Tuesday 25th march,2003 11135العدد الثلاثاء 22 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

أمريكا قد تكسب الحرب..ولكن! أمريكا قد تكسب الحرب..ولكن!
يوشيبومي واكاميا (*)

يعتبر اليوم الأول لبداية الهجمات العسكرية على العراق نقطة تحول مهمة في تاريخ القرن الحادي والعشرين. فقد بدأ العالم في هذا اليوم بشكل جديد وتصميم تظهر فيه الولايات المتحدة كما لو كانت المنظم الأوحد له ولشعوبه ودولة بلا منافس. والأسوأ من ذلك أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها نزعت الفتيل لتقذف بالعالم في حالة من انعدام الوزن لا يمكن تخيلها. لهذا السبب فإن أمريكا قد تكسب هذه الحرب ولكنها سوف تخسر شرفها.
لم يكن أحد أسرع من الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مواساته للرئيس الأمريكي عقب الأحداث المأساوية في الحادي عشر من سبتمبر معربا عن أسفه الشديد لماحدث ومؤكدا على أن دولته سوف تساند الولايات المتحدة بكل ما تملك في محاربة الإرهاب، كما أن ما تحدث به الرئيس الفرنسي كان يعبر عن آراء المجتمع الدولي ككل.وبالرغم من ذلك ومنذ ما يقرب من 18 شهرا أصبح الرئيس الفرنسي يمثل صوت العقل في معارضته للرئيس الأمريكي واندفاعه وراء شن حرب على العراق. إن هذا التغيرالباعث على السخرية في وجهة النظر لهو خير مثال على ما تتبعه الولايات المتحدة من أسلوب تجاه العالم اليوم.
من الواضح أن الدول التي تعارض هذه الحرب على العراق تسعى في الأصل وراء مصالحها وأهدافها الخاصة، ولعل ما جعل أصدقاء الولايات المتحدة المخلصين مثل ألمانيا وفرنسا يقفون في الاتجاه المعاكس للولايات المتحدة هو سعي الأخيرة المستميت وراء مصالحها الخاصة دون التفكير في المصالح المشتركة بينها وبين الدول الكبرى الأخرى.لقد شهد القرن الماضي تدخلات كثيرة للولايات المتحدة في كثير من الحروب ممانتج عنه وقوعها في الكثير من المشكلات وارتكابها لكثير من الأخطاء، ولكن وبالرغم من ذلك فإنها قد نجحت في تخليص العالم من أنظمة دكتاتورية أمثال النظام الشيوعي. ولكن ماذا عن هذه الحرب الجديدة؟ إن الولايات المتحدة لم يسبق لها أن انخرطت في حرب تواجه مثل هذه المعارضة الدولية، الامر الذي وصفه الرئيس الأمريكي الأسبق، جيمي كارتر، بأنه حدث غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحضرة.
ولا أعني بذلك أن ألاسباب التي يتخذها الرئيس بوش ليس لها أساس؛ فأنا أوافق على أن أي جذور للإرهاب يجب أن تقتلع.
وأعتقد انه في مثل هذا العالم الذي يفعل فيه الإرهابيون ما يحلو لهم، يجب أن تلعب الولايات المتحدة دور الحارس الأمين والمنظم القوي بين هذه الدول، باعتبارها أقوى دولة في العالم.
ولكن هذه القوة قد تمثل لعنة من جهة أخرى. حيث أنه لا توجد دولة أخرى تماثل قوة أمريكا ولا حتى تضاهيها. والأكثر من ذلك أن القوة العسكرية الأمريكية لا يمكن أن تضاهيها الدول الأخرى مجتمعة وذلك ما يمكن أن يعرضها للتباهي والغرور بهذه القوة التي تملكها. إن هذه القوة العسكرية بالإضافة إلى القوة الاقتصادية التي جعلت أمريكا تنصب نفسها على رأس منظمي العالم الجديد قد أظهرت أمامها أعداء جدداً. ولا شك أن قيام الولايات المتحدة بخوض هذه الحرب على العراق دون تفويض دولي قد ضاعف حجم العداء لها كما زاد من رواج فكرة مناهضة الأمركة بين شعوب العالم وخاصة العالم العربي.ولنتساءل الآن عن عواقب هذه السياسة؟ لقد أصبحت أمريكا بمثابة السلطة التي تفرض سيطرتها حتى على أقرب المقربين لها. لقد رفضت كل من فرنسا وألمانيا التحرك معربتين عن معارضتهما لما تقوم به أمريكا من سيطرة فردية على العالم.
ولكن ما فعله رئيس الوزراء الياباني كان مختلفا عن ذلك. لقد فضل أن يسيرمع أمريكا وأن يقف إلى جانبها على عكس التيار العالمي. ففي رأي رئيس الوزراء «الانتهازي» أن السياسات الدولية كلها تدور حول مسألة القوة بالإضافة إلى أنه بذلك لن يخسر أبدا طالما أنه يساند الجانب القوي. من جهة أخرى نجد أن المستشار الألماني شرودر يتساءل مخاطبا الشعب الألماني في خطابه يوم الثامن عشر من مارس الحالي: «هل يبرر الخطر الذي يمثله الدكتاتور العراقي شن الحرب عليه؟ الحرب التي تعني قتل الآلاف من الرجال والأطفال والنساءالأبرياء؟».إن كلا من ألمانيا واليابان قد خرجتا من القرن الماضي ويداهما ملطختان بالدماء، الأمر الذي لن يجدي معه أي ندم. فكيف يمكن بعد ذلك لشخص مثل رئيس الوزراء ألا يهتم بذلك؟!. إن رئيس الوزراء الياباني قد أدلى بصوته الداعم لأمريكا لكي يتحول العالم إلى سيطرة الولايات المتحدة فقط ودون منازع.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved