شارلت بيرز هي مساعدة وزير الخارجية الأمريكية لشؤون تحسين الصورة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي.. استحدث منصبها بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م.. استعداداً لخطة التغيير التي ستفرضها أمريكا على العالم عموماً والعرب والمسلمين خصوصاً.
استقالة السيدة بيرز تبدأ بنهاية شهر مارس 2003م.. استقالت وهي مستسلمة ومحملة اللوم كله على أفعال أمريكا السياسية والعسكرية.. التي لا تتيح للعطار فعل شيء لصورة أفسدها الدهر.. ويشاهدها العالم كله.
والسيدة بيرز على حق في بعض ما قالت لكن الحقيقة أنها تؤدي واجبها بشكل صحيح.. وإليكم قراءة لأدائها ونتائجه.
1- دشنت السيدة بيرز محطة راديو« سوا» أف أم في بلدان عربية محدودة، وهذه المحطة بعد سماعها تحس أنها في مرحلة تجريب ولم تتجاوزها بعد.. فهي تقدم الأغاني العربية والغربية دون محاور أو معلق ودون ذكر لاسم الأغنية أو مطربها.. أما الأخبار فتكتفي بإذاعة رؤوس العناوين الاخبارية.. وهي تفعل ذلك لعلمها ان الجميع قد صنفوها في خانة المعتدي.. إن لم تكن في خانة العدو.. هذه المحطة مفعولها سلبي.
2- كان من ضمن نشاط السيدة بيرز أيضاً حملة إعلانية.. اخفقت أخفاقاً ذريعاً لأنها صممت ووجهت للشريحة الخطأ.. وكأن لم يكف هذه الحملة من عوائق فزاد عليها منعها من البث في كافة تلفزيونات الشعوب المعنية ضغثاً على إباله كما يقال.
3- الخطأ القاتل لتلك الإعلانات انها كانت موجهه إلى العرب والمسلمين المقيمين في أمريكا.. ولم تكن أبداً موجهة للعرب والمسلمين المقيمين في بلاد العرب والمسلمين، وكان أولى بالسيدة بيرز بثها على محطات التلفزيون الأمريكي لعلها تساعد في دمج عرب ومسلمي أمريكا في المجتمع الأمريكي.. حتى لا يتحولوا إلى قنبلة موقوتة.. يصبح أحد أبنائها يوماً ما مصدر تهديد أو إرهاب لأمريكا ذاتها.
4- السيدة بيرز كان في يدها عناصر مهمة يمكن استخدامها كرسائل فاعلة.. موجهه للرأي العام العربي والإسلامي.. لكنها لم ترها.. صدام حسين لوحده كان فرصة ذهبية.. بما فعله بأهله ووطنه.. لكنهم حولوه إلى بطل.
ليس ذلك وحسب.. بل إنهم ساعدوا على تحويل مجمل الرأي العام العربي المتلفز إلى جانب أصوات الانفعال والخواطر الجياشة، والعنتريات التي ما قتلت ذبابة.. كما قال نزار قباني.
5- السيدة بيرز لديها أمثلة نجاح حقيقية للسياسة والحكم الأمريكي في بلدان مختلفة العناصر والدين وهي ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية.. وتلك أمثلة نجاح باهرة.. رغم ان الناس مازالت تذكر فيتنام وأفغانستان.
6- بل ان السيدة بيرز لم تستفد من أمريكا نفسها بما تمثله لشعوب العالم من أنها بلد الرفاه والمساواة والحرية الشخصية.. والفرص اللامتناهية.
7- مشكلة الخطاب الإعلامي الأمريكي الذي أدارته السيدة بيرز أنه خاطب العالم كما يخاطب الأمريكان أنفسهم.
لا أدري ماهي أسباب إخفاق السيدة بيرز.. هل هو بسبب خطأ في الإيجاز الذي حصلت عليه من مصادر المعلومات الأمريكية عن العرب والمسلمين وبالتالي بنت خطتها على معلومات خاطئة.. أم أنها افترضت أن العالم هو أمريكا، وأن الإنسان هو الأمريكي.. تماماً مثل ماري انطوانيت حينما دعت الفقراء لأكل البسكويت إن لم يجدوا الخبز.. أم أنها تعاملت معنا ومع حملة تسويق صورة أمريكا بنفس طريقة تعاملها مع تسويق رز «أنكل بنز» على الأمريكان ومن ورائهم العالم؟.
لا أدري لماذا أخفقت السيدة بيرز.. لكني أدري أنه إخفاق سيؤثر على حاضر ومستقبل علاقة العرب والمسلمين بأمريكا لمدة طويلة.
|