تزدهي مدينة (الغاط) كعادتها كل عام 00 بحفل (جائزة الأمير خالد السديري) للتفوق العلمي 00 وتزداد بهاءً بضيف الجائزة سمو الأمير (خالد الفيصل بن عبدالعزيز) الذي يتفضل برعاية الحفل تقديراً منه لمن تحمل الجائزة اسمه 00 ولأبنائه الأفاضل وفي مقدمتهم الأمير (فهد والشيخ تركي) وكلا الأميرين (الفيصل والسديري) تجمعهما أكثر من آصرة 00 فهما قد تتلمذا في مدرسة الملك المؤسس (عبدالعزيز) والملك الباني (فيصل) وتأثرا بسيرتهما العطرة 00 وعشقا الفروسية والقنص وقرضا الشعر وأبدعا فيه وأجادا كتابة النثر 00 وبرعا في الإدارة والحكم 00 وأدارا بالحكمة والعدل أهم مناطق الجنوب الأخضر (عسير - جازان - نجران) وتفوقاً في تخطيط المدن التي نالت اهتمامهما 00 وبدآ تنميتها من نقطة الصفر كما حصل في تلك المناطق و (تبوك والخبر) بالنسبة للأمير (خالد السديري) 00 وفتحا مجلسهما لشداة الأدب ورجال الفكر والأدب 00 وها هو الأمير (خالد الفيصل يرأس (مؤسسة الفكر العربي) التي ولدت فتية وحُظيت باعتبار واحترام الفعاليات الثقافية العربية والعالمية 00 وبادر الأمير (فهد السديري) بالمشاركة في تأسيسها وحضور مناشطها..
وقد أسعدني الله تعالى أن أكون قريباً من هاتين الشخصيتين البارزتين وأنال عطفهما حيث لازمت الأمير (خالد الفيصل) وتابعت مسيرته الخيّرة منذ استلامه إمارة (منطقة عسير) ولا يزال يواصل جهوده المباركة أمدّ الله في حياته وأعانه وسدده 00 ووصلت المنطقة بقيادته ودعم ولاة الأمر حفظهم الله درجة رفيعة في الارتقاء والازدهار بكل مناحي الحياة.
أما الأمير (خالد السديري) فقد كان والدي صديقه ورفيق دربه منذ مطلع شبابه حينما كلفه الملك (عبدالعزيز) وكيلاً لإمارة (عسير) بجانب أخيه الأمير (تركي بن أحمد السديري) في أوائل الستينيات الهجرية توطئة لتعيينه في مناصب رفيعة تنقل خلالها في إمارات (جازان والخبر وتبوك) وبعدها وزيراً للزراعة 00 ثم أخيراً مشرفاً على (إمارة منطقة نجران) وقائداً لمعركة (الوديعة) الشهيرة 00 حتى توفاه الله تعالى وهو في قمة عطائه لخدمة دينه ومليكه وبلاده.
وكنت أزوره بصحبة والدي في (نجران) حيث أستمتع لساعات طويلة بأحاديث ذكرياتهما العطرة 00 وفكرهما الناضج، وإبداعاتهما الشعرية 00 وتحليلهما الدقيق لأحداث الساعة آنذاك 00 كما كنت أشرُف بلقائه حينما أذهب إلى (نجران) في مهمات رسمية وألقى منه الحفاوة البالغة..
وعندما يزور الأمير (خالد السديري) مدينة (أبها) فإنه يحرص على أن يضع بمقدمة برنامجه الاجتماع بوالدي وأصدقائه القدامى وتفقد أحوالهم وتبادل الأحاديث معهم.
ومن عجائب الصدف أن الأمير (خالد السديري) عندما توفاه الله تعالى أول عام 1399هـ 00 رثاه والدي بقصيدة مؤثرة 00 ولاحظت وطأة الحزن عليه وزيادة الاكتئاب لفقده 00 رغم محاولتي تسليته وتسريته والتخفيف عنه 00 إلا أن الله سبحانه قدّر نهاية أجله في آخر الشهر الذي مات فيه صديقه الحميم .. فكأنهما على موعد جمعنا الله بهما في دار كرامته.. فهما من أفنى حياتيهما في عمل جاد أكثره للدولة والصالح العام وشارك في معارك التأسيس مع الملك الموحد (عبدالعزيز) وأخلص العمل في كل ما أسند إليه من مسؤوليات خلال ظروف صعبة 00 وبإمكانات محدودة 00 ونصح لولاة الأمر في الرأي والمشورة. فالتحية والتقدير للأمير الضيف راعي الجائزة 00 الذي دلل على وفائه ونبله وإعزازه وبرّه بابن خال جده الملك المؤسس وخال عمه (خادم الحرمين الشريفين الملك فهد المفدى) وإخوانه الأماجد بهذا الحضور والرعاية لحفل الجائزة 00 ودعاءً لله جل شأنه أن يشمل عبده الصالح إن شاء الله الأمير (خالد السديري) بمغفرته ويجزيه بالإحسان بما قدم من صالح الأعمال وشكراً (لأبي مشعل) وإخوانه الأفاضل على البّر المتواصل بوالدهما والحرص على استمرار هذه الجائزة التي أدخلت الفرحة إلى قلوب أبنائنا وبناتنا في (منطقة نجران) لعدة سنوات ثم في محافظة (المجمعة وسدير والزلفي) حينما قرر أصحابها نقلها إليها بعد تقاعد راعيها الأمير (فهد السديري) ولا ريب أن الهدف متحقق في كل الأحوال.
(*) عضو لجنة الجائزة
|