لقد كان قدراً على هذه الأمة أن تحمل تلكم الرسالة العظمى التي حملتم إياها من قبل الله سبحانه وتعالى لإبلاغ هذا الدين وبيانه للناس كافة.
وكان قدر هذه الأرض المباركة والبقعة الميمونة أن كانت مصدر النور ومنبع الإيمان لذا كان لزاماً أن تنهض بهذا العبء الكبير من بين العالمين.
والدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء والمرسلين ومن بعدهم من العلماء العالمين والمحتسبين الراشدين.
لقد كان في كل زمن مضى وفترة انقضت من تاريخ هذه الأمة رجال يحملون مشعل هذه الرسالة ليبلغوه للناس ولينذروا قومهم لعلهم يحذرون.
واليوم ومع ما فتحه الله على بني الإنسان من علوم ومعارف مع تقارب المكان وتسارع الزمان وما استجد من وسائل وما ظهر من إمكانيات أوجب على أهل الإسلام أن يأخذوا بنصيبهم من ذلك كله.
ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد حين تقيم مثل هذا المعرض المخصص لوسائل الدعوة إلى الله فهي حينئذ تستشعر هذا الواجب وتحييه وتذكيه بين الناس وخصوصاً الشباب والأجيال القادمة، معرفة بالوسائل الشرعية اللازمة والواجبة مذكرة بالوسائل المعينة الرديفة التي تساعد على تحقيق هذا المطلب وفق الضوابط الشرعية المعلومة.
وإن ما حققه هذا المعرض من نجاح في محطاته الثلاث السابقة ليعزز النجاح القادم بإذن الله في محطته الرابعة منطقة القصيم.
وهو ما يكاد يجمع عليه الحاصفون فهذه المنطقة الزاخرة بتراثها وإرثها العلمي وتاريخها الدعوي سوف تستقبل هماً طالما حملته وهو الدعوة إلى الله.وإن النشاط العلمي والدعوي الذي تشهده المنطقة منذ أمد يعززان إقامة هذا المعرض في هذه المنطقة التي كان لها سبق في هذا الميدان معلوم عبر ابتكار وإبراز العديد من الوسائل الدعوية التي أثبتت نجاحها وأظهرت ثمارها.
ولا يسع الجميع هنا إلا أن يشكروا وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على حسن اختيارها لهذه المحطة الرابعة بهذه المنطقة ممثلة بمعالي وزيرها العلامة الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ والذي كان له له دور رائد وبارز في تطور وسائل الدعوة وتعددها وشمولها ونهوضها.كما أن المنطقة دوماً مدينة لأميرها الكريم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم وسمو نائبه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز على جهودهما الكبرى في هذه المنطقة علمياً وفكرياً وثقافياً ودعوياً واجتماعياً، كما أن لفضيلة مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور علي محمد العجلان جهوده الرائدة في ذلك نحو نشر الدعوة وتكثيف المناشط العلمية وتنظيمها، فله شكر مخصوص.راجين أن يكون هذا المعرض ساحة علم ودعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وفق أصولنا الشرعية وآدابنا الإسلامية ودعوة ديننا السمحة. وأن يحقق أهدافه المرجوة في النفع والفائدة.
الدولة السعودية في أطوارها ومراحلها قامت على الدعوة إلى الله المؤسسة على منهاج السلف الصالح، تعاهد الإمامان الجليلان: الإمام محمد بن سعود والإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - على نشر الدعوة الإصلاحية، وحماية الجزيرة العربية من مظاهر الشرك والانحراف والفساد وإلى هذا العهد المبارك والدعوة إلى الله تعد ركيزة أساسية من ركائز الحكم وأساس من أسس الإصلاح الذي قامت عليه، ولذلك فهي دولة تعتمد على تحكيم الكتاب والسنة في كل شأن من شؤون الحياة، وترى أن من واجبها أن ترعى كل جهد دعوي مخلص مؤسس على منهج سليم، وتعتمد في مناهجها وخططها على تحقيق أهداف الدعوة.
وقد تمثل هذا الجهد في جميع قطاعات الدولة ومؤسساتها، فلها إسهام في مجال الدعوة بطريق مباشر وغير مباشر، وذلك يدركه كل منصف ومتأمل، ويظهر جلياً من خلال الشواهد والأرقام والإحصاءات التي تشكل منظومة رائعة. تشهد بإنجازات ضخمة حققتها هذه الدولة المباركة، وقيام المملكة العربية السعودية بهذا الجهد الدعوي جاء نتيجة لعدة عوامل.
1 - أهمها إدراك الأئمة والملوك لأهم مقومات النصر والتمكين، وأن ما من الله عز وجل به على هذه البلاد وأهلها إنما جاء نتيجة لمناصرة دين الله وتحكيم شرع الله، وإقامة حكم الله ولن يتحقق ذلك إلا في ظل دعوة صحيحة.
2- إن هذه الدولة المباركة إنما أسست ونشأت على رعاية الدعوة، وكان الهدف الأساس هو تصحيح الأوضاع العقدية وتخليصها من شوائب الشرك والبدع والانحراف تلك المظاهر التي سببت الفرقة والنزاع والاختلاف، فجمع الله بهذه الدولة شمل هذه الجزيرة ، ووحدها بعد تفرق، فلا غرو أن تستمر تلك الجهود، وأن يرعى الأحفاد أصول الأجداد، ليستمر هذا الطود شامخاً عزيزاً بإذن الله.
3- ما من الله به على هذه الدولة المباركة حيث ضمت أقدس البقاع، وأطهر الأماكن وتشرفت برعاية هذه المقدسات، والقيام بشؤونها على أكمل وجه، وذلك بفضل الله حيث اختار لهذه الأماكن من قام بها خير قيام، وهذه المسؤولية مكنتها بفضل الله أن يفد إليها المسلمون من أقطار الأرض، ليؤدوا مناسكهم ويشهدوا منافع لهم. وهذا عامل مهم من عوامل قيامها بالدعوة.
4- نتج عن العامل السابق أن كانت هذه البلاد محط الأنظار، ومهوى الأفئدة ومصدر الوحدة، ومنبع الخير، فالمسلمون في شتى الأقطار، تتجه أنظارهم إلى هذه البلاد، ويجعلون من جهودها نبراساً يسيرون عليه وقدوة في الخير والدعوة، وأستطيع القول بأن كل جهد دعوي في أي مكان وعبر أي جهة نجد أن لهذه البلاد أثراً فيه إما دعماً ومساندة، أو تأصيلاً وتأسيساً، أو مشاركة فاعله أو استفادة غير مباشرة.
5- ومن العوامل المهمة أيضاً: أن قيام المملكة على رعاية الدعوة الإصلاحية أثمر رعاية وعناية ودعماً ومساندة للعلماء وطلاب العلم، وذلك منهج سارت عليه المملكة، وعمل دأب عليه ولاة الأمر، وشواهد هذا لا تحصى. ولا ينكر ذلك إلا مكابر أو جاحد أوجاهل. ولاشك أن هذا الجو المناسب تنمو من خلاله دعوة مؤصلة وجهود واضحة، تترك آثارها على المجتمع، ويستفيد منها القاصي والداني والبعيد والقريب وهذا ما حصل ويحصل وسوف يستمر بإذن الله.
6- يضاف إلى الأمر السابق العناية بالجهات والمؤسسات الدعوية، التي تنظم شؤون الدعوة وترعى مناشطها، وتعينها على الانتشار الأمثل، والأداء المؤصل، ويأتي في مقدمة تلك الجهات وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الحج والجامعات وما يتفرع عن تلك الجهات من مكاتب دعوية، ومؤسسات تعليمية وإن تعدد هذه الجهات كما يدل على العناية والرعاية فهو يدل من وجه آخر على شمولية النظرة وواقعية الهدف وثبات المبادئ.
تلك العوامل وغيرها كان وراء ذلك الاهتمام والعناية والرعاية للدعوة، حتى غدت هذه البلاد ولا زالت دولة الدعوة، وأنموذجاً فريداً في هذا المجال وغيره، وإن إقامة المعارض الدعوية التي يعرض من خلالها ما يكون معيناً على تطوير وسائل الدعوة، ويساعد في إنجاحها ما هو إلا أنموذج من نماذج كثيرة تشهد لما سطرناه وتظهر بجلاء أن تلك الرعاية لم تقم على أسلوب واحد دائماً وإنما تسعى للاستفادة من كل المعطيات الإنسانية والحضارية المفيدة والمثمرة والبناءة .
ولانملك ونحن نسطر هذه الجهود إلا أن نتوجه إلى الله العلي القدير أن يكلل تلك الجهود بالنجاح، وأن يحفظ لهذه البلاد أمنها وقادتها وأن يوفقهم إلى كل خير، وأن يرد عن بلادنا كيد الكائدين وعدوان المعتدين، إنه قريب مجيب.
|