Tuesday 25th march,2003 11135العدد الثلاثاء 22 ,محرم 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
صدمة الخصخصة..!
د. فارس محمد الغزي

فكرة «الصدمة: shock» ليست جديدة في أدبيات عصرنا الحديث لا سيما ما تمحور منها حول علاقة الإنسان بالمخترعات التقانية والفحوى السلبية لمنعطفات هذه العلاقة في كل مستقبل منظور انسانياً. وكما هو معلوم فلظاهرة «الصدمة» هذه أسباب عديدة منها ما يتمثل في عدم قدرة الإنسان على الصمود -قيميا ونفسيا- في وجه تطوره التقاني واعتماده المخل على الآلة التقانية. هذا ومن ضمن ما شاع - علمياً- في الماضي من صدمات ما عرف بالصدمة الحضارية/ الثقافية وصدمة المستقبل وفكرة صدام الحضارات وغير ذلك مما هو ليس بالجديد.. غير أن الجديد في هذا المضمار هو أن يكون للخصخصة صدمة تؤثر سلباً في صحة المنشأة المخصخصة مثلما تؤثر سلباً في الإنسان الصدمات المشار إليها آنفاً. هذا وتعرف صدمة المنشأة أو المؤسسة بصدمة الخصخصة « shock privatization»، وغالباً ما تحدث حين يتم تخصيص مؤسسات العالم الثالث الاقتصادية ذات الهياكل والبنى التقليدية الهشة. فقد يهيمن كما يقول العلم، أمر الاعداد لخصخصة الشركة على بقية أمورها الأخرى الضرورية، وقد يستغرق هذا الأمر جهود ادارة الشركة ويستهلك طاقات مسؤوليها فيصرف أنظارهم عن جوانب حيوية لا تحتمل الاهمال، كأن يتم صرف النظر عن مراعاة أهمية اعادة الهيكلة في المؤسسة أو تأخيرها الى وقت لا تنفع فيه الهيكلة. بالاضافة، من ضمن أسباب هذه الصدمة، إلى ما يتمثل في أن التخصيص بوصفه مفهوماً بمضامين تقدمية يخيف - ويمنح في آن - مناهضي التجديد في الشركة الأجواء أو الفرص المناسبة لمحاربة التجديد، ويزودهم بما يحتاجونه من مساحات معتمة لممارسة أساليب المناورة والكر والفر في سبيل اعاقة كل أسباب تحقيق الجديد على أرض الواقع.
والخصخصة لا شك نقلة حضارية / ثقافية قد تكون مفاجئة، والتغيير - حين يكون مفاجئاً وليس تدريجياً يحدث في البيئة نوعاً من الاغتراب القيمي / النفسي الذي قد يتسبب في عزل من يقع في براثنه عن الواقع، مما يحدث بدوره صدمة تربك طبيعة سرورة المنشأة المخصخصة وتعيقها عن تحقيق أهدافها المنشودة. إذن لا فرق في الوقوع عرضة للصدمات بين الانسان ومؤسسته، فمثلما يصيب هذا الانسان جديد المستقبل بصدمة المستقبل تصاب مؤسسته ذاتها بصدمة المستجدات عليها مستقبلياً، وانسانية الصدمات ليست إلا دليلاً أكيداً على انسانية المؤسسات الأمر الذي يفيدنا بأن الإنسان القادر على الصمود في وجه صدمات التجديد هو الفرد القادر أيضاً على ادارة المؤسسة - تحت التخصيص - على نحو كفيل بتحصينها ضد تبعات صدمات المستجدات كافة..

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved