* موسكو- سعيد طانيوس:
رأى خبير عسكري روسي كبير ان القيادة العراقية اختارت تكتيكا عسكريا ناجحاجدا وملائما إلى حد كبير في التصدي للهجمة الأمريكية البريطانية التي تعتمدعلى تكتيك الصدمة والرعب القائم على توجيه ضربات صاعقة بصواريخ واسلحة تملك قدرة تدميرية هائلة والكثير منها يستخدم لاول مرة في تاريخ الحروب التقليدية.
واعتبر الجنرال فاليري مانيلوف نائب رئيس الاركان الروسية العامة سابقا والنائب الاول لرئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الشيوخ الروسي (مجلس الفيدرالية) حاليا ان خطة الاركان الأمريكية العامة التي وضعها رئيس أركان الجيش الأميركي الجنرال ريتشارد مايرز لاجتياح العراق بالاعتماد على عنصري السرعة والحسم قد فشلت حتى الان في تحقيق اهدافها الرامية إلى إفقاد النظام العراقي توازنه من اجل التعجيل بانهياره بأقصى سرعة ممكنة وقال الجنرال المعروف على مستوى عال في الاوساط السياسية والعسكرية في تصريح خاص ل «الجزيرة» ان العراق اختار تكتيكا ناجحا جدا في مواجهة الهجمة العسكرية الأمريكية عليه يعتمد على اقامة بؤر مقاومة تتمتع باكتفاء ذاتي لوجستي وعسكري وقيادي من شأنها تأمين اقصى المقاومة للدفاع عن مواقع ومناطق حيوية وسكنية معينة في ارجاء مختلفة من البلاد حتى ولو تمكنت الضربات الأمريكية من تدمير مقرات القيادة الرئيسية وشل الاتصالات السلكية واللاسلكية وتعطيل عقد المواصلات وطرق الامدادات ولاحظ الجنرال مانيلوف ان القيادة العسكرية العراقية استفادت كثيرا من الدرس الذي تلقنته في حرب عاصفة الصحراء عام 1991 وهي وضعت تكتيكها المضاد بالاعتماد على ان الامريكيين سيبدؤون المرحلة الاولى للحرب بشكل مشابه لما تم عام 1991وذلك بتوجيه ضربات جوية لاجهزة الرادار والدفاعات الأرضية لتدميرها وفرض سيادة جوية كاملة للقوات الأمريكية والبريطانية كما انها توقعت استخدام نوع جديد من القنابل تسمى القنابل الإلكترونية لتدمير أنظمة التحكم العراقية وذلك بهدف منع صدام حسين وكبار مساعديه من توجيه الأوامر لجنودهم لذلك عمدت إلى انشاء مراكز دفاعية ذات اكتفاء ذاتي بامكانها المقاومة والاعتماد على النفس امكاناتها الذاتية حتى دون توجيهات القيادة العليا واومر صدام حسين واركانه وقال انه وبخلاف ما كان الوضع عليه في حرب عاصفة الصحراء عام 1991 يبدو ان عمليتي الهجوم البري والجوي في هذه الحرب اكثر تداخلا.
وان القوات البرية الامريكية والبريطانية تتحرك بشكل مبكر في هذه الحملة على امل انه اذا كانت مقاومة الجيش العراقي ضعيفة فان القوات البرية ستندفع بسرعة اكبر لانهاءالحرب وحسم نتائجها لصالح واشنطن قبل ان تتحول المظاهرات الشعبية المعارضة لهذه الحرب إلى حملة عارمة تطيح بالكثير من حكومات الدول التي تؤيد الحملة الامريكية رغما عن أنف الرأي العام الداخلي لديها واشار الجنرال مانيلوف إلى ان الحملة العسكرية الأمريكية الراهنة ضد العراق تعتمد على ثلاثة عناصر هي: ضربات جوية وصاروخية مكثفة وحرب نفسية تهدف إلى إقناع القوات العراقية بعدم جدوى المقاومة وهجوم بري للسيطرة على بغداد لكنه اضاف ان خطط القادة الأمريكيين في تحويل الجيش العراقي إلى وحدات صغيرة معزولة بلا روح معنوية الأمر الذي يعني استسلامها بسرعة لم تنجح حتى الان على الاقل وتوقع هذا الجنرال الذي شغل منصب نائب رئيس الاركان الروسية العامة قبل بلوغه السن التقاعدية العام الماضي ان تمتد الحرب الأمريكية ضد العراق لفترة اطول بكثير مما يتوقعه الخبراء والمخططون الأمريكيون بحدود اسبوعين او ثلاثة وقال ان هذه الحرب قد تمتد إلى امد طويل يتجاوز 3-4 اشهر كما انها قد تكبد القوات الأمريكية والبريطانية خسائر كبيرة في الارواح لم يتوقعها قادة البنتاغون وجميع المتحمسين لشن هذه الحرب واعلن مانيلوف ان الموقف الذي تبنته روسيا ضمن سياق الحملة الراهنة ضد العراق هو موقف استراتيجي طويل المدى ومستند على معايير ومبادئ القانون الدولي وليس موقفا انتهازيا وقال ان موقع روسيا وموقفها المشترك مع بلدان أخرى لجهة دعوة المجموعة الدولية إلى المساهمة في الجهود السياسية والدبلوماسية الرامية إلى حث الولايات المتحدة الأمريكية على ايقاف العملية العسكرية ضد العراق بأسرع ما يمكن من اجل اتاحة الفرصة لايجاد حل لهذه الأزمة بالوسائل الدبلوماسية يهدف إلى الحفاظ على الامن والاستقرار العالميين قبل كل شيء.واوضح ان موقف روسيا مستند إلى المبادئ الأساسية الثلاثة: تفضيل الوسائل السياسية والدبلوماسية في حل النزاعات الدولية على تلك العسكرية، وتأييد اقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب والحفاظ على الأمن والإستقرار «تحت درع الأمم المتحدة مع الاخذ بالاعتبار آراء ومواقف كل البلدان» ومع ان هذا الجنرال لم يستبعد بالمطلق احتمال تحقق الهدف النهائي للحرب وهو اسقاط صدام حسين ونظامه الا انه قال ان السؤال الاهم هو: كم سيستغرق ذلك من الوقت؟ وكم سيتكلف من الأموال؟ وكم من الضحايا سيسقطون من الجانبين؟وختم الجنرال الروسي حديثه بالاشارة إلى ان الإجابات تتوقف أساسا على مدى مقاومة القوات العراقية وقدرتها على الصمود امام أعتى آلة حربية في العالم.
|