يتزايد اهتمام الصحافة العالمية بمجريات الحرب في العراق مع اتساع نطاق المواجهة، والكشف عن المزيد من افرازاتها المؤلمة، وبعد انقشاع الضباب الذي صاحب الايام الاولى للقصف الامريكي البريطاني على العراق، وعرض مشاهد حية لعدد من الاسرى والقتلى الامريكين، وتفنيد ادعاءات الحلفاء- اعلامياً- بشأن التقدم السريع نحو بغداد، تغيرت لهجة الصحافة العالمية تجاه الازمة، ووصفت ما يجرى في مسرح العمليات بأنه نكسات للحلفاء قبل دخول المعترك.. فيما وصفت بعض الصحف المهام الامريكية بأنها فوضوية شبيهة بالسيناريو الأفغاني.. واشارت الصحف الامريكية إلى استبسال العراقيين ومقاومتهم الشرسة دفاعاً عن مدن الجنوب مبدية استياءها من ارتفاع عدد القتلى والأسرى.
أبرزت واشنطن بوست الخسائر الأمريكية في المعارك الدائرة بالعراق وقالت إن هناك حوالي 16 قتيلا وخمسة أسرى أمريكيين حتى الآن في ظل المقاومة العنيفة من جانب العراقيين.
حرب العصابات
وتحت عنوان «الشكوك تتزايد حول الاستراتيجية الأمريكية» نشرت الجريدة تحليلاً إخبارياً قالت فيه إن العراقيين استخدموا أساليب حرب العصابات مما أدى إلى زيادة الشكوك حول فاعلية الاستراتيجية التي كانت وزارة الدفاع الأمريكية ومخططوها قد وضعوها لإنهاء الحرب بسرعة.
وعن المعارك الدائرة في جنوب العراق قالت الجريدة تحت عنوان «المدافعون عن البصرة يتخندقون وسط المناطق السكنية» واشارت الى أن القوات العراقية النظامية والمليشيات المدافعة عن البصرة جنوب العراق يتحصنون وسط المناطق السكنية لشن ما يشبه حرب العصابات ضد القوات الأمريكية التي تحاول دخول المدينة منذأيام.
الأحد الأسود
وكتبت الجريدة في افتتاحيتها تحت عنوان «خسائر مؤلمة» أن يوم الأحد الماضي كان يوما مؤلماً بالنسبة للقوات الأمريكية والبريطانية حيث سقط العديد من القتلى ولكن الأشد إيلاماً هو أن عدد من هؤلاء القتلى سقطوا بنيران أمريكية وبريطانية حيث أسقط صاروخ أمريكي طائرة بريطانية وقتل وأصاب جندي أمريكي في الفرقة 101 المحمولة جوا في الكويت.
واستغرب عدد كبير من زملائه عندما فجر الجندي عدداً من القنابل اليدوية وأطلق نيران سلاحه الآلي عليهم لسبب مازال غير معروف.
وتحت عنوان «أؤيد أمريكا لكنني مازلت أشك» كتب وليام روزباري مقالاً في صفحة الرأي قال فيه: انا كمواطن أمريكي أؤيد القوات الأمريكية وادعو لها بالنصر ولكن اخشى من الثمن الباهظ الذي يمكن أن يتحقق به هذا النصر سواء بالنسبة للقوات الامريكية نفسها أو بالنسبة للعراقيين الأبرياء.
ويضيف أن أكثر ما يقلقه هو الثمن الذي ستدفعه أمريكا من مكانتها الدولية في ظل طوفان العداء لأمريكا الذي فجرته هذه الحرب.
نيويورك تايمز أفردت صدر صفحتها الأولى للمعارك الدائرة في جنوب العراق وعنونت قائلة «الأمريكيون والعراقيون يخوضون القتال على جبهتين» وكشفت أن القوات الأمريكية والبريطانية تعرضت لأسوأ خسائر منذ بداية المعارك في ظل المقاومة التي قال عنها القادة الأمريكيون أنها الأعنف التي يواجهونها.
وأضافت أن هذه المعارك أسفرت عن قتل وإصابة وأسر أكثر من 70 أمريكيا.
وتحت عنوان «في خطوة خطيرة: القوات الأمريكية تندفع نحو بغداد» واشارت الى أن القوات الأمريكية بدأت أمس معركة جديدة في «المنطقة المحرمة» حول بغداد التي يدافع عنها عناصر الحرس الجمهوري العراقي والتي يراهن عليها الخبراء في الفوز بهذه المعركة والحفاظ على بغداد.
واعترفت الجريدة أن هذه الخطوة تنطوي على مخاطرة كبيرة في ضوء فشل القوات الأمريكية في حسم المعارك في المناطق الأضعف على الجبهة العراقية في الجنوب.
حرب جديدة
وفي افتتاحيتها قالت إن الأيام الأولى للحرب الأمريكية ضد العراق وما تميزت به من سهولة دفعت قادة القوات الأمريكية إلى إطلاق العنان لخيالهم ليتصوروا أن الحرب ستمضي نظيفة وبدون خسائر بالنسبة لهم، ولكن ما أن بدأ القتال الحقيقي حتى اتضح فعلاً أن المعركة أصعب كثيراً مما كانوا يتصورون وأنهم إذا كانوا واجهوا هذه المقاومة العنيفة في الجنوب فكيف ستكون المواجهة مع قوات الحرس الجمهوري التي تدافع عن بغداد.
وهاجمت الجريدة ريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسات الدفاع الأمريكي التابع لوزارة الدفاع الذي بدأ أول أمس وتحت عنوان «صراع بيرل» قالت إن هذا الرجل يشغل منصباً مؤثراً في المؤسسة العسكرية الأمريكية التي تخوض حرباً ضروساً في العراق وفي نفس الوقت يعمل لحساب شركة اتصالات خاصة وهو يمثل انتهاكاً أخلاقياً للقواعد الحاكمة لموظفي الحكومة الأمريكية.
وتحت عنوان «تحول تركيا الخطأ» قال الكاتب وليام سافير أن تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية حول تركيا من حليف وثيق للولايات المتحدة إلى واحد من أفضل أصدقاء صدام حسين بسبب رفض البرلمان التركي الموافقة على فتح جبهة شمالية ضد العراقيين عبر الأراضي التركية.
أبرزت ابوسطن جالوب تحرك القوات الأمريكية وحلفائها نحو العاصمة العراقية، وقالت الجريدة إن القوات الأمريكية والبريطانية قطعت أكثر من نصف المسافة نحو العاصمة بغداد تحت عنوان «قوات التحالف تنطلق نحو بغداد».
واضافت إن القوات العراقية تحاول باستماتة عرقلة تقدم قوات الحلفاء نحو العاصمة العراقية.
وتحت عنوان «المظاهرات المناهضة للحرب تجتاح أمريكا» قالت الجريدة إن مظاهرات الأمريكيين الرافضين للحرب الحالية ضد العراق مازالوا يملئون شوارع مختلف المدن الأمريكية للمطالبة بوقف هذه الحرب.
ونقلت عن المتظاهرين تأكيدهم أن موقفهم لم يتأثر بأنباء الخسائر الأمريكية الكبيرة في الحرب لآنهم يرفضون الحرب من منطلق رفض العدوان على شعب لم يرتكب خطأ وليس خوفاً على أرواح الأمريكيين فقط.
حمام الحرب
وحول حمام الحرب نشرت الجريدة افتتاحية قالت فيها أن الحمامة التي ظلت رمزا للسلام تحولت مع القوات الأمريكية المتمركزة في الكويت إلى إحدى معدات الحرب حيث تستخدم قوات مشاة البحرية «المارينز» هذا الطائر المسالم في التعرف على وجود مخاطر أسلحة دمار شامل في منطقة العمليات من خلال إطلاق أسراب الحمام فوق المناطق التي تتقدم نحوها هذه القوات حتى إذا ما سقطت ميتة يمكن توقع وجود غازات سامة في هذه المنطقة.
لوس أنجلوس تايمز قالت إن العراقيين تمكنوا من استدراج الجنود الأمريكيين نحو مجموعة من الشراك التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من القتلى والأسرى في يد القوات العراقية.
وتحت عنوان «الحياة الجديدة في أمريكا تحولت إلى موت في العراق» نشرت الجريدة تقريراً عن أحد الجنود الأمريكيين الذي سقط قتيلاً في العراق وقالت أنه مهاجر حديثاً من أمريكا اللاتينية بحثا عن حياة جديدة في الولايات المتحدة، ولكن هذا الحلم بالحياة الجديدة تحول إلى كابوس عندما التحق بالجيش الأمريكي الذي انطلق ليشن الحرب ضد العراق ويموت هذا الشاب في المعارك.
وحول الجبهة الإعلامية في الحرب الأمريكية الدائرة ضد العراق نشرت الجريدة مقالاً تحت عنوان «أسلحة الإعلام» قالت فيه أن الإعلام سيكون أحد أهم الأسلحة المستخدمة في الحرب الدائرة من جانب الطرفين خاصة وأن هذا الصراع الدائر هو صراع سياسي أكثر منه عسكري والنتيجة السياسية هي التي ستحدد في النهاية الطرف المنتصر بغض النظر عن الإحصائيات العسكرية النهائية.
|