لم تكن الدعوة إلى الله عبادة وهدياً، شرعة ومنهاجاً، مهمة مقصورة على الرجال، بل للنساء دورهن الكبير في تأدية هذا العمل، ولا فرق بينهن وبين الرجال «والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم»، والمرأة والرجل في ذلك سواء، «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون» فهذه المساواة الجزائية دليل على المهامية، فكما الرجل مطالب بالعمل والدعوة فالمرأة كذلك. ولكن!!!
لكل منهما قوالبه التي يندلق منها هذا البذل، وفق تأهيلات علمية شرعية نفسية اجتماعية... تتواءم ومتطلبات ساحة العمل الدعوي، وتعوزها اخلاقيات سلوكية نفسية اجتماعية تستلزمها هذه المهمة...
ولا يتمارى اثنان في كون المرأة الداعية أعرف بمثيلتها من حيث الشخصية، وأقدر على تفهم حاجاتها ورغباتها ومتطلباتها، وأقرب تعايشاً معها فما تواجهه من عراقيل ومشاكل، ينضاف إلى ذلك كوننا في مجتمع مسلم، نتفيأ فيه ظلال الحشمة والبعد عن الاختلاط وهذا من شأنه وجود بعض الحواجز التي قد تحجب الرؤية الحقيقية لواقع المرأة لدينا من قبل الإخوة الدعاة، ومن هنا تأتي أهمية وجود هذه الداعية وتأهيلها للقيام بهذه المهمة. وهي بذلك تختصر الطريق لتباشر العمل في الوقوف على مواطن الخلل، وأماكن النقص والزلل، وهذا من شأنه إيتاء ينع طيب تفيد ثماره المجتمع المسلم برمته... خصوصاً إذا علمنا مدى أهمية الدعوة في الأوساط النسائية التي ما هي إلا محاضن نتشوف إلى أجيالها... بناة للأمة وحماة للوطن.
ولم تكن الدعوة وممارستها - كعمل يتطلبه واقعنا المعايش - مقصورة على ذوات العلم وصاحبات المعرفة، ولم تكن محصورة على متخصصات في المجال الدعوي الذي باتت له مناهجه ومناشطه ومجالاته الرسمية المعدة من قبل وزارات الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد وخصصت له أقساماً في الجامعات الإسلامية، بل هي مهمة أرحب بكثير مما نتصور، وعالم واسع لا يُحجِّره تخصص فئة واشتغالها فيه؛ فالمرأة داعية في بيتها، في مكان عملها، في منتزهها، في كل مكان تذهب إليه هي داعية.
والمسلمة تمارس هذا العمل الجليل بألوان متعددة، وطرائق مختلفة، بدءاً بذاتها التي تجسد من خلالها ما تدعو الآخرين إليه، فهي تسعى - بعقيدتها ومبادئها وأخلاقها - إلى إيجاد المثل الاقتدائي ليكون أدعى لقبولها من لدن مدعواتها.
تمنياتي لكل أخت داعية بالتوفيق والسداد. ودعائي للجميع أن يرزقنا المولى الإخلاص في القول والعمل. إنه سميع مجيب.
(*) وكيل كلية الشريعة وأصول الدين بالقصيم والمشرف العام على المجمع الخيري ببريدة
|