Wednesday 26th march,2003 11136العدد الاربعاء 23 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
الحرب ومستوى المعيشة الأمريكي
د. محمد اليماني(*)

يدور في الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من الجدل والنقاش حول التبعات الاقتصادية للحرب ولآثارها المباشرة وغير المباشرة على المتغيرات الاقتصادية الحيوية سواء في المدى القصير أو الطويل.
ويتساءل الكثير عن مدى جدوى هذه الحرب اقتصادياً وهل ستحقق العوائد المأمولة أم لا؟.
ولعل ما يهم الشخص العادي في الولايات المتحدة الأمريكية أو دافع الضرائب بشكل خاص هو ما ترتبه الحرب من أعباء مالية واقتصادية عليه تؤثر على مستوى معيشه. والسؤال الذي يتبادر لذهن دافع الضريبة عندما يرد ذكر الحرب هو ما المبلغ الواجب دفعه لسداد فاتورة الحرب؟ والذي ربما أخذ شكل زيادة في مبلغ الضريبة الواجب سداده، أو شكل انخفاض في كمية الخدمات التي توفرها الحكومة له ونوعيتها.
وتتعاظم الآثار السلبية لمستوى المعيشة الأمريكي بسبب الحرب في ظل المديونية الخارجية الكبير نسبياً، إذ يبلغ نصيب الفرد الأمريكي من الدين العام الخارجي حوالي 7400 دولا تقريباً، ومن المتوقع أن تضيف الحرب الحالية 350 دولاراً تقريباً إلى الرقم السابق أخذاً في الاعتبار السياسة الاقتصادية المقترحة للإدارة الأمريكية الحالية.
وتمتد آثار الحرب السلبية لتشمل حجم الاستثمارات الخاصة والتي عادة ما تنخفض في أثناء فترات الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على ذلك، فإن تدفق الاستثمارات الأجنبية الخاصة مرشح لتحقيق مزيد من الانخفاض إضافة إلى الانخفاض الذي شهدته خلال عام 2002م.
وسيعاني مستوى المعيشة الأمريكي من التدهور بسبب انخفاض أسعار الأسهم والذي يمكن أن تسببه حالة عدم الاستقرار والتيقن قبل وأثناء الحرب وبعد الحرب إذا لم تكن نتيجتها حاسمة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية والذي يمكن أن يتعزز في حالة استمرار الحرب أكثر من المتوقع.
ولا شك أن جزءاً كبيراً من مستوى المعيشة المرتفع الذي عاشه الأمريكيون خلال عقد التسعينيات راجع إلى ارتفاع أسعار الأسهم بشكل كبير نتيجة لتدفق الأموال من الخارج إلى أسواق الأسهم الأمريكية والتي انحسرت بعد 11 سبتمبر.
ويراقب الأمريكيون سعر الدولار والذي من الممكن أن ينخفض بسبب الحرب وتداعياتها، وهو قد انخفض فعلا قبل بدء الحرب أمام عدد من العملات الرئيسة إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات..
ويمكن للحرب أن تعمل على تناقص الثقة في الدولار الأمريكي، أو على تنامي حدة العداء للولايات المتحدة الأمريكية، أو على تقليص درجة الاعتماد والتبعية للاقتصاد الأمريكي، وفي جميع الحالات فان الطلب على الدولار سينخفض وسينخفض سعره تبعا لذلك.
وفي هذا السياق، تعزو بعض التقارير الاقتصادية انخفاض سعر صرف الدولار في مقابل اليورو بنسبة 25% تقريباً إلى تحويل بعض الدول ومن ضمنها روسيا لجزء من احتياطيها من العملة الصعبة من الدولار إلى اليورو.وسيكون الوضع أكثر صعوبة فيما لو جارتها مجموعة من الدول الغنية، أو حل اليورو محل الدولار في سوق النفط.
ومن المؤكد أن تسبب الأمور السابقة في إيجاد مزيد من الضغوط على مستويات المعيشة في المجتمع الأمريكي، خاصة في ظل محدودية الأسلحة الاقتصادية التي يمتكلها الاقتصاد الأمريكي للدفاع عن المستويات الحالية..
وفي هذه الحالة ربما يجد نفسه محتاجاً لأطراف خارجية يعتمد عليها للحفاظ على مستوى معيشته الحالي، وهذا ما لا تفضله الإدارة الأمريكية على الرغم من اضطرارها له، فكان الخيار هو أن كل ما يؤثر أو يحتمل أن يؤثر في الاقتصاد الأمريكي أو مستوى معيشة أفراده لا بد وأن يكون تحت السيطرة والتحكم.

(*)قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية /جامعة الإمام محمد بن سعود

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved