استعادة الشرعية الدولية

العمل من أجل وقف الحرب أمر مطلوب بشدة ومعقول ومفهوم ومنطقي ويطابق حقائق الاشياء والمسلك السليم، فالسلام هو الأساس والشذوذ هو التقتيل والتخريب وازهاق الأنفس وتدمير الممتلكات، دون وجه حق ودون الحصول على تفويض دولي.
وهكذا يظل العمل من أجل السلام يكتسب على الدوام تأييداً ووجاهة، خصوصاً اذا كان هناك ما لا يبرر الحرب، إلا إذا كانت الحرب لصد العدوان أو تحرير أرض، وكلها امور لا مكان لها في الحرب الحالية التي تقودها الولايات المتحدة في العراق.
وحتى الآن في هذه الحرب تتزايد اعداد القتلى بشكل سريع، وتطل كوارث انسانية مروعة برأسها اخفها تلوث ونقصان المياه في البصرة التي يسكنها أكثر من مليوني شخص، وتشرد الالاف من الناس في جبال شمال العراق الباردة فضلاً عن تقطع السبل بآلاف آخرين على الحدود.
وفي يوم واحد صدرت عدة دعوات لوقف هذا الجنون، فقد دعت المملكة في اجتماع مجلس الوزراء إلى وقف الحرب ورفضت احتلال العراق. بينما طالب الاجتماع الوزاري لجامعة الدول العربية مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه العدوان على العراق، كما دعت روسيا إلى تدخل مجلس الأمن الدولي.
ومن الواضح أن هناك حاجة ماسة لتنشيط آليات الشرعية الدولية ورفض محاولات تجاوزها من أجل شن العدوان على الآخرين مثلما حادث الآن في العراق.
وتقدم هذه الحرب مثالاً صارخاً لتحدي العالم من قبل دولة عظمى كان ينبغي عليها ان تعزز من مؤسسات الشرعية الدولية، بدلاً من ان تبادر إلى تجاوزها ما يعني أنها تسمح باستشراء الفوضى في العالم.
ومهما يكن من أمر فان ما حدث يجب ان لا يكون مسألة محبطة، بل يجب ان يستنفر الدول الحريصة على سلامة المجتمع الدولي، للسعي من أجل الحفاظ على مؤسساته التي ارتضى الاحتكام اليها والتي يمكنها تنظيم شؤونه.
وعلى ذلك فان الرغبة الدولية الواسعة النطاق لوقف هذه الحرب ينبغي توجيهها بحيث تنطلق عبر قنوات مجلس الأمن الدولي، الذي يمكن ان يستعيد قوته من ذات القوة التي تتمتع بها الدول المساندة للسلام والتي تستطيع طرح مواقفها بكل وضوح من أجل إحقاق الحق وعودة الشرعية الدولية إلى ممارسة صلاحياتها في حماية شعوب العالم.