نحن بحاجة إلى الثبات والتطور في الدعوة إلى الله في آن واحد لكن بوضع كل منهما في مكانه المناسب.
الثبات في الدعوة ثبات على الأسس والمبادىء التي لا مساومة عليها ولا تغيير فيها وإن تقدم الزمان واختلف المكان.
الثبات في الاعتماد على الكتاب والسنة كمصدرين أساسيين للدعوة إلى الله، الثبات على العقيدة الصحيحة النقية التي كان عليها سلف الأمة، البعيدة عن البدع، النقية من الخرافات.وقدوتنا في هذا الثبات أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام الذين نالهم من الأذى والعذاب ما لم ينله غيرهم لتغيير مواقفهم أو التحول عن مبادئهم لكنهم رسخوا الجبال الرواسي وثبتوا على الحق المبين حتى أتاهم اليقين وقد روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لقومه عندما عرضوا عليه الملك والمال والسلطان على أن يدع ما يدعو إليه: والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يتمه الله أو أهلك دونه.
فتغير المجتمعات وتقدم الزمان ليس بحجة لتغير ثوابتنا أو إعادة النظر في أسس ديننا، والدعوات المنادية بذلك هي دعوات ضالة، القصد منها القضاء على الدين وهدم أصوله.
أما التطور في أساليب الدعوة ووسائلها فهو مطلب ملح في هذا العصر لمواصلة مسيرة الدعوة وضمان نجاحها وتحقيق أهدافها، وهذا التطور لا يتعارض مع غاياتها ومقاصدها بل يعين على الوصول إلى هذه الأهداف بأقرب وسيلة وأيسر طريق.
التطور في الدعوة تطور في وسائلها وأساليبها بما يحقق المقاصد الشرعية ويتناسب مع روح العصر.
في زمن مضى كانت وسائل الدعوة تعتمد على الكلام المباشر والكتاب والرسالة وأما في هذا الزمن فقد كثرت الوسائل وتعددت سواء المقروءة منها أو المسموعة أو المرئية، وسائل سريعة الانتشار قوية التأثير في الدعاة إلى الله أن يستغلوها في دعوتهم ويستفيدوا منها في عملهم والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
يحدث الخلل من الخلط بين الأمرين فزاعم التطورومسايرة العصر لا يفرق بين الأصول والفروع ولا بين الغاية والوسيلة فيتحول عن مبادئه ويتزعزع عن أصوله وثوابته ويدخل هذا عنده في مسايرة العصر والاستفادة من التطور فينتج كردة فعل معاكسة لهذا المنهج من يحارب كل جديد ويحرم الدعوة من كل مفيد ويبقى على أساليبه ووسائله التي تعداها الزمان ويظن أن في هذا محافظة على الأصول. إن معارض وسائل الدعوة التي تقام كل عام وتنتقل بين مناطق هذه البلاد المباركة سنة حسنة ومنهج سديد لتبصير الدعاة بوسائل الدعوة إلى الله ودعوتهم للاستفادة من كل جديد ومفيد يخدم الدعوة ويحقق الأهداف، نسأل الله أن يبارك في الجهود وأن يحقق المقصود.
| 
