المتابع للسوق المالي السعودي واقصد هنا سوق الاسهم خلال الأزمة الحالية والحرب المحتدمة بين الولايات المتحدة والعراق الشقيق ونلاحظ ان مسار سوق الاسهم السعودي يتجه عكس ما كان يتوقع بشكل كامل وبرغم أن الحرب تتزايد وتتصاعد إلا أن مؤشر سوق الأسهم تزايد أيضا واستمر هذا التزايد خلال الأيام الأولى للحرب وهو عكس ما كان قبل نشوب الحرب التي كان السوق خلالها منخفض المؤشر وكان يلامس المؤشر حدود 2500 نقطة أو أقل ولكن مع اندلاع الحرب ارتفع المؤشر العام للسوق ووصل إلى حدود 2700 نقطة وكان إغلاق السوق يوم الأحد هو 02 ،2632 وهو منخفضا عن يوم السبت ويوم الخميس السابقين حيث بدأ السوق يأخذ منحى منخفضا وبشكل متدرج وطفيف.
ولنطرح السؤال ما هو سبب ارتفاع مؤشر السوق بشكل عام للأسهم المحلية والذي عكس كل توقعات؟ وللإجابة على هذا السؤال نحتاج لتحليل دقيق لوضع السوق ولعل أبرز المؤشرات لارتفاع السوق يمكن تلخيصها بعدة أسباب وهي: كسر حالات الترقب المنتظرة للسوق وأقصد بها ما قبل الحرب حيث كان الوضع متوترا ولا يعرف هل هناك حرب أم لا أو ما هي رد الفعل المتوقعة للحرب مع أول رصاصة تطلق حيث خيم الترقب الشديد الذي أثر بشكل
رئيس على حالة السوق سواء بالبيع أو الشراء ولكن بعد اندلاع الحرب اتضح أن هناك سيطرة للحرب وأنها مسألة وقت لانتهائها كما يتوقع المراقبون، سبب آخر ممكن أن يضاف لارتفاع السوق وهو أن الأسعار وصلت لحدها الأدنى وأنها لن تهبط بأكثر من ذلك على أقل تقدير وهذا يعني أن رحلة صعود ستبدأ وهو ما تم فعلاً وأضرب مثالا ببنك الرياض قبل نشوب الحرب بأيام وصل السعر الى 248 ريال والسعر يوم السبت الإغلاق كان 279 ريال وهذا تم خلال ايام قليلة جداً أيضا شركة اسمنت تبوك وصلت قبل الحرب بأيام إلى 118 ريال تقريباً وإغلاق يوم السبت الماضي هو 128 ريال تقريبا نلاحظ انخفاض الأسعار لهذه الشركات والبنوك قبل الحرب وهي تعتبر بحدود دنيا ولم تصل لها من فترة وتوقفت عند هذا الحد على الأقل خلال هذه السنة ومع اندلاع الحرب ارتفعت بنسب جيدة جدا.
خلال الأزمات لا يمكن النظر الى التحليل المالي والموازنات للشركات والبنوك بالسوق المالي حيث يتوقف كل تحليل وكل رأي فهي ستتبع متغيرات الأزمة وهو ما تم خلال هذه الحرب المؤسفة وأيضاً ما تم خلال احداث الحادي عشر من سبتمبر حيث لم تخضع تغيرات السوق والمؤشرات لأي تحليل مالي أو بيانات لأي موازنة هنا يتوقف كل شيء وهذا يتبع متغيرات مدة الحرب النفط واسعاره برغم أن سوق الأسهم لدينا يرتبط بقوة بأسعار النفط كمؤشر للاسعار سعر الفائدة وسلسلة الخفض والعوامل النفسية والانفاق الاستهلاكي والتفاؤل والتشاؤم وغيرها من العوامل التي أثرت علي وتؤثر عليه بشمل ملموس بلا شك، أن سوقنا المحلي للأسهم وخلال هذه الأيام لا يخضع لأي مؤثرات لأي نتائج فقد يأتي نهاية شهر مارس الآن والحرب لم تنتهِ وهذا يعني نهاية الربع الأول للشركات في السوق وستعلن نتائجها وبرغم ذلك بتصوري الشخصي لن يكون هذا مؤثرا على سعر السهم بالارتفاع أو الهبوط فهي أسعار تخضع للأزمة وتطورات الحرب التي لا يعرف أين تنتهي او تقف.
هناك دور مهم للمضاربين ولا أقول المستثمرين الآن بسوق الأسهم السعودية حيث إنها الآن تعتبر فرصة كبيرة جداً لا تفوت لهم ولا يمكن تجاهلها لاستغلال الأزمة والمضاربة على الأسهم ولجميع الشركات وان كان هناك تركيز على قطاعات محددة كالبنوك والصناعة والخدمات نسبيا والأسمنت وشركة الاتصالات حيث هناك تداول كبير جدا مع أول أيام الحرب وبدأ ينخفض تدريجيا حيث اندفع الكثير للشراء خلال ارتفاع الأسعار وكثير اشترى في حالات الارتفاع وبدأ المضاربون يسربون أسهمهم عندها وبالتالي بداية رحلة الهبوط مع زيادة المعروض، ومن ثم بعد الانخفاض للأسعار تبدأ رحلة الشراء للأسهم وتبدأ رحلة الصعود والعملية بهذا الوصف ليس بالسهولة والانسياب التي قد يتصورها البعض بل تحمل الكثير من التعقيد والمخاطرة، والمهم هنا وبشكل رئيس هو الوقت للدخول والخروج ولكن للأسف غالبية الضحايا هم الصغار من المساهمين وهنا يطول الشرح بما يتعلق بكيفية المحافظة على استثماراتهم من هذه التيارات والأمواج الكبيرة من كبار السوق.
أخيراً السوق سيشهد تقلبات سعرية متسارعة جداً ولا يمكن التنبؤ بوضع السوق خلال دقائق ولا أقول أيام حالة الترقب مازالت تبعاً لظروف الحرب التي لا يُعرف وضوح تام ونهاية لها وستكون فرصة كبيرة جدا للمضاربين وغيرهم في حال التوقيت المناسب هو ارتفاع بشكل عام بعد كسر حالة الترقب في المنطقة كما قلنا وقلة أمد الحرب كما يتوقع الكثير وقلة المنافذ الاستثمارية وسرعة الحصول على السيولة في هذا القطاع تدفع الكثير الى أن تكون الأسهم ملاذاً آمناً أفضل من الأسهم في نظر البعض حيث الأسعار تعتبر مشجعة لهم وفرصة الأزمة تدفعهم لذلك حيث يتوقع الكثير أن مع الحرب يعني انهيار الأسعار وهذا غير صحيح والواقع المشاهد أمامنا نلاحظه وكما الكويت التي تعتبر منطقة حرب وأكثر خطورة أغلق سوقها المالي على ارتفاع السوق بشكل كبير وهذه دلالة على أن السوق في الأزمات لا يعني انخفاض السعر. سوق الأسهم لا توجد لها قاعدة ثابتة ولا يمكن الإفتاء بسوق الأسهم بقواعد ومسلمات ثابتة لأي محلل خبير ولكن هي رؤية وتحليل يحتاج التوقيت المناسب للخروج والدخول والقناعة بأي مكاسب تتحقق.
|