموقف ، إما وقف الحرب،و إما تحمل مسئولية انهيارها كمؤسسة أممية فقدت لحد الآن أهم عناصر وجودها: المصداقية..» هذا ما يجب البحث فيه.. اليوم علينا أن نعترف أننا في حالة من الحزن، لأن جورج بوش تحدانا جميعا كي يغزو العراق باسم «الحرية والديمقراطية».. أليس هذا بالسبب الكافي للشعور أن العالم صار تعيسا ؟

(*) اللموند الفرنسية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved